في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
أكثر من عام مضى، ومدينة زليتن الساحلية، الواقعة شمال غربي ليبيا وتبعد حوالي 150 كيلومترا شرق العاصمة طرابلس، غارقة بمياه عكرة تحولت إلى كابوس أسود يخيم على بيوت قاطنيها ومزارعهم، ملحقة أضرارا جسيمة.
ففي أواخر العام 2023، تفجرت المياه الجوفية في المدينة بشكل غير مسبوق، واختلطت بمياه الصرف الصحي لتتحول أحياء بكاملها إلى برك ومستنقعات موبوءة، مما ينذر بكارثة إنسانية وبيئية وشيكة، وسط تراخ حكومي ووعود بحلول لا ترقى إلى حجم ما ينتظر المدينة التي يربو عدد سكانها على 350 ألف نسمة.
تضرر منزل المواطن رضا الكشر ومزرعته، ويصف للجزيرة نت الوضع بالمأساوي، قائلا إن الأزمة ليست جديدة على مدينة زليتن، ولكنها تفاقمت خلال العامين الماضيين.
من جانبه، وصف عميد بلدية زليتن مفتاح حمادي المدينة بالمهمشة، وكشف للجزيرة نت عن دراسات أولية أجراها فريق استشاري أجنبي أفضت إلى "إمكانية ألا تعود المناطق المتضررة فيها صالحة للعيش، وهو ما يستلزم بناء مدينة حضرية جديدة وفق التوقعات".
وتقدر مساحة المناطق المتضررة في زليتن بحوالي 40 كيلومترا، حسب رئيس لجنة الأزمة والطوارئ- زليتن مصطفى البحباح، الذي أكد للجزيرة نت تضرر 1536 منزلا، خُصصت لهم تعويضات تقدر بـ90 ألف دينار ليبي (18.4 آلاف دولار)، لكن هذه المبالغ لم تصرف حتى الآن لعدم توفر مخصصات مالية.
وأشار إلى أن المجلس البلدي زليتن أمّن السكن للأسر النازحة لمدة 6 أشهر بداية من يناير/كانون الثاني الماضي، متوقعا أن تُحل الأزمة مع حلول يوليو/تموز المقبل.
في حين أكد عميد بلدية زليتن مفتاح حمادي أن قرار تعويض المتضررين الصادر عن حكومة الوحدة انتهى بنهاية السنة المالية الماضية ولم يُجدد، "مما يعني احتمالية غياب التعويضات".
في السياق، وصلت إلى البلدية مخصصات مالية بقيمة 26 مليون دينار (حوالي 5.32 ملايين دولار) من الحكومة الليبية المكلفة من البرلمان، خُصصت 10 ملايين دينار (مليوني دولار) منها للطوارئ، و16 مليون دينار (نحو 3.27 ملايين دولار) لإنشاء شبكة رشح، وفق عميد البلدية.
وإجابة عن سؤال الجزيرة نت للعميد حمادي بشأن كيفية تعامل المجلس البلدي مع ظاهرة انفجار المياه الجوفية، أوضح أنه وفور حدوث الأزمة أطلق المجلس 3 خطط كالتالي:
وبشأن التفسير العلمي، أرجعت نوال الفراح التريكي، وهي مستشارة علمية لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة (اليونسكو) في مجال المياه، أسباب هذه الظاهرة إلى اختلال النظام الهيدرولوجي للمنطقة الذي قد يعود -بدوره- لعدة أسباب أهمها:
وتفسيرا لحدوث التشققات الأرضية والانهيارات في بعض المناطق المتضررة، قالت التريكي للجزيرة نت إن الخزان الجوفي تحت ضغط هيدروستاتيكي عال، بسبب التغذية الطبيعية والارتجاعية والتي فاقت قدرته الاستيعابية، مما أدى إلى حدوث شقوق في سطح الأرض لتحرير الضغط نتيجة لتشبع الطبقة تحت السطحية.
من جهته، أرجع سامي الأوجلي نائب رئيس شبكة التغير المناخي في الوطن العربي هذه الظاهرة إلى التغيرات المناخية، والاستخدامات البشرية غير المدروسة مثل الحفر العشوائي للآبار، وسحب المياه الجوفية بطرق غير منظمة، مما أدى إلى تداخل مياه البحر مع الخزان الجوفي وارتفاع منسوب المياه إلى السطح.
ولا تزال جهود احتواء الأزمة مستمرة، إذ أوضح رئيس لجنة الأزمة والطوارئ- زليتن مصطفى البحباح أن اللجنة تتخذ عدة مسارات مثل ربط الآبار القديمة لمزارع المواطنين بخط النزح، مما زاد من تدفق المياه للبحر وانحسارها تدريجيا في بعض المناطق بحسب قياسات اللجان المختصة.
كما تحدث عن استمرار عمليات شفط الآبار السوداء من المنازل في المناطق المتضررة، ورش المبيدات الحشرية من قبل مكتب الإصحاح البيئي، نظرا لانتشار البعوض والحشرات.
وبخصوص التوصيات الناجعة التي يمكن اتباعها لحل الأزمة، أوصت مستشار اليونسكو في مجال المياه نوال التريكي بعدة خطوات تشمل:
وترى التريكي أن المشكلة الحقيقية في ليبيا تكمن في ضعف الاستثمار في البنية التحتية، و"هو ما يجعل مثل هذه الأزمات تتكرر دون حلول جذرية".