يختلف الناس في طريقة تقدمهم في العمر، بعضهم يصل إلى التسعينيات بصحة جسدية وعقلية جيدة، بينما يعاني آخرون من أمراض مثل السكري أو ألزهايمر أو مشاكل الحركة قبل عقود.
وبهذا الصدد، أجرى فريق دولي بقيادة جامعة كولورادو بولدر دراسة واسعة، وكشف عن أكثر من 400 جين مرتبط بالشيخوخة المتسارعة وأنواع مختلفة من الوهن — وهو التدهور الفسيولوجي متعدد الأجهزة الذي غالبا ما يصاحب التقدم في العمر.
وتكشف الدراسة أن مجموعات مختلفة من الجينات مسؤولة عن اضطرابات متنوعة، مثل التدهور المعرفي ومشاكل الحركة والعزلة الاجتماعية واضطرابات التمثيل الغذائي.
ويقيّم الأطباء الوهن عبر مؤشرات مثل سرعة المشي وقوة القبضة وعدد الأمراض المشخَصة ومستوى النشاط الاجتماعي. لكن شخصين قد يحصلان على درجة الوهن نفسها رغم اختلاف نوع التدهور لديهم، ما يصعّب تقديم توصيات دقيقة وفهم الشيخوخة غير الصحية.
وقال الدكتور كينيث روكوود، الخبير في الوهن: "الشيخوخة ليست ظاهرة واحدة، بل هناك طرق متعددة للوهن. والسؤال الآن هو: ما الجينات المسؤولة؟".
وحلل الفريق بيانات الحمض النووي والمعلومات الصحية لمئات الآلاف من المشاركين في البنك الحيوي البريطاني وقواعد بيانات عامة أخرى، وحددوا 408 جينا مرتبطا بالشيخوخة المتسارعة، مقارنة بـ 37 جينا فقط كانت معروفة سابقا.
وأظهرت النتائج أن بعض الجينات مرتبطة بأنواع فرعية محددة من الشيخوخة غير الصحية، مثل الإعاقة وضعف الإدراك ومشاكل التمثيل الغذائي والأمراض المتعددة ونمط الحياة غير الصحي ومحدودية الدعم الاجتماعي.
وعلى سبيل المثال، ارتبط جين SP1 بالضعف الإدراكي ومرض ألزهايمر، بينما ارتبط جين FTO باضطرابات التمثيل الغذائي والسمنة.
وقالت إيزابيل فوت، المعدة الرئيسية وباحثة ما بعد الدكتوراه: "لكي نتمكن من تطوير علاجات توقف أو تعكس الشيخوخة البيولوجية المتسارعة، يجب أولا فهم العوامل البيولوجية الكامنة وراءها. وهذه أكبر دراسة حتى الآن تستخدم علم الوراثة لتحقيق ذلك".
وقال أندرو غروتزينغر، الباحث الرئيسي: "تظهر الدراسة وجود بيولوجيا مختلفة تماما وراء كل نوع من الشيخوخة غير الصحية. والخطوة التالية هي معرفة كيفية علاج هذه البيولوجيا الكامنة".
ويقترح الباحثون توسيع القياسات السريرية للوهن لتشمل الأنواع الفرعية، ما يمكّن الأطباء من توجيه المرضى نحو علاجات وقائية مخصصة: فالشخص المصاب بالوهن الإدراكي قد يحصل على استراتيجيات للوقاية من الخرف، بينما قد يتخذ المصاب بالوهن الأيضي خطوات للوقاية من السكري أو أمراض القلب.
وتأمل فوت في المستقبل إمكانية الحصول على "درجة مخاطر متعددة الجينات" لكل فرد، لتوفير رؤية مفصلة لنوع الشيخوخة غير الصحية التي قد يواجهها. أما الهدف الأسمى فهو تحديد المسارات الجزيئية المسؤولة عن الشيخوخة نفسها وتطوير علاجات تبطئ تقدمها.
ورغم أن فكرة وجود "حبة سحرية" مضادة للشيخوخة تبدو غير مرجحة، تشير الدراسة إلى إمكانية تطوير أدوية تستهدف مجموعات محددة من المشكلات المرتبطة بالعمر، بدلا من الحاجة إلى مئات الأدوية المختلفة.
نشرت الدراسة في مجلة Nature Genetics.
المصدر: ميديكال إكسبريس