في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
جاكرتا- لأول مرة في تاريخ الديمقراطية الإندونيسية الحديثة، أدى 961 من حكام الأقاليم ومحافظي المحافظات وولاة المدن ونوابهم اليمين الدستورية، اليوم الخميس، في القصر الجمهوري بجاكرتا أمام الرئيس الإندونيسي برابوو سوبيانتو في يوم واحد، بعد أن ظلت الانتخابات تجرى بالتوالي خلال 20 عاما مضت.
وجرى ذلك بعد التوفيق تدريجيا بين تواريخ انتخابهم وبدء فترة حكمهم المحلي على مراحل، حتى استطاعت مفوضية الانتخابات والهيئات المعنية توحيد تاريخ انتخاباتهم لأول مرة في 27 من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
ويمثل المسؤولون التنفيذيون المنتخبون الذين أدوا اليمين الدستورية 418 منطقة، تتوزع على 33 إقليما، وتتبع تلك الأقاليم 363 محافظة و85 مدينة، وتمثل واحدة من أوسع وأعقد أنظمة الحكم المحلي في العالم.
وتتبع تلك الإدارات بلديات ودوائر ثم القرى والأحياء، ويقطن في مجموع أرخبيل جزرها وهو الأكبر في العالم نحو 283 مليون نسمة، حيث تعد إندونيسيا رابع أكبر دول العالم سكانا، وتضم في مجموعها 37 إقليما مقسما إلى 415 محافظة و93 مدينة.
وفي خصوصية محفوظة لإقليم آتشه، استثني من أداء اليمين الدستورية اليوم حاكم الإقليم ونائبه، ومن يتبعهم من محافظين وولاة المدن، لكنهم دُعوا لحضور المراسم في القصر الجمهوري اليوم، حيث أدوا اليمين الدستورية في 12 من فبراير/شباط الجاري بحضور وزير الداخلية، أمام أعضاء مجلس ممثلي شعب آتشه، وشهد على ذلك أعضاء المحكمة الشرعية في الإقليم.
كما استثني من أداء اليمين الدستورية اليوم حاكم إقليم جوغجاكرتا وسلطانها سري سلطان هامينغكو بوونو العاشر، حيث إن أسرة السلطان تتوارث هذا المنصب دون انتخاب، حيث يحظى الإقليم بخصوصية قانونية وتاريخية أيضا.
كما استثنى ولاة مدن ضواحي جاكرتا التابعون لحاكم جاكرتا المنتخب أيضا، فهو الذي يختارهم من بين كبار مسؤولي إدارته، كما أن هناك 40 منصبا لمسؤولين محليين ما زالت المحكمة الدستورية تنظر في الطعون بشأن نتائج انتخاب أصحابها، ويفترض أن يصدر الحكم بشأن الفائزين بتلك المناصب خلال الأسبوع المقبل.
بعد التحول السياسي الذي حصل بسقوط الرئيس الأسبق محمد سوهارتو عام 1998، مرت إندونيسيا بمراحل مختلفة في حياتها الانتخابية، فقد أجريت أول انتخابات تشريعية للبرلمان المركزي والمجالس التشريعية المحلية عام 1999، ثم جرت انتخابات رئاسية بالاقتراع المباشر عام 2004 لأول مرة بصيغتها الحالية، بعد أن ظل الرئيس سابقا ينتخب من قبل أعضاء مجلس الشعب الاستشاري.
ثم جرى التحول إلى الحكم المحلي واعتماد نظام انتخاب المسؤولين المحليين من حكام الأقاليم وولاة المدن ومحافظي المحافظات، فبدأ الإندونيسيون يختارون مسؤوليهم التنفيذيين المحليين منذ عام 2005.
لكن الانتخابات في مئات الأقاليم والمحافظات والمدن لم تكن في موعد واحد، وهو ما كان يعني أن تنقل العملية الانتخابية من منطقة إلى أخرى طوال العام، حتى صدر قانون رقم 10 لعام 2016 الذي عدل ما سبقه، بهدف تسوية ما تبقى من فترات حكم محلي للمسؤولين المنتخبين آنذاك، وملء الفراغ في مناصب من انتهت فترات حكمهم مبكرا بمسؤولين تم تعيينهم بالإنابة لبعض الوقت.
وبحكم ذلك، ستبدأ الأقاليم والمحافظات والمدن بداية جديدة ابتداء من اليوم، وتنتهي فترات حكمهم في وقت واحد بعد 5 سنوات.
وكما كان الأمر بالنسبة لوزراء الحكومة ونوابهم، فإن الرئيس برابوو سوبيانتو -الذي بدأ سعيه إلى الرئاسة منذ نحو 20 عاما حتى وصل إلى القصر الرئاسي العام الماضي- قد دعا حكام الأقاليم والمحافظين وولاة المدن إلى حضور اجتماع أو مخيم تدريبي في الأكاديمية العسكرية في مدينة ماغلانغ بوسط جزيرة جاوا، سيمتد من يوم غدٍ لمدة أسبوع، قبل أن يعودوا إلى مناطقهم لبدء أعمالهم.
ومن المتوقع أن يلقي كلمة على أسماع المسؤولين الجدد كل من الرئيس الأسبق سوسيلو بامبانغ يوديونو، الذي حكم البلاد خلال الفترة ما بين عامي 2004 و2024، وغيره من الخبراء في مجالات علمية وإدارية وقيادية مختلفة.
حسب دراسة أجرتها صحيفة كومباس الإندونيسية، فإن 43.1% من محافظي المحافظات وولاة المدن المنتخبين، ومجموعهم 508 محافظات ومدن، هم من "تحالف إندونيسيا المتقدمة" بصيغته الموسعة، ويمثلون 67.6% على مستوى الأقاليم الـ37.
وقد فاز هذا التحالف الذي تشكل من الأحزاب الداعمة لانتخاب الرئيس برابوو سوبيانتو في انتخابات العام الماضي، وتسلم الرئاسة في 20 من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حيث كان من اللافت أيضا أن 51% من الذين فازوا في الانتخابات المحلية هذه قد حافظوا على مناصبهم لدورة ثانية.
ويتصل هذا بالمشهد في العاصمة جاكرتا، فحتى على مستوى البرلمان المركزي وبعد أن وسّع الرئيس برابوو سوبيانتو تحالفه، فإن الأحزاب المتحالفة معه تسيطر على 81% من مقاعد البرلمان المركزي، البالغ 580 مقعدا.
ويمثل هذا دعما سياسيا واضحا لحكم الرئيس برابوو سوبيانتو في شهوره الأولى على المستوى التشريعي المركزي، وعلى مستوى المسؤولين التنفيذيين في المحافظات والمدن والأقاليم.