آخر الأخبار

هل نجا قطاع السلع الفاخرة من مقصلة "الرسوم الجمركية"؟

شارك
السلع الفاخرة

يشهد قطاع السلع الفاخرة العالمي تحولات متسارعة وسط بيئة اقتصادية وتجارية شديدة التعقيد، حيث تتداخل التوترات الجيوسياسية مع تباطؤ النمو في بعض الأسواق الرئيسية. ورغم هذه الظروف، ظل هذا القطاع محور اهتمام المستثمرين وصناع القرار، بالنظر إلى دوره كأحد مؤشرات الثقة الاستهلاكية الفاخرة وقدرته على عكس المزاج الاقتصادي العام.

مثّلت السياسات التجارية بين القوى الاقتصادية الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة وأوروبا، أحد أبرز العوامل المؤثرة على مستقبل هذه الصناعة. فالقرارات المتعلقة بالرسوم الجمركية والإجراءات الحمائية تطرح تحديات مباشرة أمام الشركات التي تعتمد على سلاسل توريد دولية وأسواق استهلاكية متنوعة، لكنها في الوقت نفسه تفتح المجال أمام حلول مبتكرة واستراتيجيات تكيف جديدة.

في هذا السياق، يشير تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال"، إلى أن:


* صناعة السلع الفاخرة في أوروبا تنفست الصعداء بعد نجاتها من أشهر من حالة عدم اليقين التجاري التي أدت إلى استنزاف شهية حتى أغنى المستهلكين للإنفاق ببذخ على تلك السلع.
* الاتفاق الذي أعلن عنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب يوم الأحد مع الاتحاد الأوروبي والذي يُخضع معظم سلعه لرسوم جمركية بنسبة 15 بالمئة، يُعالج الاتفاق قلقاً كبيراً لدى كبار المسؤولين التنفيذيين في قطاع السلع الفاخرة، وهو أن استمرار النزاع التجاري سيؤدي إلى تراجع طلب المستهلكين المترددين أصلاً في شراء السلع الفاخرة.

ونقل التقرير عن المحلل لوكا سولكا من شركة بيرنشتاين، قوله: "بشكل عام، هذه أخبار جيدة"، مضيفاً أن الصفقة "تزيل المزيد من عدم اليقين في الصورة الكلية الأوسع".

وكان من شأن عدم التوصل إلى اتفاقية تجارية أن يُصيب جوهر نموذج أعمال صناعة السلع الفاخرة. فقد أصبحت شركات مثل LVMH وHermès وKering شركات عملاقة من خلال بيع سلع أوروبية الصنع لقاعدة متنامية من العملاء الأثرياء حول العالم، معتمدةً على تجارة سلسة نسبياً. وكانت الرسوم الجمركية المرتفعة ستجبر الشركات على إعادة النظر في أماكن إنتاجها، وهو أمرٌ بالغ الصعوبة بالنسبة لصناعة لطالما اعتمدت على تراث العالم القديم .

في الوقت الحالي، لا تُمسّ هذه الاتفاقية بقواعد صناعة السلع الفاخرة. فبفضل هوامش ربح عالية وقوة تسعير قوية، يُفترض أن يكون قطاع السلع الفاخرة قادراً على استيعاب التكاليف الإضافية أو تحمّلها. كما تُطبّق التعريفات الجمركية فقط على سعر نقل المنتج بين عمليات الشركة الأوروبية وفرعها الأميركي - وهو رقم يعتمد عادةً على تكاليف الإنتاج، وغالبًا ما يُمثّل جزءًا بسيطًا من سعر البيع النهائي.

تأتي هذه الصفقة في وقت حاسم للقطاع، إذ بدأت المبيعات بالتباطؤ بالفعل. وكان العديد من المديرين التنفيذيين يعوّلون على الولايات المتحدة لقيادة النمو هذا العام، في حين أن الصين - التي لطالما كانت محرك نمو صناعة السلع الفاخرة - عالقة في ركود اقتصادي طويل الأمد .

الحفاظ على الأرباح

من لندن، يقول الخبير الاقتصادي، أنور القاسم لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية":


* من بين القطاعات التي خرجت منتصرة من الاتفاق التجاري الأميركي الأوروبي هي قطاعات السلع الفاخرة، فقد نص الاتفاق على خفض التعريفات الجمركية على واردات أميركا من السلع الأوروبية إلى 15 بالمئة.
* كما هو معروف تمثل الولايات المتحدة ما بين 20 و35 بالمئة من المبيعات العالمية لشركات السلع الفاخرة الفرنسية على الأقل، مما يجعلها مرتبطة ارتباطا وثيقا بالاقتصاد الأميركي.
* من المتوقع أن يقدم هذا الاتفاق فوائد كبيرة لصناعة السلع الفاخرة الأوروبية، ومن المرجح أن تستفيد دور الأزياء الفرنسية الكبرى مثل LVMH وهرمس وكيرينغ وريشمون من هذا الاتفاق بطرق عدة.
* يمكن لشركات السلع الفاخرة الأوروبية الآن الحفاظ على الأرباح والاستمرار في تقديم أسعار مميزة ومحفزة في الأسواق الأميركية؛ فهذه الشركات كانت تتحمل جزءاً من التكاليف عن المستهلكين لمنتجاتها في أميركا أما الأن فقد تغير الوضع لصالحها.

ويضيف: حصل الفرنسيين بدورهم على تخفيضات جمركية محددة لبعض القطاعات وخاصة الأزياء الفاخرة.. كما أصبحت شركات السلع الفرنسية والأوروبية الفاخرة عموماً تتكيف مع الوضع بتوسيع عمليات الإنتاج داخل الولايات المتحدة.

أسهم شركات السلع الفاخرة

ويشار إلى أن أسهم LVMH انخفضت بنحو 27 بالمئة منذ بداية هذا العام، بينما انخفضت أسهم Kering بنسبة 15 بالمئة. ولم تشهد أسهم هيرميس وريتشمونت، اللتين تخدمان في الغالب عملاء أثرياء، تغيرًا يُذكر، حيث انخفضت الأولى بنسبة 0.9 بالمئة، بينما ارتفعت الثانية بنسبة 1.6 بالمئة خلال الفترة نفسها، وفق حسابات مجلة INC الأميركية.


* تراجعت شركة LVMH، الشركة الأكثر قيمة المدرجة في أوروبا حتى يناير إلى المركز الخامس.
* قال محللون في بنك يو بي إس الأسبوع الماضي: "يبدو أن المستثمرين بدأوا يشعرون بالقلق إزاء الجاذبية الهيكلية طويلة الأجل للصناعة".
* كانت مبيعات حقائب اليد - التي كانت في السابق محركاً للنمو - ضعيفة حيث اختار المتسوقون المجوهرات الخالدة ذات الجودة الاستثمارية.
* قامت علامات تجارية بما في ذلك ديور وغوتشي وشانيل بتجنيد مصممين جدد، لكن الأمر يستغرق بعض الوقت قبل أن تدخل الأنماط الجديدة إلى المتاجر.

قدرة على التكيف

من برلين، يقول خبير العلاقات الدولية الاقتصادية، محمد الخفاجي لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية":


* لطالما تميزت صناعة السلع الفاخرة بقدرتها على تجاوز الأزمات الاقتصادية، ويبدو أنها خرجت منتصرة نسبياً من تداعيات الحرب التجارية، بفضل مجموعة من العوامل والاستراتيجيات. ورغم التحديات الأولية وبعض التباطؤ، أظهر القطاع مرونة لافتة جعلته أكثر قدرة على التكيف مع المتغيرات.
* كانت هناك مخاوف حقيقية من تعرض قطاع السلع الفاخرة لضغوط كبيرة، خاصة وأن الولايات المتحدة والصين تمثلان معاً النسبة الأكبر من إجمالي المبيعات العالمية. وقد حذرت مؤسسات مالية من سيناريوهات سلبية في حال تفاقم التوترات التجارية، وهو ما انعكس على توقعات النمو والإيرادات.
* ومع ذلك، أسهمت عدة عوامل في تمكين صناعة السلع الفاخرة من مواجهة تلك التحديات، أبرزها القدرة على امتصاص التكاليف ورفع الأسعار بفضل الهوامش الربحية العالية، واستهداف شريحة من المستهلكين الأقل حساسية للتغيرات الاقتصادية.
* كما أسهمت مرونة سلاسل الإمداد وتنويع مواقع الإنتاج في الحد من تأثير الإجراءات الحمائية، إلى جانب التحول الرقمي والاستراتيجيات التسويقية المبتكرة التي عززت حضور العلامات الفاخرة في الأسواق الرقمية.

ويشير إلى أنه رغم هذه المرونة، لا يزال القطاع يواجه تحديات مثل تباطؤ النمو العالمي وتغيرات في سلوك المستهلكين، خاصة في الأسواق الرئيسية. كما يشكل ارتفاع الأسعار دون ابتكارات كافية تحديًا إضافيًا يحد من توسع قاعدة العملاء.

ويختتم حديثه قائلاً: "تمكنت صناعة السلع الفاخرة من تجاوز صدمة الحرب التجارية بفضل استراتيجياتها المرنة وقوة علاماتها التجارية، لكنها تبقى مطالبة بالتكيف المستمر مع ديناميكيات السوق المتغيرة لضمان استدامة نموها".

سكاي نيوز المصدر: سكاي نيوز
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار