تتحرك " غوغل" بخطوات متسارعة لكسر الهيمنة البرمجية التي بنتها "إنفيديا" على سوق شرائح الذكاء الاصطناعي، عبر مبادرة جديدة تستهدف تحسين أداء شرائحها الخاصة عند تشغيل إطار العمل الشهير بايتورتش، الأكثر استخدامًا عالميًا في تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي، بحسب مصادر مطلعة تحدثت إلى وكالة "رويترز".
وتهدف هذه الخطوة إلى تعزيز مكانة وحدات معالجة الموتر (TPUs) التابعة لشركة غوغل كبديل عملي لوحدات المعالجة الرسومية (GPUs) التي تهيمن بها "إنفيديا" على السوق، في وقت أصبحت فيه البرمجيات، لا العتاد، العامل الحاسم في قرارات الشركات.
وبحسب المصادر، تحمل المبادرة الاسم الداخلي "تورشتبو"، وتركز على إزالة أحد أبرز العوائق أمام تبني شرائح "غوغل"، عبر جعلها متوافقة بسلاسة مع بيئة بايتورتش التي يعتمد عليها ملايين المطورين حول العالم.
وتدرس "غوغل" إتاحة أجزاء من المشروع كمصدر مفتوح، في محاولة لتسريع تبنيه من قبل العملاء وبناء ثقة أوسع داخل مجتمع المطورين.
وتشير المصادر إلى أن "غوغل" منحت "تورشتبو" أولوية تنظيمية واستثمارية أكبر بكثير من محاولاتها السابقة، خصوصًا مع تزايد شكاوى الشركات من أن البرمجيات تمثل عنق الزجاجة الحقيقي، رغم ملاءمة العتاد من حيث الأداء والكلفة.
ويُعد بايتورتش، المدعوم بقوة من شركة ميتا، العمود الفقري لمعظم مشاريع الذكاء الاصطناعي الحديثة.
وفي وادي السيليكون، نادرًا ما يتعامل المطورون مباشرة مع تفاصيل الشرائح، بل يعتمدون على أطر جاهزة تُخفي التعقيد وتُسرع التطوير.
ومنذ إطلاقه عام 2016، ارتبط تطور بايتورتش ارتباطًا وثيقًا بمنظومة "إنفيديا" البرمجية، التي يعتبرها محللو "وول ستريت" سلاحها الأقوى في مواجهة المنافسين.
وقد أمضت "إنفيديا" سنوات في تحسين أداء بايتورتش على شرائحها، ما جعل الانتقال إلى بدائل أخرى مكلفًا ومعقدًا.
في المقابل، اعتمدت "غوغل" داخليًا على إطار مختلف يُعرف باسم JAX، ما خلق فجوة بين طريقة استخدام "غوغل" لشرائحها والطريقة التي يفضلها العملاء، الذين بنوا بنيتهم التقنية حول بايتورتش.
وقال متحدث باسم "غوغل كلاود" إن الشركة تهدف إلى منح العملاء حرية الاختيار، مؤكدًا وجود طلب متزايد على كل من وحدات معالجة الموتر ووحدات المعالجة الرسومية، مع التركيز على المرونة وقابلية التوسع.
ولسنوات، احتفظت "غوغل" بشرائحها لاستخدامها الداخلي فقط، قبل أن تغيّر هذا النهج في عام 2022، حين بدأت "غوغل كلاود" بيعها للعملاء، ما أدى إلى زيادة كبيرة في الكميات المتاحة.
لكن عدم التوافق الكامل مع بايتورتش جعل اعتماد هذه الشرائح تحديًا هندسيًا يتطلب وقتًا وجهدًا إضافيين، وهو ما تسعى "غوغل" الآن إلى معالجته.
ويرى مراقبون أن نجاح "تورشتبو" قد يقلص بشكل كبير كلفة انتقال الشركات إلى بدائل "إنفيديا"، إذ إن قوة الأخيرة لا تكمن في العتاد فقط، بل في منظومة برمجية مترسخة بعمق داخل بايتورتش.
ولتسريع التطوير، تعمل "غوغل" بشكل وثيق مع "ميتا"، المطور الرئيسي لبايتورتش، حيث ناقش الطرفان صفقات محتملة تتيح لشركة ميتا الوصول إلى عدد أكبر من شرائح "غوغل".
وتسعى "ميتا" بدورها إلى تنويع بنيتها التحتية وخفض تكاليف تشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي، بعيدًا عن الاعتماد شبه الكامل على "إنفيديا".
وفي خطوة لافتة، بدأت "غوغل" هذا العام بيع شرائحها مباشرة لمراكز بيانات العملاء، وعينت مؤخرًا أمين فهدات رئيسًا لبنية الذكاء الاصطناعي التحتية، مع رفع تقاريره مباشرة إلى الرئيس التنفيذي سوندار بيتشاي.
وتعكس هذه التحركات إدراك "غوغل" أن مستقبل المنافسة في الذكاء الاصطناعي لن يُحسم بالشرائح وحدها، بل بالبرمجيات التي تجعل هذه الشرائح خيارًا سهلًا وجذابًا للمطورين حول العالم.
المصدر:
العربيّة