في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
بعد أشهر قليلة من توبيخ حاد وجّهه للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض، عاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب ليُظهر تحولا لافتا في موقفه من الحرب الأوكرانية، معلنا دعمه لقدرة كييف على استعادة كامل أراضيها من روسيا، في وقت لا تزال فيه سياساته العملية حذرة ومقيدة.
من "لا تملك الأوراق" إلى "قادرة على النصر"
في فبراير الماضي، قال ترامب لزيلينسكي في المكتب البيضاوي إن أوكرانيا "لا تملك الأوراق" في حربها مع روسيا. لكن أمام قادة العالم في نيويورك، وفي منشور على منصة "تروث سوشيال"، أشاد الرئيس الأميركي بأداء الجيش الأوكراني، مؤكداً أن "أوكرانيا، بدعم الاتحاد الأوروبي، في وضع يمكنها من القتال واستعادة كامل أراضيها الأصلية".
هذا التحول جاء، وفق مسؤولين أميركيين، ضمن محاولة للضغط على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لدفعه إلى تقديم تنازلات، في ظل تعثر موسكو عسكريا وتباطؤ اقتصادها.
تمهيد سياسي وميداني
قُبيل لقائه مع زيلينسكي، أحاط كبار المسؤولين الأميركيين ترامب بآخر تطورات الميدان، بينهم المبعوث الخاص إلى أوكرانيا كيث كيلوغ وسفير واشنطن الجديد لدى الأمم المتحدة مايك والتز. وأوضحوا للرئيس أن روسيا لم تحقق تقدما ملموسا خلال العامين الماضيين، وأن كييف تُحضّر لهجوم مضاد يحتاج دعما استخباريا أميركيا، وهو ما نشره تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال".
لكن مسؤولين أوضحوا أن التغيير في خطاب ترامب لم يترافق مع تبدل جوهري في السياسة. فما زال البيت الأبيض يسمح بتزويد أوكرانيا بالأسلحة، لكنه يقيّد استخدامها داخل الأراضي الروسية، ويُبدي ترددا في فرض عقوبات أوسع على موسكو.
زيلينسكي يستوعب دروس فبراير
ظهور زيلينسكي هذه المرة اختلف عن لقائه الكارثي السابق في فبراير. فقد تخلى عن الزي العسكري الذي أثار انتقادات في واشنطن، وارتدى سترة سوداء رسمية، وجلس إلى جانب ترامب وهو يثني على دعمه وجهوده لإنهاء الحرب.
وقال الرئيس الأوكراني لاحقا إن ترامب "يفهم الوضع جيدا، ومطلع على جميع جوانب الحرب"، مضيفا أن اللقاء كان "جيدا وبنّاءً".
مناخ مختلف عن الماضي
يأتي هذا التقارب بعد سلسلة من التوترات بين الطرفين. ففي الاجتماع السابق، وصف ترامب زيلينسكي بأنه "ديكتاتور بلا انتخابات"، بينما اتهم نائب الرئيس جي دي فانس الوفد الأوكراني بالجحود. وانتهى اللقاء آنذاك بطرد وفد كييف من البيت الأبيض.
غير أن لقاءً عابراً بين الزعيمين خلال جنازة البابا فرنسيس في الفاتيكان ساعد على كسر الجليد. فقد جلسا معا لـ15 دقيقة في كاتدرائية القديس بطرس، وصفها ترامب لاحقا بـ"اللقاء الجميل"، حيث وجّه للمرة الأولى انتقادات علنية لبوتين.
وعند عودة زيلينسكي إلى البيت الأبيض في أغسطس، بدا اللقاء أكثر ودية، إذ اقترح ترامب عقد مؤتمر سلام مع روسيا، فيما أشاد بمظهر الرئيس الأوكراني الجديد.
إشادة بكييف وانتقاد لموسكو
في نيويورك، ذهب ترامب أبعد من ذلك في انتقاداته لروسيا، واصفا جيشها بـ"البطيء" مقارنة بقدرات أوكرانيا الأصغر حجما، مؤكدا "احترامه الكبير لشجاعة الأوكرانيين". كما هاجم اقتصاد موسكو قائلا إنه "في وضع سيئ للغاية"، وأشاد بجهود وقف شراء النفط الروسي في أوروبا، متعهدا بالضغط على رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان لتغيير موقفه.
ردود فعل متباينة
في كييف، قوبلت تصريحات ترامب بمزيج من الترحيب الحذر والتشكيك. فقد نشر مدير مكتب زيلينسكي، أندري يرماك، صورة لتصريحات ترامب مرفقة برمز العضلة كإشارة إلى القوة. في المقابل، كتب نائب المعارضة ياروسلاف جيليزنياك أن كلمات ترامب "لا تعني شيئا" ولن تُترجم إلى خطوات ملموسة.
موقف روسيا والأمم المتحدة
من جانبه، علّق المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف قائلا إن موقف زيلينسكي يبدو مسيطرا حاليا على خطاب ترامب، لكنه أشار إلى أن موسكو ستسعى لإيصال وجهة نظرها للإدارة الأميركية. وفي هذا السياق، التقى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف نظيره الأميركي ماركو روبيو في نيويورك.
أما زيلينسكي، فألقى خطابا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة ركّز فيه على الدعوة لإدانة روسيا، محذراً من أن موسكو "تسعى لتوسيع طموحاتها في أوروبا". وأكد أن "أوكرانيا هي البداية فقط، والطائرات المسيّرة الروسية أصبحت تحلق بالفعل في سماء القارة". كما حذر من أن مولدوفا تتعرض لحملة تدخل روسي منظمة.