تُعد آلام أسفل الظهر حالة مزمنة تؤثر على مئات الملايين من الناس حول العالم. لكن هناك تمرين بسيط قد يُساعد كثيراً.
أنت تعرف هذا الشعور، عندما تنحني لربط حذائك وتشعر بألم حادّ في أسفل ظهرك. فجأة، تُصبح جزءاً من إحصائية مُذهلة، لقد انضممت إلى ما يُقدر بـ 619 مليون شخص حول العالم يُعانون من ألم أسفل الظهر.
ولحسن الحظ، هناك تمرين عملي يُمكن أن يُساعدك، يُسمى "رقصة السالسا الجالسة". وما هو أفضل من ذلك؟ أنك لستَ مُضطراً حتى للنهوض من المكتب لممارسته.
ويُعد ألم أسفل الظهر السبب الرئيسي للإعاقة في حميع أنحاء العالم. ويُعرّف بأنه ألم بين الحافة السفلية للأضلاع والأرداف. يُمكن أن يُصيب هذا الألم أي شخص، ولكنه أكثر شيوعاً لدى الأشخاص الذين يُعانون من زيادة الوزن، أو المدخنين، أو من لديهم تاريخ عائلي لهذه الحالة.
ويقول كريس مكارثي، أستاذ العلاج الطبيعي المُشارك في جامعة مانشستر متروبوليتان: "عندما كنتُ أعمل مع جراحي العمود الفقري، وجدت أن المناطق التي يُعاني فيها الناس من معظم المشاكل في الظهر، هي الفقرتان السفليتان في العمود الفقري".
ويتكون العمود الفقري من 33 فقرة، تفصل كل فقرة منها طبقة غضروفية إسفنجية تُسمى القرص. وتعمل هذه الأقراص على امتصاص الصدمات أثناء الأنشطة اليومية كالمشي والجري والقفز.
الفقرتان السفليتان، حيث يقع معظم ألم أسفل الظهر، متصلتان بالحوض بأربطة سميكة جداً. هذا يُثبّتهما في مكانهما بإحكام، مما يسمح لهما بأداء وظيفتهما في دعم وزن الجذع. ومع ذلك، هناك جانبٌ سلبي.
يقول مكارثي: "إنه جزء متيبس جداً من الظهر، ويصعب تحريكه، خاصة عندما تكون العضلات الموضعية في حالة تشنج بسبب الألم، أو مشدودة بسبب قلة الحركة".
وتعد إحدى الطرق الجيدة لتمرين عضلات هذه المنطقة هي تدوير الحوض من جانب إلى آخر، ما يجعل أسفل الظهر يميل من جانب إلى آخر في حركة تشبه التأرجح.
هذا التأرجح يحدث بشكل طبيعي عند المشي، ولكن، عندما يعاني الشخص من ألم أسفل الظهر، تتشنج عضلات الظهر وتُثبّت المنطقة، يمنعها من الحركة.
ويقول مكارثي: "للأسف، هذا يُدخلنا في حلقة مفرغة حيث يصبح أسفل الظهر أكثر تيبساً، وألماً أكثر فأكثر".
وتُشير الدراسات إلى أنه عندما يتعلق الأمر بآلام الظهر، يُمكن أن تكون الحركة جزءاً أساسياً من عملية الشفاء. عادةً ما يُمكن تحقيق ذلك من خلال الرياضة وتمارين التمدد والعلاج اليدوي. لكن معظم تمارين التمدد المُوصى بها لآلام الظهر لا تُمرّن الجزء السفلي من الظهر.
وهنا يأتي دور "رقصة السالسا الجالسة".
ولأداء التمرين، اجلس بشكل مستقيم مع تثبيت قدميك على الأرض. ضم ساقيك بحيث يكون فخذاك متوازيين. ثم، مع الحفاظ على ثبات كتفيك تماماً، ادفع ركبتك اليمنى للأمام مع سحب ركبتك اليسرى للخلف. ثم بدّل الوضع بحيث تتقدم ركبتك اليسرى وتتراجع ركبتك اليمنى للخلف.
يجب أن يتدحرج حوضك للأمام من جانب وللخلف من الجانب الآخر، تماماً كما في رقصة السالسا التقليدية. كرر هذه الحركة لمدة دقيقة واحدة.
ويقول مكارثي: "يقوم حوضك بحركة اهتزازية خفيفة، وهذا ما يُفترض أن يفعله أثناء المشي".
وقد أجرى مكارثي وزملاؤه في وحدة الحركة في جامعة مانشستر الطبية، وهي وحدة للعلاج الطبيعي، دراسة تجريبية لم تُنشر بعد، طلبوا خلالها من مرضى يعانون من آلام أسفل الظهر أداء رقصة السالسا جالسين مع توصيلهم بمجسّات تخطيط كهربية للعضلات (EMG)، التي تقيس مدى شد عضلات الظهر.
وأظهرت النتائج أن دقيقة واحدة فقط من رقصة السالسا جالساً كل 30 دقيقة كانت كافية لاسترخاء عضلاتهم، مما يخفف من أعراض آلام الظهر.
ويضيف مكارثي: "الجميل في الأمر أنه من السهل جداً القيام به أثناء العمل. فأنت لستَ مضطراً حتى للنهوض من المكتب".
وغالباً ما يقضي موظفو المكاتب فترات طويلة من يومهم جالسين، مما يزيد من خطر الإصابة بآلام أسفل الظهر.
إن الوقوف والمشي أكثر، حتى لو كان لمجرد شرب الماء، يمكن أن يساعد في تقليل هذا الخطر. ومع ذلك، قد يكون النهوض من المكتب أمراً صعباً في بعض الأحيان.
ويؤكد مكارثي: "إذا كان الموظفون منشغلون بعمل معيّن ولا يستطيعون النهوض من المكتب والتحرك، فيمكنهم بدلاً من ذلك، ممارسة القليل من "رقصة السالسا الجالسة" لمدة دقيقة كل نصف ساعة".
وقد يكون هذا التمرين مفيداً أيضاً لكبار السن الذين لا يستطيعون الوقوف والجلوس بسهولة، أو لمن يعانون من صعوبة في الحركة بعد إجراء عملية جراحية. حيث تُظهر الأبحاث أن الحركة المستمرة وممارسة الرياضة بانتظام أمرٌ أساسي لحياة طويلة وصحية.
ويقول جوغديب ديسي، استشاري طب الشيخوخة ورئيس الجمعية البريطانية لطب الشيخوخة: "نعلم أن الكثير من كبار السن لا يمارسون نشاطاً بدنياً كافياً".
وأضاف "إذا لم تكن قادراً على الحركة بشكل صحيح، فإن تمارين الجلوس طريقة جيدة لبناء القوة. ولكن إذا كنت قادراً، فهناك الكثير مما يمكن القيام به. سواء كان الوقوف على ساق واحدة أثناء تنظيف أسنانك، أو أداء تمرين القرفصاء مع الإمساك بظهر الكرسي أثناء غليان الماء. فالأمر كله يتعلق بترسيخ هذه العادة لتصبح قاعدة ثابتة تلتزم بها دائماً".
المصدر:
بي بي سي
مصدر الصورة
مصدر الصورة
مصدر الصورة