يشهد قطاع السلع الفاخرة العالمي تحولات متسارعة وسط بيئة اقتصادية وتجارية شديدة التعقيد، حيث تتداخل التوترات الجيوسياسية مع تباطؤ النمو في بعض الأسواق الرئيسية. ورغم هذه الظروف، ظل هذا القطاع محور اهتمام المستثمرين وصناع القرار، بالنظر إلى دوره كأحد مؤشرات الثقة الاستهلاكية الفاخرة وقدرته على عكس المزاج الاقتصادي العام.
مثّلت السياسات التجارية بين القوى الاقتصادية الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة وأوروبا، أحد أبرز العوامل المؤثرة على مستقبل هذه الصناعة. فالقرارات المتعلقة بالرسوم الجمركية والإجراءات الحمائية تطرح تحديات مباشرة أمام الشركات التي تعتمد على سلاسل توريد دولية وأسواق استهلاكية متنوعة، لكنها في الوقت نفسه تفتح المجال أمام حلول مبتكرة واستراتيجيات تكيف جديدة.
في هذا السياق، يشير تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال"، إلى أن:
ونقل التقرير عن المحلل لوكا سولكا من شركة بيرنشتاين، قوله: "بشكل عام، هذه أخبار جيدة"، مضيفاً أن الصفقة "تزيل المزيد من عدم اليقين في الصورة الكلية الأوسع".
وكان من شأن عدم التوصل إلى اتفاقية تجارية أن يُصيب جوهر نموذج أعمال صناعة السلع الفاخرة. فقد أصبحت شركات مثل LVMH وHermès وKering شركات عملاقة من خلال بيع سلع أوروبية الصنع لقاعدة متنامية من العملاء الأثرياء حول العالم، معتمدةً على تجارة سلسة نسبياً. وكانت الرسوم الجمركية المرتفعة ستجبر الشركات على إعادة النظر في أماكن إنتاجها، وهو أمرٌ بالغ الصعوبة بالنسبة لصناعة لطالما اعتمدت على تراث العالم القديم .
في الوقت الحالي، لا تُمسّ هذه الاتفاقية بقواعد صناعة السلع الفاخرة. فبفضل هوامش ربح عالية وقوة تسعير قوية، يُفترض أن يكون قطاع السلع الفاخرة قادراً على استيعاب التكاليف الإضافية أو تحمّلها. كما تُطبّق التعريفات الجمركية فقط على سعر نقل المنتج بين عمليات الشركة الأوروبية وفرعها الأميركي - وهو رقم يعتمد عادةً على تكاليف الإنتاج، وغالبًا ما يُمثّل جزءًا بسيطًا من سعر البيع النهائي.
تأتي هذه الصفقة في وقت حاسم للقطاع، إذ بدأت المبيعات بالتباطؤ بالفعل. وكان العديد من المديرين التنفيذيين يعوّلون على الولايات المتحدة لقيادة النمو هذا العام، في حين أن الصين - التي لطالما كانت محرك نمو صناعة السلع الفاخرة - عالقة في ركود اقتصادي طويل الأمد .
من لندن، يقول الخبير الاقتصادي، أنور القاسم لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية":
ويضيف: حصل الفرنسيين بدورهم على تخفيضات جمركية محددة لبعض القطاعات وخاصة الأزياء الفاخرة.. كما أصبحت شركات السلع الفرنسية والأوروبية الفاخرة عموماً تتكيف مع الوضع بتوسيع عمليات الإنتاج داخل الولايات المتحدة.
ويشار إلى أن أسهم LVMH انخفضت بنحو 27 بالمئة منذ بداية هذا العام، بينما انخفضت أسهم Kering بنسبة 15 بالمئة. ولم تشهد أسهم هيرميس وريتشمونت، اللتين تخدمان في الغالب عملاء أثرياء، تغيرًا يُذكر، حيث انخفضت الأولى بنسبة 0.9 بالمئة، بينما ارتفعت الثانية بنسبة 1.6 بالمئة خلال الفترة نفسها، وفق حسابات مجلة INC الأميركية.
من برلين، يقول خبير العلاقات الدولية الاقتصادية، محمد الخفاجي لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية":
ويشير إلى أنه رغم هذه المرونة، لا يزال القطاع يواجه تحديات مثل تباطؤ النمو العالمي وتغيرات في سلوك المستهلكين، خاصة في الأسواق الرئيسية. كما يشكل ارتفاع الأسعار دون ابتكارات كافية تحديًا إضافيًا يحد من توسع قاعدة العملاء.
ويختتم حديثه قائلاً: "تمكنت صناعة السلع الفاخرة من تجاوز صدمة الحرب التجارية بفضل استراتيجياتها المرنة وقوة علاماتها التجارية، لكنها تبقى مطالبة بالتكيف المستمر مع ديناميكيات السوق المتغيرة لضمان استدامة نموها".