سواء كان القتل في طوابير البحث عن الماء أو الطعام، أو داخل المنازل، أو في الخيام أو في الكنائس، فإن الجيش الإسرائيلي الذي قتل مئات الأبرياء هذا الأسبوع أيضا في غاراته على غزة ، لا يرى حاجة لشرح هذه السياسة للجمهور.
بهذه المقدمة بدأت صحيفة هآرتس مقالا بقلم نير حسون، استعاد فيه مشاهد من القتل اليومي الذي يمارسه جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة، فهذا رجل يحمل جثة ابنه الأصغر الذي قتل مع 7 أشخاص، وهو يصرخ بغضب "لماذا ذهبتم لجلب الماء؟".
وهناك أيضا سقط صاروخ على شارع في دير البلح على عدد من السكان ينتظرون الحصول على مكملات غذائية، فالتقط أحدهم مشهدا مرعبا من خلال الغبار، حيث بدا الأطفال والنساء والرجال ممددين على الرصيف والطريق، بأطراف محطمة تنزف، وبقيت 15 جثة على الطريق، 9 منهم أطفال.
وقتل مئات آخرون على مدار الأسبوع في سلسلة من الحوادث المروعة -كما يقول الكاتب- فيوم السبت قتل 28 شخصا وهم في طريقهم إلى محطة توزيع الغذاء التابعة ل مؤسسة غزة الإنسانية ، ويوم الأحد قتلت عائلة القريناوي في خيمة للنازحين في المواصي ، وفي اليوم نفسه أصاب صاروخ خط توزيع المياه.
ويوم الثلاثاء أصاب صاروخ منزل عائلة عرفات في حي التفاح ، ونجت حلا عرفات (35 عاما)، ولكن أفراد عائلتها وفرق الإنقاذ لم يتمكنوا من مساعدتها بسبب طائرات بدون طيار تهاجم كل من يقترب، ولم يسمح لفرق الإنقاذ بالاقتراب إلا بعد نحو 8 ساعات، فكانت هالة قد فارقت الحياة، وكذلك زوجها وأطفالها وصهرها وزوجته، أي ما مجموعه 13 فردا من أفراد العائلة، حسب الكاتب.
وبعد سرد عدد آخر من حوادث القتل، استغرب الكاتب أن يكون رد الجيش في دولة تدعي الديمقراطية، أن يشترط تقديم أرقام إحداثيات مكونة من 16 رقما قبل أن يوضح سبب مقتل عشرات الأبرياء، ورأى في ذلك دليلا على الواقع المريع الذي اعتاده الإسرائيليون.
ولم يصدر أي رد فعل من النظام الإسرائيلي إلا في حالتين -كما يقول الكاتب- إحداهما قال فيها المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن إصابة خط المياه سببها "عطل فني في التسليح" أخطأ هدفه بعشرات الأمتار، أما الثانية، فهي إصدار وزارة الخارجية بيانا بعد إصابة مبنى كنيسة العائلة المقدسة في مدينة غزة ، أعربت فيه عن "حزنها العميق للأضرار التي لحقت بالكنيسة ولجميع الضحايا المدنيين".
أما فيما عدا ذلك فلم يقدم أي تفسير لمواطني إسرائيل يشرح القتل الجماعي اليومي وما الأهداف منه؟ وتساءل الكاتب كيف يعقل أن يقتل الجيش عشرات الأشخاص غير المشاركين يوميا، مستنتجا أن جيش إسرائيل لم يعد ينظر إلى مقتل الأطفال والنساء والرجال العزل كمشكلة أخلاقية أو مهنية.
وخلص نير حسون إلى أن نسبة متزايدة من المجتمع الإسرائيلي أصبحت تعتزل الجيش، حيث أحرق فتيان وفتيات طلبات تجنيدهم هذا الأسبوع، مشيرا إلى المقاطعة العلنية والسرية لدولة إسرائيل، ومذكرا بأن شعار "الموت لجيش الدفاع الإسرائيلي" الذي ولد في حفل موسيقي في إنجلترا ينتشر على مواقع التواصل الاجتماعي.
وختم الكاتب بأن كل هذا لا يمثل إلا غيضا من فيض الضرر الذي ستلحقه هذه السياسة المتهورة في إطلاق النار بالمجتمع الإسرائيلي، مؤكدا أن الثمن سيدفع من خلال صدمة الجنود وما بعدها، وتساءل هل تساهم هذه الهجمات في الأمن؟