في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
يستعين الجيش الإسرائيلي بآلاف المرتزقة الأجانب سنويا، الذين يُجندون للقتال في الحروب، وتنفيذ عمليات استخباراتية وأمنية داخل إسرائيل وخارجها، مدفوعين بالرغبة في الحصول على مميزات مادية وأجور مجزية.
ويخدم المرتزقة في وحدات الجيش الإسرائيلي المختلفة، ويشاركون في العمليات القتالية والدعم اللوجستي وتدريب القوات المحلية، فضلا عن المساهمة في تأمين المستوطنات ومشاركة المستوطنين في أعمال العنف والعمليات العدائية ضد المدنيين الفلسطينيين، واغتيال ناشطي المقاومة.
وتجنيد المرتزقة ظاهرة قديمة منذ إعلان قيام إسرائيل، وأسهمت في تأسيسها وبناء جيشها عام 1948، وأخذت بعد ذلك وضعا مؤسسيا، ووُضعت أطر مالية واجتماعية وقانونية لاحتواء المرتزقة في المجتمع الإسرائيلي، وجعلهم رافدا مستديما للوحدات العسكرية والأمنية.
وتروج إسرائيل لظاهرة الارتزاق على أنها قائمة على التطوع والإيمان، وتستخدم مصطلح "المتطوعين" للإشارة إلى المرتزقة، للتمويه بأنهم ينحدرون من أصول يهودية، ويحاربون لدوافع دينية، على الرغم من أن العنصر اليهودي لا يتجاوز 20% من المجموع الكلي لمرتزقة الجيش الإسرائيلي.
ظاهرة تجنيد المرتزقة جزء من عقيدة بناء إسرائيل، فهي سابقة على قيامها وتأسيس جيشها، وتعود جذورها إلى مطلع أربعينيات القرن الـ20، حين جندت العصابات الصهيونية مرتزقة من أنحاء العالم، عبر منظمة "ماحل" (المتطوعون من الخارج)، للقتال إلى جانب الإسرائيليين ودعم مخططاتهم للاستيلاء على الأراضي الفلسطينية وتهجير أهلها وإقامة دولة إسرائيل.
وفي الفترة بين عامي 1947 و1949، استطاعت ماحل استقطاب أكثر من 4400 من المرتزقة من 56 دولة مختلفة، كان معظمهم من الجنود الذين شاركوا في الحرب العالمية الثانية، لذلك تميزوا بامتلاكهم خبرة عسكرية وقدرات قتالية عالية.
وشارك الجنود المرتزقة في حرب النكبة والمعارك التي سبقتها، وتركز معظم نشاطهم العسكري ضمن سلاحي الجو والبحرية، وكان من بينهم طيارون قادوا القصف الجوي أثناء الحرب، ودربوا طيارين يهودا على العمليات الجوية الحربية، وكذلك شاركوا في عمليات التطهير العرقي، وارتكبوا جرائم ومجازر بحق الفلسطينيين.
ولقاء خدماتهم في الحرب تلقوا مبالغ ضخمة، وكرّم رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق ديفيد بن غوريون عشرات الجنود منهم، تقديرا لجهودهم في الحرب، ومنحهم أوسمة رفيعة، إضافة إلى الجنسية الإسرائيلية.
في أعقاب إعلان قيام إسرائيل عام 1948، أصبحت العصابات الصهيونية نواة الجيش الإسرائيلي، وغدا المرتزقة ركيزة أساسية فيه، لا سيما في سلاحي الجو والبحرية، وانضم بعضهم للعمل في جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (الموساد).
واستمر استخدام المرتزقة في دعم الجيش الإسرائيلي، وخُصصت لهم ميزانيات ضخمة لرفع كفاءتهم، وصُرفت لهم أجور عالية ومخصصات نهاية خدمة، وقدمت لهم ولأسرهم امتيازات تساعدهم على الاندماج داخل المجتمع الإسرائيلي.
وعلى الرغم من رجوع العديد منهم إلى بلادهم بعد انتهاء الحرب، فإن العقيدة العسكرية التي أرساها بن غوريون، كانت تؤكد على الاستعانة الدائمة بغير اليهود في المواجهات العسكرية، للحفاظ على الكثافة البشرية من العنصر اليهودي في البلاد، وتقليل الخسائر في صفوفه.
لذلك، استمر الجيش الإسرائيلي باستقطاب المرتزقة وتجنيدهم، ولم يعد الاستقطاب مقتصرا على اليهود، بل ضم الجيش عناصر من ديانات أخرى، وأصبح وجودهم دائما فيه، وشاركوا في جميع الحروب التي خاضتها إسرائيل ضد العرب في الأعوام 1956 و1967 و1973، ثم في العمليات التي شنتها على لبنان وغزة والضفة الغربية، وشاركوا في حراسة المستوطنات، وقمع المدنيين الفلسطينيين ومداهمة بيوتهم واغتيال المقاومين.
وقبل الانضمام إلى الجيش، يتلقى المجندون الجدد دورة تحضيرية، تشرف عليها وزارة الدفاع الإسرائيلية، تتضمن إعدادا جسديا ونفسيا للتجنيد العسكري، وتشمل تدريبات بدنية، والمشي على الأقدام مسافات طويلة، واجتماعات مع ضباط من الجيش الإسرائيلي.
وفي إطار دمجهم داخل المجتمع الإسرائيلي، تُنَظم لهم رحلات إلى أنحاء مختلفة من البلاد، وزيارات إلى مواقع "التراث الإسرائيلي" وجولات في المتاحف، إضافة إلى تطوير لغتهم العبرية، وتنظيم لقاءات بإسرائيليين من مختلف أطياف المجتمع.
تستعين سلطات الاحتلال بشركات عسكرية متخصصة لاستقطاب الجنود المرتزقة وإقناعهم بالانضمام للجيش الإسرائيلي، مقابل أجور عالية، من أبرزها شركة "غلوبال سي إس تي" وشركة "ريفن" وشركة "بلاك ووتر".
إضافة إلى ذلك، تتبنى منظمات إسرائيلية مهمةَ تجنيد مرتزقة من خارج إسرائيل، وتنظم مشاريع وحملات تدعو للخدمة في جيش الاحتلال، وخصوصا ضمن البيئات اليهودية والمسيحية اليمينية، ومن أبرز تلك المنظمات:
تأسست في أربعينيات القرن العشرين، وعملت على مدى عقود في تنظيم حملات إعلامية في مناطق واسعة حول العالم، لتجنيد الشباب للخدمة في الجيش الإسرائيلي.
وفي أعقاب إعلان الحرب على غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، تمكنت من تجنيد آلاف الشباب من الجنسين، من نحو 40 دولة، معظمهم أوروبيون، وإرسالهم للقتال إلى جانب إسرائيل في الحرب، بعد إخضاعهم لدورة تدريب عسكري تمتد 18 شهرا.
وهي حركة يمينية متطرفة، تمتد أذرعها في بلدان عديدة حول العالم، لا سيما في الدول الأوروبية، وتعمل على تجنيد المرتزقة في أوساط المتدينين المؤمنين بالفكر الصهيوني، للالتحاق بجيش الاحتلال.
ويعمل ذراعها في فرنسا، من خلال "رابطة الدفاع اليهودية الفرنسية"، على تجنيد المئات من المرتزقة، من ذوي الخبرة القتالية والعسكرية في أنحاء أوروبا، للقتال في صفوف الجيش الإسرائيلي، وتعمل جماعة منهم في مساندة المستوطنين في أعمال العنف ضد المدنيين الفلسطينيين في الضفة الغربية.
تأسست عام 1983، ولها فروع في 30 دولة، ولها ارتباط بالسفارات الإسرائيلية في بلدان العالم المختلفة، وهي إحدى المنظمات الأكثر نشاطا في هذا المجال.
وتنشط المنظمة عبر مواقعها الإلكترونية، من أجل الترويج للمزايا التي يحصل عليها المرتزقة الذين يلتحقون بالجيش الإسرائيلي، وتستهدف بشكل أكبر اليمين الإنجيلي المتصهين.
تأسست عام 1991، ولها فروع في أمريكا الأميركية وأستراليا وبريطانيا، وتوفر نظام دعم متكاملا للراغبين بالانضمام للجيش الإسرائيلي، ضمن برنامج الجنود المنفردين.
تشجع على تجنيد اليهود من غير الإسرائيليين، للخدمة في الجيش الإسرائيلي، لا سيما في الولايات المتحدة.
يعمل الجيش الإسرائيلي على تجنيد المرتزقة الراغبين بالانضمام إليه بشكل دائم أو مؤقت في إطار مشاريع، أبرزها مشروعا "الجندي الوحيد" و"الجنود مزدوجي الجنسية".
يعمل على تجنيد مرتزقة من الجنسين، ويُفضل هذا البرنامج أن يكون المستقطَبون يهودا، لكن ذلك ليس شرطا، فمن بين 7 آلاف من الجنود الوحيدين الذين يخدمون في الجيش الإسرائيلي، لا تزيد نسبة العنصر اليهودي عن 20%، مقابل 80% من الأجانب.
ويضم المشروع فئتين من المجندين:
ويُقدم جيش الاحتلال للجنود المنفردين أجورا عالية مقارنة بالجنود العاديين، ومزايا مادية متنوعة، مثل: منحة الزواج ومنح الطرود الغذائية، وتمويل زيارة العائلة بالخارج والمساعدة في الإيجار وصيانة الشقة، والإعفاء من الضرائب، إضافة إلى السماح لهم ممارسة أعمال خاصة، وتوفير بيئة اجتماعية داعمة بديلا عن العائلة.
ويتلقى المرتزقة الوحيدون تدريبات عسكرية عالية، ويتميزون بالشراسة والخطورة في القتال، ويشتهرون بارتكابهم أعمال عنف وجرائم حرب.
يضم الجيش الإسرائيلي الآلاف من الجنود الذين يحملون جنسية مزدوجة، فهم يعدون مواطنين لدول، مثل: روسيا وأوكرانيا وبريطانيا وأميركا وفرنسا، وفي الوقت نفسه، يحملون الجنسية الإسرائيلية، لذا ينضمون للجيش الإسرائيلي في إطار الخدمة الإلزامية أو الاحتياطية.
وفي أعقاب الحرب على غزة عام 2023، انضم للجيش الإسرائيلي عشرات الآلاف من المهاجرين الروس والفرنسيين وغيرهم من أصحاب الجنسية المزدوجة، الذين شاركوا في حرب الإبادة في قطاع غزة.
يمتد استقطاب المرتزقة للخدمة في الجيش الإسرائيلي إلى مجموعة واسعة من دول العالم، تُعد بالعشرات، أبرزها: الولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا وبلجيكا وهولندا والمملكة المتحدة وروسيا.
وفي عام 2016، بلغ عدد المرتزقة في الجيش الإسرائيلي 5 آلاف مجند، ينتمون إلى 21 دولة، وأعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية أن فرنسا تصدرت قائمة الدول التي قدم منها "المتطوعين" في ذلك العام، بنسبة بلغت 45% من مجموع "المتطوعون"، واحتلت الولايا ....