في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
مع دخول الحرب في غزة عامها الثاني، يبدو أن الظروف تنضج نحو إعلان اتفاق وقف إطلاق نار بين إسرائيل وحركة حماس. هذا التطور يأتي في ظل تغيرات إقليمية ودولية قلبت الموازين، وأعادت صياغة أولويات الأطراف المعنية.
وتواجه حكومة بنيامين نتنياهو ضغوطًا هائلة على أكثر من جبهة. داخليًا، يضغط اليمين المتطرف بقيادة شخصيات مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير على نتنياهو، متهمين إياه بتقديم تنازلات "خطيرة"، منها الانسحاب من مناطق مثل محور فيلادلفيا، التي كانت تُعتبر حيوية لأمن إسرائيل.
وفي هذا السياق، يشير المحلل السياسي في "سكاي نيوز عربية" عماد الدين أديب إلى أن نتنياهو يعاني من ضغوط متعددة تشمل القضاء، عائلات الأسرى الإسرائيليين، المعارضة السياسية، وحتى الإدارة الأميركية.
ويقول أديب: "نتنياهو يحاول الموازنة بين هذه الضغوط، لكنه يعلم أن النجاح في إبرام الاتفاق قد يعزز مكانته السياسية، خاصة في ظل التحديات الداخلية التي تهدد بقاءه في الحكم".
التغيرات الإقليمية والدولية.. فرصة لصفقة مع حماس
الظروف التي تحيط بالمفاوضات الحالية تختلف جذريًا عن السنوات السابقة. فقد أثّر مقتل يحيى السنوار، قائد المكتب السياسي لحماس، وإضعاف المحور الإيراني، على ديناميكيات الصراع. كما أن انخراط دول مثل قطر ومصر والولايات المتحدة بفعالية أكبر عزز فرص الاتفاق.
ويشير أديب إلى أهمية التوقيت بالنسبة للولايات المتحدة، حيث تسعى إدارة بايدن لتحقيق إنجاز سياسي قبل انتقال السلطة إلى دونالد ترامب. من جهته، يريد ترامب تهدئة الأوضاع في الشرق الأوسط للتفرغ للملف الإيراني.
حماس.. مكاسب وسط الضعف
رغم أن حركة حماس تعاني من تراجع عسكري ومالي كبير بعد 15 شهرًا من الحرب، إلا أنها تسعى لتقديم أي اتفاق كإنجاز سياسي وشعبي. الاتفاق المتوقع يشمل الإفراج عن ألف أسير فلسطيني، بينهم 170 من ذوي الأحكام العالية، لكنه يستثني شخصيات بارزة مثل مروان البرغوثي وعبدالله البرغوثي.
يقول أديب: "حماس ستسوق الاتفاق كإنجاز نابع من تضحيات الشعب الفلسطيني، رغم أن الحركة تمر بأضعف حالاتها منذ سنوات".
على الجانب الآخر، يبدو أن إسرائيل تتعامل بحذر شديد مع "اليوم التالي" للاتفاق. منذ أحداث 7 أكتوبر 2023، أصبح الإسرائيليون أكثر تشددًا تجاه الضمانات الدولية، ولا يثقون بأي شريك فلسطيني. ويتوقع أن تشمل الترتيبات الأمنية تعزيز المناطق العازلة لضمان السيطرة الإسرائيلية على الوضع.
ويقول أديب إن "إسرائيل باتت تعتمد على نفسها بالكامل في تحديد مستقبل غزة، ولا تثق في أي اتفاقات مكتوبة أو ضمانات دولية، ما يعكس القلق الإسرائيلي من تكرار سيناريوهات الفشل السابقة."
تنافس الأطراف الدولية والإقليمية
الاتفاق المتوقع يكشف عن تنافس كبير بين القوى الدولية والإقليمية. إدارة بايدن ترى في الاتفاق فرصة لتعزيز نفوذها في المنطقة، بينما تسعى إدارة ترامب المقبلة لإثبات قدرتها على تحقيق إنجازات حاسمة. أما قطر ومصر، فتعملان على ترسيخ دورهما كوسطاء أساسيين في هذا الملف.
ويعلق أديب على ذلك قائلاً: "كل طرف يسعى لاقتناص الفضل في هذا الاتفاق؛ إدارة بايدن ترى فيه نجاحًا دبلوماسيًا، في حين أن ترامب سيعتبره تمهيدًا لمرحلة استقرار جديدة في المنطقة".
ورغم التفاؤل النسبي، يواجه الاتفاق تحديات كبيرة تتعلق بتنفيذه على الأرض. فإلى جانب الترتيبات الأمنية، تبرز قضايا مثل إعادة الإعمار، ومستقبل العلاقات بين حماس والسلطة الفلسطينية، والدور المتوقع للدول العربية في تعزيز الاستقرار.
ويوضح أديب أن الاتفاق لن ينهي الصراع، بل سيعيد تشكيل قواعده. "نتنياهو يسعى إلى تغيير جذري في الوضع الأمني في غزة، بينما تدرك حماس أن أي وقف لإطلاق النار سيُنظر إليه كفرصة لإعادة ترتيب أوراقها".
مع اقتراب الإعلان عن اتفاق وشيك بين إسرائيل وحماس، تتجه الأنظار إلى كيفية ترجمة هذا الاتفاق على الأرض. في ظل تعقيدات المشهد.
يبقى السؤال الأهم: هل سيفتح هذا الاتفاق الباب أمام مرحلة استقرار طويلة الأمد في غزة، أم سيكون مجرد هدنة قصيرة الأجل سرعان ما تنهار تحت وطأة الضغوط السياسية والميدانية؟
المؤشرات الحالية تشير إلى أن التغيرات الإقليمية والدولية قد تكون الدافع الحقيقي وراء إنجاز هذا الاتفاق، لكن ما يحدث "اليوم التالي" سيحدد إذا ما كان هذا الاتفاق سيكتب فصلًا جديدًا في الصراع، أم سيعيد الجميع إلى نقطة الصفر.