آخر الأخبار

الغيبوبة: بينهم شارون و"الجميلة النائمة"..من هم الأطول غيابا عن الوعي في تاريخ البشرية؟

شارك
مصدر الصورة

ما بين اليأس والرجاء يرقد العديد من البشر في حالة غياب تام عن الوعي، وكأنهم نياما في عالم مجهول، ويقف حولهم أحباؤهم ينتظرون أية إشارة على التعافي أو العودة للوعي، ولكن قد تنتهي الرحلة بالموت بعد سنوات من الانتظار.

لم تكن حالة الأمير السعودي الوليد بن خالد بن طلال، الذي ظل في غيبوبة كاملة لمدة 20 عاماً حتى وفاته يوم السبت، هي الأولى من نوعها في العالم أو الأطول في التاريخ، بل سبقته حالات أكثر غرابة ومتعددة الأسباب. منهم من عاد إلى الوعي ومنهم من ظل غائباً إلى الأبد.

وقبل رصد حالات الغيبوبة المثيرة والأطول في التاريخ، سواء انتهت بالوفاة أو العودة من المجهول، نوضح أولا ماذا تعني الغيبوبة، وهل هي مثل النوم وما الفرق بينها وبين توقف الدماغ، طبيا.

هل الغيبوبة نوم عميق؟

تتفق حالتي النوم والغيبوبة في أن الإنسان يفقد خلالهما الوعي، لكن ما اختلاف شدته وأسبابه والمدة التي قد يقضيها الإنسان في هذه الحالة، كما أن التنفس يكون طبيعيا في الحالتين والقلب ينبض أيضا.

بحسب التعريف الطبي فإن الغيبوبة حالة فقدان وعي كامل، إلا أن الدماغ البشري لا يستجيب خلالها يمكن لأي مُحفِّز خارجي (كالأصوات أو الأحاسيس) التي يمكن أن تحفز الدماغ على الاستيقاظ واليقظة، وهي نتيجة تلف في مناطق الدماغ المسؤولة عن الوعي، والوعي بالذات والشخصية، نتيجة عوامل داخلية مثل نزيف في المخ أو تلف بالدماغ، بسبب حوادث خارجية أو أمراض.

بينما أثناء النوم يمكن الاستجابة للمحفزات الخارجية والانتباه لها واليقظة أيضا، والهدف منها هو الراحة واستعادة الطاقة، ولا تحتاج إلى أسباب داخلية أو خارجية لحدوثها، فهو من الاحتياجات الفسيولوجية للإنسان ويحدث بصورة طبيعية.

ومن مؤشرات تشخيص الغيبوبة:

الشخص الذي يعاني من غيبوبة لا يظهر أي رد فعل ذي معنى، مثل تتبع شيء ما بعينيه أو الاستجابة للأصوات، كما أنه لا يظهر أي انفعالات عاطفية.

حالة الغيبوبة المستمرة أو المتواصلة هي حينما يحدث ذلك لمدة تزيد عن أربعة أسابيع.

حالة الغيبوبة الدائمة تعرف بأنها أكثر من ستة أشهر، إذا نتجت عن إصابة في الدماغ ناتجة عن غير الصدمات، وأنها أكثر من 12 شهرا إذا كانت ناتجة عن الصدمات مثل كدمة بالرأس.

إذا كان الشخص في حالة غيبوبة دائمة يكون شفاؤه صعبا للغاية، لكن ليس مستحيلا.

وهناك حالة أخرى قد تؤدي لفقدان الوعي تسمى الموت الدماغي، وهي إصابة الشخص بتلف دماغي شديد لدرجة أنه يصبح غير قادر على التنفس بمفرده، ويحتاج إلى وضعه على جهاز التنفس الصناعي.

لكن وفقا لأطباء أمريكيين يمكن للإنسان القيام بوظائف حيوية أثناء الغيبوبة، منها الحمل مثلا، وهو ما حدث في الولايات المتحدة عام 2019، عندما أعلنت الشرطة في ولاية أريزونا الأمريكية، عن حمل سيدة وهي في الغيبوبة منذ 10 سنوات وتمت ولادة الطفل بنجاح.

وطلبت الشرطة تحليل الحامض النووي لأفرادها الذكور الذين عملوا في دار للرعاية الطبية، وكانوا يتولون حراسة السيدة، التي تعرضت لحادث كادت أن تغرق فيه.

وفي البرتغال أعلن الأطباء في 2019 عن ولادة طفل لسيدة كانت في غيبوبة لعدة أشهر وهي حامل، وكانت تعاني من موت دماغي، بعد تعرضها لأزمة ربو حادة في منزلها.

وولد الرضيع، الذي أطلق عليه اسم سالفادور، بعد فترة حمل لنحو 32 أسبوعاً، ويتلقى حاليا الرعاية في مستشفى لرعاية حديثي الولادة.

الغيبوبة الأطول في التاريخ

مصدر الصورة

ومن أطول حالات الغيبوبة التي شجلها التاريح، بحسب موسوعة غينيس للأرقام القياسية، كانت بطلتها الأمريكية إدواردا أوبارا، التي عُرفت باسم "سنو وايت"، مواليد 1953، وظلت في غيبوبة لمدة 42 عاماً، ورغم أن أسرتها لم تفقد الأمل إلا أنها انتهت بالوفاة عام 2012، وعمرها 59 عاماً.

وبحسب التفاصيل الطبية فقد أصيبت إدواردا بغيبوبة نتيجة إصابة بمرض السكري، عام 1970، عندما كانت طالبة في المدرسة الثانوية، عندما مرضت فجأةً، وتقيأت دوائها، ودخلت في غيبوبة سكري.

وتمكست والدتها كاري بالأمل ورفضت كل محاولات قطع العلاج عنها، واستمرت بجوار ابنتها حتى توفيت الأم عام 2008، وعمرها 80 عاما، وبعدها تولت شقيقتها كوليين رعايتها.

الغيبوبة القاتلة

مصدر الصورة

ومن أبرز الحالات التي انتهت بالموت أيضا بعد سنوات من الغيبوبة:

إيلين إسبوزيتو، أو "الجميلة النائمة" كما أطلقوا عليها، من مواليد 3 ديسمبر/كانون الأول 1934، وفي يوم اشتكت من الزائدة الدودية وعمرها ست سنوات، ودخلت المستشفى لعمل الجراحة عام1941، لكنها لم تخرج أبداً وظلت في غيبوبة لأكثر من 37 عاماً، وأُعلنت وفاتها رسمياً في 25 نوفمبر/تشرين الثاني 1978.

ومن أشهر من أصابتهم الغيبوبة وتوفى بسببها كان رئيس وزراء إسرائيل السابق أرييل شارون، وظل فاقدا للوعي طوال ثماني سنوات، حتى إعلان وفاته وعمره 85 عاما.

أُصيب شارون بجلطة دماغية بسيطة للمرة الأولى ودخل المستشفى في 18 ديسمبر/كانون الأول 2005 تعافى منها بسرعة، لكنها تحولت إلى سكتة دماغية حادة في 4 يناير/كانون الثاني 2006، دخل على إثرها في غيبوبة عميقة.

أبقاه أبناؤه على قيد الحياة بواسطة أجهزة طبية، ولكن لم يظهر أي علامات على تحسن أو خروجه من الغيبوبة.

وفي 2010 قال مدير المستشفى المشارك في رعاية شارون إنه لن يعود للوعي، لأن دماغه تقلص وصار في " حجم ثمرة الجريب فروت، وأجزاء كثيرة اضمحلت وصارت مادة خام سائلة"، وتم الإعلان عن الوفاة رسميا في 11 يناير/كانون الثاني 2014.

المليونيرة الأمريكية سوني فون بولو، كانت من مواليد سبتمبر/أيلول 1932 عاشت قرابة 28 عاماً في حالة غيبوبة دائمة، من ديسمبر/كانون الأول 1980 حتى وفاتها في دار رعاية في مدينة نيويورك في 6 ديسمبر/كانون الأول 2008.

أما أغرب حالات الغيبوبة التي انتهت بالوفاة فكان بطلها تيري واليس، الذي ظل غائباً عن الوعي 20 عاماً، من يوليو 1984، بسبب حادث سيارة، حتى 12 يونيو 2003 وأفاق ثم مات.

مصدر الصورة

أما المراهق البريطاني أنثوني بلاند، فقد دخل في غيبوبة لمدة خمس سنوات بسبب تشجيع ليفربول، حيث كان من ضحايا كارثة هيلزبرة في 15 أبريل/نيسان 1989، الأكثر دموية في التاريخ البريطاني والتي سُحق فيها 95 مشجعًا حتى الموت في مدرجات الملعب.

وتعرض الشاب الذي لم يتجاوز عمره 17 عاما وقتها للدهس مما تسبب في تلف دماغي حاد تركه في حالة فقدان وعي دائمة، وظل على أجهزة التنفس الصناعي حتى توفى في 3 مارس/آذار 1993.

بعيدا عن الحوادث والأمراض، قد تؤدي بعض العادات الخاطئة إلى الغيبوبة الطويلة، وهو ما حدث مع الأمريكية كارين آن كوينلان، التي استمرت في غيبوبة لـ 10 سنوات.

ففي 14 أبريل/نيسان 1975، وبعد سهرة مع أصدقائها تناولت خلالها الكحول والمهدئات، دخلت الفتاة البالغة وقتها 21 عاماً في غيبوبة. والغريب أن والداها طلبا إنهاء المعاناة بعد خمسة أشهر، لكن الأطباء منحوها الحق في الاستمرار في الحياة، وبعد 10 سنوات توفيت بسبب الفشل الرئوي في 11 يونيو/حزيران 1985.

ومن الأسباب الأخرى للغيبوبة، الإصابة بالرصاص، وهو ما حدث مع الشرطي الأمريكي غاري دوكري، عندما أصابه شخص مخمور برصاصة في رأسه في 17 سبتمبر/أيلول 1988. وعاش في حالة أشبه بالغيبوبة لمدة ثماني سنوات، في دار رعاية. ولكن بعد خضوعه لجراحة في الرئة في أوائل عام 1996، استيقظ دوكري من الغيبوبة فجأة وبدأ يتحدث بلا توقف ، لكن المعجزة لم تدم طويلًا، ومات بعد 18 ساعة.

في أحد أفلام هوليوود أصيب الممثل البديل للنجوم (الدوبلير) إيفيل نيفيل، في 31 ديسمبر 1967 أثناء محاولته القفز فوق النوافير خارج قصر سيزرز في لاس فيغاس على دراجة نارية. ودخل في غيبوبة 29 يوماً، وتوفى بعدها.

عائدون من المجهول

مصدر الصورة

ليس الموت دائماً هو النهاية الحتمية للغيبوبة فهناك أيضاً من أصيبوا بفقدان الوعي ثم عادوا مرة أخرى وتعافوا وعاشوا لسنوات إضافية، وأطول من دخل غيبوبة واستيقظ منها كان الأمريكي ليونارد لوي، مواليد 1939، وظل في غيبوبة أكثر من 30 عاماً، بداية من 1939 حتى 1969، بسبب التهاب الدماغ النوام. ونجح الدكتور أوليفر ساكس في إيقاظه هو وعدد من مرضى الغيبوبة المرتبطة بالإنفلونزا الإسبانية باستخدام دواء يُسمى ليفودوبا أو إل-دوبا.

ومن أبرز الحالات أيضا وأطولها الكندية آني شابيرو، مواليد 1913، ودخلت في غيبوبة 29 عاماً، بدأت بإصابتها بسكتة دماغية مفاجأة في متجرها لبيع الملابس عام 1973، وظلت حتى 1992، وعاشت بعدها 11 عاما حتى توفيت في 2003، وألهمت قصتها صناع السينما وتحولت إلى فيلم أمريكي بعنوان "الحب الأبدي" عام 1998.

أما الإماراتية منيرة عبد الله، فقد ظلت في غيبوبة 27 عاما، بعد حادث سيارة في عام 1991، وبعد رحلة علاج طويلة ما بين الإمارات وألمانيا استعادت وعيها فجأة في يونيو/حزيران 2018، ومازالت على قيد الحياة.

دخل الأمريكي تيري واليس، في غيبوبة لمدة 19 عاما، وهو من مواليد 1964، وأُصيب في رأسه جراء حادث في 1984، واستيقظ في 2003، وتوفى في 2022.

وخلال فترة مرضه وتعافيه خضع لدراسات وأبحاث طبية معمقة حول قدرة الدماغ البشري على إصلاح نفسه واستعادة نشاط الخلايا مرة أخرى.

أما قصة توماس هيل، مع الغيبوبة فبدأت عندما حاول الانتحار في 2010، ورغم أنه فشل في الانتحار إلا أنه دخل في غيبوبة لمدة 12 عاما واستيقظ في 2022، وهو من مواليد 1988، ومازال على قيد الحياة.

دونالد هربرت، رجل إطفاء أمريكي من مواليد 1961، قضى في غيبوبة أكثر من 9 سنوات، بعد أن انهيار مبنى محترق وهو بداخله في 1996، وفي 30 أبريل/نيسان 2005، واستيقظ وتمكن من التحدث إلى أصدقائه وعائلته، وتوفي بسبب الالتهاب الرئوي في 21 فبراير/شباط 2006، عن عمر يناهز 44 عاماً.

كما نجا عامل السكك الحديدية البولندي يان جرزيبسكي، من غيبوبة استمرت أربع سنوات، بعد إصابته أثناء عمله في محطة قطارعام 1988، استيقظ عام 1991، وعاش حياته بعدها حتى وتوفى عام 2008.

أما الجنوب أفريقي ريان بولتو، فقد دخل في غيبوبة ثلاث سنوات، بعد الإصابة في حادث سيارة 2003، وظل غائباً عن الوعي حتى 2006، ومازال حيا حتى الآن.

أما مارتن بيستوريوس، من مواليد 1975، في عام 1994 دخل في غيبوبة كاملة لمدة 3 سنوات، جراء حادث، وفي السنة الرابعة استعاد وعيه جزئياً، وفي السنة الخامسة كان قادراً على تحريك عينيه، ليستعيد وعيه بالكامل في 1999، وتعافى بشكل كامل تحسنت قدراته العقلية بعد الغيبوبة حتى أنه أصبح مصمم مواقع ويب ومطوراً ومؤلفاً، وفي عام 2011، ألّف كتاباً عن سنوات الغيبوبة، بعنوان "الفتى الشبح."

ومن الأسباب الأخرى للغيبوبة أيضا الضرب، وهو ما حدث مع الأمريكية واندا بالمر، من مواليد 1970، وتعرضت لاعتداء وضرب من مجهول في يونيو/حزيران 2020، ومن شدة الضرب دخلت في غيبوبة لمدة عامين واستيقظت في 2022، وكانت المفاجأة بعد أن استيقظت أنها كشفت الجاني وكان شقيقها دانيال، وتم القبض عليه وتوفى في السجن بعد أيام، أما هي فمازالت على قيد الحياة.

لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
بي بي سي المصدر: بي بي سي
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا