مع دخول حرب غزة شهرها العشرين، استخدمت الولايات المتحدة يوم الأربعاء 4 يوينو/ حزيران حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي لمنع صدور قرار يطالب بوقف فوري ودائم لإطلاق النار في غزة والسماح بدخول المساعدات الإنسانية بلا قيود إلى القطاع المحاصر.
وبررت واشنطن موقفها بأن مشروع القرار يعرقل الجهود الدبلوماسية للتوصل إلى حل للنزاع.
وجاء التصويت على المشروع بعد تقديمه من الدول غير الدائمة في مجلس الأمن، حيث حصل على تأييد 14 دولة، بينما عارضته الولايات المتحدة وحدها.
وأكدت المندوبة الأمريكية دوروثي شيا أن القرار "يخلق مساواة زائفة بين إسرائيل وحماس ويشجع الحركة على الاستمرار"، معتبرة أن الحل يجب أن يعكس "الواقع الميداني".
وشدد مشروع القرار الذي تم التصويت عليه على ضرورة وقف إطلاق النار "بشكل فوري وغير مشروط" والإفراج عن جميع الرهائن دون شروط، كما أشار إلى "الوضع الإنساني الكارثي" في غزة ودعا إلى الرفع الكامل لكل القيود على دخول وتوزيع المساعدات الإنسانية، بما في ذلك عبر الأمم المتحدة.
ويعد هذا أول تصويت يجريه المجلس بشأن حرب غزة منذ نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، حين عطلت واشنطن مشروع قرار مشابه في عهد الرئيس السابق جو بايدن.
أما آخر قرار صدر عن المجلس فكان في يونيو/ حزيران 2024، حين تبنى خطة أمريكية تدعو إلى وقف إطلاق نار تدريجي وإطلاق سراح رهائن إسرائيليين، لتتحقق الهدنة مؤقتا في يناير/ كانون الثاني 2025.
يأتي الفيتو الأمريكي بعد أن شهدت الأسابيع القليلة الماضية تغيرا ملحوظا في مواقف عدة دول أوروبية بشأن حرب غزة.
فبعد شهور طويلة من الدعم أو غضّ الطرف، أخذت دول، مثل فرنسا وبريطانيا، وحتى ألمانيا، تزيد من حدة انتقاداتها لسياسات إسرائيل بشأن حرب غزة.
كما اتخذت دول أخرى إجراءات دبلوماسية وقانونية، الأمر الذي يدل على بدء تغير الموقف الأوروبي تجاه إسرائيل منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
فقد دعت كل من إسبانيا وإيرلندا وسلوفينيا والنرويج، التي انتقدت منذ البداية هذه الحرب، إلى قبول دولة فلسطين كاملة العضوية في الأمم المتحدة، وأكدت في بيانٍ في 28 مايو/ أيار 2025 التزامها بتنفيذ حلّ الدولتين، وذلك بعد عام من اعترافها الرسمي بدولة فلسطين.
وتأتي هذه الدعوة، بعد تلويح باريس ولندن وبرلين بمراجعة العلاقات وفرض عقوبات على إسرائيل، وإعلان سبع دول أوروبية، في 16 مايو 2025، موقفًا مشتركًا دعت فيه إسرائيل إلى إنهاء الحصار المفروض على قطاع غزّة فوراً، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية من دون عوائق، ووسط دعوات إلى ربط العلاقة مع إسرائيل بالتزامها بالقانون الدولي وحقوق الشعب الفلسطيني.
ويرى مراقبون أن الجامعة العربية لم تفعل أيا من أدواتها الدبلوماسية منذ اندلاع الحرب، واكتفت ببيانات رسمية ترواحت بين الدعوة إلى "وقف التصعيد ومناشدة المجتمع الدولي التدخل" دون اتخاذ أي قرارات حقيقية على الأرض.
في حين يرى آخرون أنه كان بإمكان الحكومات العربية اتخاذ مواقف كاستدعاء السفراء، أو تجميد اللقاءات الثنائية، أو حتى التهديد بوقف التطبيع مع إسرائيل لإنهاء الحرب وهو ما لم يحدث.
الكاتب والمحلل السياسي دكتور حسام الدجني، يرى أن هناك تباينا في المواقف الدولية، حتى فيما بينها وبين المواقف الإقليمية، تجاه القضية الفلسطينية وحرب غزة.
ويضيف الدجني في تصريحات لبرنامج نقطة حوار، أن "الموقف الأمريكي على وجه التحديد هو الأكثر أهمية من بين هذه المواقف والذي تجسد في الفيتو الأخير وهو يحكم نظرته للمنطقة، فهو عندما ينظر إلى الإقليم والعالم العربي وحالة ردة الفعل من الحرب على غزة التي لا تذكر بالمقارنة، لم يتم تعطيل لا مصالح الولايات المتحدة ولا أي من حلفائها بل على العكس نجحت زيارة الرئيس دونالد ترامب إلى دول الخليج نجاحا باهرا وحصد ما حصده، حتى مع المقاومة من خلال صفقة عيدان ألكسندر حيث لم تقدم واشنطن شيئا في المقابل".
ويوضح الدجني أن "الذي يحكم واشنطن في هذا السياق هو ضعف الموقف الإقليمي أو الموقف العربي تجاه الحرب وإمكانية السيطرة عليه حتى لو من خلال التصريحات والإيماءات ودون ذلك تبقى المصلحة الاستراتيجية مع إسرائيل وهو ما يفسر الفيتو الأمريكي".
ويشير الدجني إلى أن "الموقف الأمريكي ينحاز لإسرائيل بشكل كامل حتى وإن ظهر بعض التوتر بينهما".
وفيما يتعلق بالموقف العربي يقول الدجني إنه "لا يرقى إلى حجم التحديات، فما يحدث في غزة تتحرك له الجيوش" لكن ما نراه هو تحرك حراك دبلوماسي محدود باستنثاء بعض الدول وعلى رأسها مصر التي كان لها حراك أكثر قوة وحضورا من غيرها من الدول".
ويشير إلى أنه "حتى اللحظة لا يرقى الحراك العربي لما يمكن أن يمنع الإبادة الجماعية، صحيح أنه نجح في منع التهجير وتكوين دبلوماسية نشطة في الضغط على المحاكم الدولية والدول لكنه لا يرقى إلى حجم التحديات الموجودة".
من جانبه يقول دكتور مصطفى البرغوثي، الأمين العام للمبادرة الفلسطينية، في تصريحات لنقطة حوار: "إذا أردنا أن نرى تغييرا في الموقف الأمريكي فيجب على الدول التي وعدت ترامب بكل هذه الاستثمارات أن تقول له إن كل ذلك لن يحدث إلا إذا أوقف العدوان على غزة فورا وأعاد النظر في سياسات الولايات المتحدة المنحازة بشكل مطلق لإسرائيل".
ويشير البرغوثي في حديثه إلى أن "الموقف الأوروبي تطور بسبب مواقف شعوبه فلولا وجود ضغوط شعبية لما غيرت الحكومة البريطانية موقفها، ولولاها لما تغير موقف إسبانيا بهذا الشكل الواضح والحاد".
ويضيف: " الدول الأوروبية بها ديمقراطية وآراء الشعوب لها قيمة، أنا متأكد أن كل الشعوب العربية مع الشعب الفلسطيني، لكن للأسف لا تستطيع ترجمة هذا الدعم إلى تأثير مباشر لأن الآليات الموجودة في أوروبا غير موجودة في جزء كبير من المحيط العربي".
برأيكم
كيف ترون الفيتو الأمريكي الأخير بشأن حرب غزة؟
لماذا تغير الموقف الأوروبي تجاه إسرائيل بشأن الحرب؟
هل أبدت الدول العربية ضغطا كافيا لإنهاء الحرب؟ ولماذا؟
هل نجح العرب في استثمار علاقاتهم مع أمريكا والغرب للضغط على إسرائيل؟
سنناقش معكم هذه المحاور وغيرها في حلقة الجمعة 6 يونيو/ حزيران
خطوط الاتصال تفتح قبل نصف ساعة من البرنامج على الرقم 00442038752989.
إن كنتم تريدون المشاركة عن طريق الهاتف يمكنكم إرسال رقم الهاتف عبر الإيميل على nuqtat.hewar@bbc.co.uk
يمكنكم أيضا إرسال أرقام الهواتف إلى صفحتنا على الفيسبوك من خلال رسالة خاصة Message
كما يمكنكم المشاركة بالرأي على الحوارات المنشورة على نفس الصفحة، وعنوانها: https://www.facebook.com/NuqtatHewarBBC
أو عبر تويتر على الوسمnuqtqt_hewar@
كما يمكنكم مشاهدة حلقات البرنامج من خلال هذا الرابط على موقع يوتيوب