خلال العام 1908، عاشت الولايات المتحدة الأميركية على وقع الانتخابات الرئاسية الواحدة والثلاثين بتاريخها. ومع اقتراب نهاية الولاية الرئاسية الثانية للرئيس ثيودور روزفلت (Theodore Roosevelt)، توجه الأميركيون لصناديق الاقتراع لاختيار الرئيس السابع والعشرين للبلاد.
وبهذه الانتخابات تواجه كل من المرشح الجمهوري وليام هاورد تافت (William Howard Taft)، الذي كان قد شغل سابقا منصب وزير الحرب، والمرشح الديمقراطي وليام جينينغ براين (William Jennings Bryan) الذي شغل خلال فترة ما منصب نائب بمجلس النواب الأميركي عن ولاية نبراسكا.
وبهذه الانتخابات الرئاسية حقق وليام هاورد تافت فوزا سهلا حيث حصد الأخير أصوات ما يزيد عن 7.6 مليون أميركي ليضمن بذلك 321 مقعدا بالمجمع الانتخابي تزامنا مع إعلان فوزه بنحو 29 ولاية. وفي مقابل ذلك، حصل وليام جينينغ براين على حوالي 6.4 مليون صوت ونال على إثر ذلك 162 مقعدا بالمجمع الانتخابي.
وحسب التقاليد الأميركية بتلك الفترة، كان من المقرر أن يجرى يوم 4 آذار/مارس 1909 حفل تنصيب وليام هاورد تافت رئيسا للبلاد. وفي الأثناء، مثّل حفل تنصيب تافت حدثا فريدا حيث تميز هذا الحدث حينها ببعض الطرائف كما شهدت بعض أطواره قطيعة مع إحدى أشهر التقاليد خلال حفلات التنصيب.
يوم 4 آذار/مارس 1909، كانت الولايات المتحدة الأميركية على موعد مع عاصفة ثلجية عنيفة أسفرت عن تراكم كميات هامة من الثلوج. وبناء على تقارير النشرة الجوية بتلك الفترة، شهدت العاصمة واشنطن وحدها 25 سنتيميترا من الثلوج، وهو الأمر الذي شل الحركة بالطرقات وهدد حفل تنصيب وليام هاورد تافت.
بسبب حالة الطقس السيئة، اتجه تافت لتغيير مكان حفل التنصيب وأداء القسم لداخل مبنى الكابيتول حيث أقيم هذ الحفل حينها داخل غرفة مجلس الشيوخ. من جهة ثانية، أشرف رئيس المحكمة العليا ميلفيل فولر (Melville Fuller) على أداء القسم الرئاسي.
وخلال أداء القسم، اعتمد تافت على نسخة قديمة من الإنجيل تعود لنحو مئة عام مضت ومملوكة للمحكمة العليا. وبعد نحو 12 سنة، استعان تافت بنفس هذه النسخة سنة 1921 أثناء أدائه القسم كرئيس للمحكمة العليا.
وخلال نفس ذلك اليوم، أدى جيمس شيرمان (James S. Sherman) القسم كنائب للرئيس الأميركي. وفي الأثناء، لم يتمكن شيرمان من إنهاء فترة خدمته كنائب للرئيس حيث توفي الأخير وهو بالمنصب يوم 30 تشرين الأول/أكتوبر 1912 عقب معاناة استمرت لسنوات مع مرض برايت.
ومن أجل الاستعراض يوم التنصيب، تجاهل تافت والمسؤولون بواشنطن تحذيرات المختصين بحالة الطقس. وانطلاقا من ذلك، تكفل حوالي 6 آلاف عامل نظافة بمهمة إزالة 58 ألف طن من الثلوج معتمدين على عدد من العربات المخصصة لذلك.
ولأول مرة بتاريخ استعراض يوم التنصيب، رافقت السيدة الأولى هيلين هيرون تافت (Helen Herron Taft) زوجها خلال تنقله من مبنى الكابيتول نحو البيت الأبيض.
من جهة ثانية، أقامت واشنطن حفلا بمبنى بنشين (Pension) احتفاء بتنصيب تافت. وفي الاثناء، مثل هذا النوع من الحفلات عادة اعتادت واشنطن عليها منذ عقود. إلى ذلك، اتجه الرئيس التالي وودرو ولسن لإلغاء هذا الحفل عقب مطلب تقدم به لمسؤولي العاصمة واشنطن.
وقد ظلت هذه العادة منسية لسنوات قبل أن يحييها هاري ترومان سنة 1949 خلال حفل تنصيبه عقب فوزه بولاية رئاسية ثانية.