في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
في مبادرة لتعزيز العلاقة التاريخية بين الشعر والمكان، أعلنت منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو)، اليوم، عن إطلاق الدورة الثانية من مسابقتها الشعرية السنوية "مدن القصائد"، والتي خُصصت هذا العام لمدينة سمرقند في جمهورية أوزبكستان، احتفاءً باختيارها عاصمة للثقافة في العالم الإسلامي لعام 2025.
وتهدف المسابقة، التي تنظمها الإيسيسكو سنويا بالتزامن مع إعلان عواصم الثقافة في العالم الإسلامي، إلى إحياء التوثيق الشعري والجمالي لتاريخ وجغرافيا المدن، وإبراز الرموز والحضارات التي احتضنتها هذه العواصم العريقة، مما ألهم العديد من روائع الشعر العربي والإنساني.
وأوضحت المنظمة أن باب استقبال الأعمال الشعرية باللغتين العربية والأوزبكية مفتوح اعتبارا من الأول من أغسطس/آب، ويستمر حتى 31 ديسمبر/كانون الأول 2025. وستقوم لجنة تحكيم متخصصة، تضم خبراء من الإيسيسكو وشعراء بارزين، بتقييم المشاركات واختيار 3 فائزين.
سيحصل الفائز بالمركز الأول على جائزة مالية قدرها 3 آلاف دولار، بينما تبلغ جائزة المركز الثاني ألفي دولار، والمركز الثالث ألف دولار، بالإضافة إلى شهادات تقدير لجميع الفائزين. كما أعلنت الإيسيسكو أنها ستصدر ديوانا شعريا يضم القصائد الفائزة والمتميزة المشاركة في المسابقة.
وحددت المنظمة شروطا فنية للمشاركة، حيث يجب أن تلتزم القصائد المكتوبة باللغة العربية بأوزان الشعر العربي العمودي أو شعر التفعيلة. أما القصائد المكتوبة باللغة الأوزبكية، فيجب أن تراعي الشروط الوزنية والجمالية للشعر الأوزبكي. ويتوجب على جميع المشاركات أن تستلهم في مضمونها قيم وجماليات وتاريخ وجغرافيا وعبقرية المكان لمدينة سمرقند، وألا تتجاوز القصيدة 30 بيتا أو سطرا شعريا.
سمرقند، جنة الدنيا وفيروز الأرض، ومدينة القباب الزرقاء، مدينة تنبض بتاريخ يمتد إلى 1500 سنة قبل الميلاد، تغنى بها الشعراء، واستوطنها العلماء، وقصدها عشاق الجمال من سائر بقاع الأرض، واتخذها الملوك عاصمة لهم، وتوالت عليها الممالك والحضارات.
عرفت بأنها ملتقى حضارات العالم القديم وبوتقة ثقافاته، وخضعت لسلطان الفرس واليونانيين والصينيين والعرب والمغول والأتراك والروس السوفيات، حتى استقلت أوزبكستان عن الاتحاد السوفياتي عام 1991، فأصبحت سمرقند المدينة الثانية في البلاد بعد طشقند، لكنها لا تزال تحتفظ بمكانتها الثقافية والتاريخية وإرثها الحضاري العريق.
وتتربع المدينة في واحة بوادي نهر زرافشان (ناثر الذهب)، وكانت عاصمة للإمبراطورية التيمورية التي امتدت عبر قارات العالم القديم. اسمها بالأوزبكية يعني "قلعة الأرض" أو "وجه الأرض"، ويُقال أيضا إنها نُسبت إلى شخصية تاريخية تُدعى "سمر".
شكلت سمرقند إحدى محطات طريق الحرير، حيث وهبت العالم أسرار صناعة الورق، وازدهرت فيها منتجات الحرير المستخلصة من أشجار التوت. واليوم، تراهن أوزبكستان على إرثها الإسلامي لتكون إحدى أبرز الوجهات السياحية والثقافية في العالم الإسلامي، خاصة بوجود 7 مواقع مدرجة ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي، تتصدرها سمرقند ومعالمها الأسطورية.
وقد وصفها الرحالة والمؤرخون بكلمات خالدة، فقال عنها ابن بطوطة إنها "من أكبر المدن وأحسنها وأتمها جمالا"، ووصفها ياقوت الحموي بأنها "ليس في الأرض مدينة أنزه ولا أطيب منها"، وشبهها الشعراء بالسماء والنجوم والمجرة. أما المقدسي فقد قال عنها: "في الصيف جنة، أهل جماعة وسنة، ومعروف وصدقة، وحزم وهمة". واعتبرها أمين معلوف في روايته سمرقند "أجمل وجه أدارته الأرض يوما نحو الشمس".
ولذا، لم يكن غريبا أن تمنح سمرقند ألقابا مثل "جوهرة الإسلام" و"مرآة العالم"، وأن تكون اليوم مصدر إلهام شعري وجمالي جديد عبر مسابقة "مدن القصائد".