آخر الأخبار

المنازل المدمرة بديل النازحين المضطرين في غزة

شارك





غزة- مع تزايد النزوح وانعدام البدائل السكنية، لجأت أسرٌ غزية كثيرة إلى خيار قاسٍ وغير مألوف يكمن باستئجار منازل أو شقق مدمرة جزئيا بفعل القصف، وهي غالبا بلا جدران ولا أبواب أو نوافذ، أو حتى سقف مكتمل.

ويقوم المالك بتأجير المنزل أو الشقة مقابل مبلغ معين، ليس بالقليل، في حين يضطر المستأجر إلى ترميم غرفة أو غرفتين بمواد بسيطة، أو تغطيتها بالشوادر البلاستيكية والنايلون لتصبح صالحة للعيش ولو بالحد الأدنى.

هذا الحل المؤقت يكشف حجم الأزمة الإنسانية والمعيشية لعشرات آلاف النازحين، ويثير أيضا أسئلة عن غياب البدائل الرسمية والرقابة على مثل هذه الظاهرة، التي قد تُعرِّض حياة القاطنين فيها لأخطار كبيرة، سواء من ناحية احتمال سقوطها عليهم أو بسبب البيئة الصحية المتدهورة لانقطاع شبكات المياه والصرف الصحي في هذه المواقع.

رغم الخطر

ويقول المواطن إبراهيم حمدان إنه نزح من شمال مخيم النصيرات بعد قصف منزله واستشهاد أفراد عائلته، وسكن بخيمة في مخيم للنازحين، لكنه و بسبب ظروف العيش السيئ فيها، حيث لا تقي حر الصيف ولا برد الشتاء، وتغيب فيها الخصوصية والأمان، اضطر لتركها والبحث عن شقة للإيجار.

وفي ظل عدم توفر أماكن أو منازل وشقق فارغة بسبب تزايد أعداد النازحين وكثرة الطلب، لجأ حمدان لاستئجار شقة مقصوفة مرتين في برج الناصرة في مخيم النصيرات مقابل 150 دولارا شهريا.

كانت الشقة مليئة بالركام، وقد تداعت معظم جدرانها وتدمرت مرافقها، وتكلف حمدان نحو 450 دولارا في سبيل إصلاح جزء منها وجعلها صالحة للسكن.

مصدر الصورة الشوادر تحل مكان الجدران في الشقق المقصوفة التي يتم استئجارها لتأوي النازحين (الجزيرة)

ورغم ذلك، يقول "الشقة غير آمنة وآيلة للسقوط، وأي قصف قريب منها قد يسقط أجزاء من السقف علينا، كما تنتشر القوارض كالفئران والزواحف نتيجة الأنقاض، إضافة للحشرات الضارة التي يصعب مكافحتها، ولكنني مضطر لأنني لا أملك رفاهية الاختيار، فالشتاء على الأبواب، وهذه هي أفضل الأسوأ".

وتابع "تقع الشقة بالطابق 4 ولا يوجد بها خدمات مياه، حيث أضطر لشرائها ونقلها صعودا ونزولا عبر الدرج أكثر من 20 مرة يوميا لتعبئة جالون المياه الذي وضعته في الشقة، ما يرهقني جسديا وصحيا".

إعلان

وأشار حمدان إلى قلة المؤسسات الداعمة، حيث إن المبادرات القائمة لم تقدّم لهم أي شكل من الدعم أو الإغاثة، مما فاقم من معاناتهم اليومية وتركهم يواجهون مصيرهم وحدهم في ظل ظروف إنسانية بالغة القسوة.

مصدر الصورة محاولة ترميم إحدى الشقق المقصوفة رغم أوضاعها الخطرة (الجزيرة)

نزوح وتكدُّس

والمعاناة ذاتها عاشها أشرف النجار، الذي نزح من جباليا إلى حي النصر ثم إلى مخيم النصيرات مع إخوته الأربعة وعائلاتهم، واضطروا جميعا لاستئجار شقة مدمرة جزئيا في أحد الأبراج التي تعرضت للقصف، وكلَّفتهم بين استئجار وتنظيف ونقل وتوفير بعض المستلزمات كالخشب والشوادر وأدوات تجهيز المرحاض ما يزيد عن 4 آلاف دولار.

ويقول النجار للجزيرة نت، إنهم اضطروا للسكن في هذه الشقة المقصوفة والمنطقة الخطيرة بشمال النصيرات القريبة من محور نتساريم ، لعدم قدرتهم على العثور على مأوى بديل وبأجر معقول.

وأضاف "سنقوم بتقسيم الشقة بالخشب والشوادر إلى 4 غرف، لتحصل كل عائلة مكونة من 6 أفراد أو أكثر على غرفة، ويشتركون في حمام واحد يتم تجهيزه".

مصدر الصورة شقق مقصوفة شمال مخيم النصيرات يتم تأجيرها رغم خطورة السكن فيها (الجزيرة)

خيارات محدودة

من ناحية أخرى، يقول محمد أبو يوسف، وهو صاحب شقة في بناية سكنية تعرضت أجزاء كبيرة منها للقصف والتدمير واضطر لمغادرتها والسكن في بيت العائلة، "رغم المخاطر، هناك حاجة كبيرة للاستئجار، خصوصا من العائلات التي لا تجد مكانا يؤويها، والبعض يفضّل المخاطرة بالعيش في شقة متصدعة على أن يبقى في خيمة أو مدرسة مكتظة، فالنازحون لم يعد أمامهم خيارات كثيرة، والمأوى بات يشكل أزمة كبيرة".

يقول الرجل إنه اضطر لتأجير شقته المتصدعة لعائلتين "بسعر معقول" 1200 شيكل (350 دولارا) شهريا، يتقاسمون أجرتها والعيش فيها بالاتفاق بينهم من أجل تخفيف آثار الغلاء الفاحش والاستغلال الكبير لحاجة النازحين والأسعار الخيالية التي يطلبها أصحاب المنازل والشقق أو الأراضي.

صدمات وتأثيرات

من جهته، يرى الخبير في الصحة النفسية والمجتمعية أحمد حمد أن السكن في شقق وبيوت مدمرة في مثل هذه الظروف يؤثر على الصحة العامة، حيث يرتبط الضغط النفسي المتواصل بأمراض جسدية مزمنة.

وقال حمد للجزيرة نت إن "السكن فيها يترك آثارا نفسية واجتماعية عميقة على الأفراد، حيث يشعر السكان بالخوف المستمر والقلق من تكرار الهجمات، مما يزيد احتمالية الإصابة بالاكتئاب واضطرابات النوم".

وأضاف "سيعاني الأطفال من صدمات نفسية تؤثر على سلوكهم، وقد تظهر لديهم علامات التوتر والعنف، وتتأثر العلاقات الأسرية نتيجة الضغط النفسي، فتكثر المشاجرات والتوتر بين أفرادها".

كما "يشعر السكان بالخوف والرهبة والعزلة والانطواء، كما تتأثر الهوية الاجتماعية والانتماء للمكان بسبب تدمير البيوت وفقدان الذكريات المرتبطة بها، ويزيد الإحساس بالعجز وفقدان الأمان".

مصدر الصورة النازحون يقومون بتقسيم الشقق إلى غرف عبر قواطع خشبية أو بلاستيكية ويشتركون بخدماتها (الجزيرة)

معاناة وتحديات

مع محدودية البدائل يلجأ النازحون إلى أي مكان متاح، إذ إن الخيام التي تُوزَّع لا تغطي سوى جزء محدود من الحاجة، خصوصا مع تزايد أعداد النازحين الذين دفعهم القصف الإسرائيلي المتواصل على مدينة غزة ومناطق شمال القطاع للهرب نحو وسط وجنوب قطاع غزة .

إعلان

يقول شريف النيرت، وهو مسؤول إعلامي بأحد المشاريع الإغاثية، للجزيرة نت، إن حجم النزوح الكبير من غزة والشمال إلى المنطقة الوسطى والجنوب يضع كل المؤسسات الدولية والإغاثية العاملة في القطاع، تحت ضغط كبير لتلبية احتياجات النازحين من توفير أماكن لهم رغم ضيق مساحات الإيواء، وخيام، وطرود غذائية، وأغطية، وفرشات، وغيرها من المستلزمات الضرورية.

وفي هذا السياق، قال القائم بأعمال مسؤول اللجنة المصرية لإغاثة غزة، معين أبو الحصين، إن اللجنة انتهت من إقامة مخيم للنازحين في المدينة الرياضية التابعة لبلدية النصيرات شمال المخيم، بمساحة 23 دونما (الدونم يساوي ألف متر مربع)، يضم 500 خيمة ويؤوي ما يزيد على 3 آلاف نازح، وأشار -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن الجهود مستمرة لإقامة العديد من مخيمات الإيواء.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا