نظام "ملاحظات المجتمع".. هل سينجح على منصات "ميتا"؟

بدأت شركة ميتا، مالكة "فيسبوك" و"إنستغرام" و"ثريدز"، في اختبار ميزة تعرف باسم "ملاحظات المجتمع" بعدما أعلنت عن التخلي عن مدققي الحقائق على منصاتها في الولايات المتحدة.

و"ملاحظات المجتمع" هو نظام لتقصي الحقائق مستوحى من منصة "إكس" (تويتر سابقًا) المملوكة للملياردير الأميركي إيلون ماسك.

وفي حين أن ماسك، أغني رجل في العالم، يُتهم باستمرار باستخدام "إكس" لنشر المعلومات المضللة ونظريات المؤامرة، فإن نظام "ملاحظات المجتمع" يسبق ملكيته للمنصة، بحسب تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).

ما هو النظام؟

بدأ نظام "ملاحظات المجتمع"، الذي كان يُعرف سابقًا باسم "Birdwatch"، في عام 2021 وهو مستوحى من طريقة عمل "ويكيبيديا"، التي يكتبها ويحررها متطوعون.

ويعتمد النظام على مساهمين لا يتلقون أجرًا، لتصحيح المعلومات المضللة على المنصة. ويقيم المساهمون الملاحظات التصحيحية أسفل المنشورات الكاذبة أو المضللة.

ووصل عدد هؤلاء المساهمين الآن على منصة "إكس" إلى ما يقارب المليون شخص، بحسب ما نقله التقرير عن المنصة.

مميزات

قال أليكسيوس مانتزارليس، مدير مبادرة الأمان والثقة والسلامة في جامعة كورنيل للتكنولوجيا، إن مثل هذا النوع من الأنظمة يسمح للمنصات بـ"الحصول على المزيد من عمليات تقصي الحقائق، والمزيد من المساهمات، وبسرعة أكبر".

وتتمثل إحدى عوامل الجذب الرئيسية لأنظمة "ملاحظات المجتمع" في قدرتها على التوسع؛ فمع نمو قاعدة مستخدمي المنصة، تنمو أيضًا مجموعة المساهمين المتطوعين (إذا تمكنت من إقناعهم بالمشاركة).

ووفقًا لمنصة "إكس"، يقوم نظام "ملاحظات المجتمع" بالمئات من عمليات التحقق يوميًا. وفي المقابل، قد يتمكن مدققي الحقائق على "فيسبوك" من إدارة أقل من 10 عمليات في اليوم، كما تشير بعض التقارير.

وذكرت إحدى الدراسات أن "ملاحظات المجتمع" يمكن أن يوفر عمليات تقصي حقائق عالية الجودة، فقد وجد تحليل لـ 205 ملاحظات حول "كوفيد" أن 98% كانت دقيقة.

وتقول منصة "إكس" إن الملاحظة المرفقة بمنشور مضلل يمكن أن تقلل انتشاره بشكل طبيعي بأكثر من النصف، وتشير الأبحاث إلى أنها تزيد أيضًا من فرصة قيام الناشر الأصلي بحذف التغريدة بنسبة 80%.

ويزعم كيث كولمان، الذي يشرف على ملاحظات المجتمع على منصة "إكس"، أن "ميتا" تتحول إلى نظام أكثر كفاءة لتقصي الحقائق، وقال: "يغطي (نظام) ملاحظات المجتمع بالفعل نطاقًا أوسع بكثير من المحتوى مقارنة بالأنظمة السابقة".

الثقة في الخوارزميات

في محاولة للحفاظ على الثقة في "ملاحظات المجتمع"، تجعل منصة "إكس" جزءا من عملية التقصي بعيدًا عن أيدي البشر، حيث تعتمد على خوارزمية.

وتُستخدم الخوارزمية لاختيار الملاحظات التي يتم عرضها، وكذلك لضمان أن يعتبرها بعض المستخدمين مفيدة.

وبعبارات أبسط، تختار هذه الخوارزمية الملاحظات المقترحة التي تم تصنيفها على أنها مفيدة من قبل متطوعين يختلفون مع بعضهم البعض عادًة، بحسب منصة "إكس".

ويعتبر هذا حلا جيدًا لميتا، التي انتقد رئيسها التنفيذي مارك زوكربيرغ مدققي الحقائق على منصات الشركة، واتهمهم بـ"التحيز".

وتقول "ميتا" إن نظام ملاحظات المجتمع الخاص بها سيتطلب الاتفاق بين أشخاص لديهم مجموعة واسعة من وجهات النظر للمساعدة في منع التقييمات المتحيزة، "تمامًا كما يفعلون في إكس".

لكن هذا التوافق الواسع النطاق المطلوب هو معيار يصعب الوصول إليه. تشير الأبحاث إلى أن أكثر من 90% من ملاحظات المجتمع المقترحة لا تُستخدم مطلقًا. وهذا يعني أن الملاحظات الدقيقة قد لا يتم استخدامها.

ماذا سيحدث؟

حتى بعد رحيل مدققي الحقائق، ستظل "ميتا" توظف آلاف المشرفين الذين يزيلون الملايين من المحتوى كل يوم، مثل الرسوم التي تنطوي على عنف والمحتوى المتعلق بالاستغلال الجنسي للأطفال، والتي تنتهك قواعد المنصة.

ولا تزال تفاصيل خطط "ميتا" الجديدة للتعامل مع المعلومات المضللة قليل للغاية. ومن حيث المبدأ، يعتقد بعض الخبراء أن أنظمة "ملاحظات المجتمع" قد تكون مفيدة - لكن الكثيرين يشعرون أيضًا أنه لا ينبغي أن تكون بديلًا عن مدققي الحقائق.

وقال الأستاذ الجامعي توم ستافورد من جامعة شيفيلد إن ملاحظات المجتمع هي "نهج مشروع في جوهره"، لكنه يعتقد أن المنصات لا تزال بحاجة إلى مدققي حقائق محترفين أيضًا.

وأضاف أن الاعتماد على نظام "ملاحظات المجتمع" قد يكون مكونًا مفيدًا في نظام الإشراف على المعلومات، لكن لا ينبغي أن يكون المكون الوحيد.