في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
تلعب الطقوس والخرافات دورا هاما في عالم الرياضات الاحترافية، إذ غالبًا ما تعزز ثقة الرياضيين بأنفسهم وتركيزهم وشعورهم بالسيطرة. ومع ذلك، يبقى الخط الفاصل بين الطقوس المفيدة والتبعية خطًا رفيعًا.
بعض الأسماء الكبيرة في كرة القدم تؤمن بالخرافات قبل خوض المباريات، مثل الجناح الطائر يوهان كرويف أسطورة أياكس الهولندي السابق الذي كانت لديه طقوس قبل انطلاق كل مباراة.
كرويف، الذي كان يُنظر إليه باعتباره العقل المفكّر لأياكس، لم يكن فقط عبقريًا في الملعب، بل كان أيضًا رجل طقوس غريبة. قبل كل مباراة، اعتاد على فعل أمرين لا يتغيران: ضربة خفيفة على بطن الحارس "جيرت بالس" وإلقاء علكته في نصف ملعب الخصم.
بعض زملائه كانوا يسخرون من هذه العادات، لكنهم لاحظوا أنه لا يتخلى عنها أبدًا، حتى في مباريات الدوري العادية. كان كرويف يقول بصوت خافت: "الكرة لعبة عقلية.. وأنا بحاجة إلى التوازن النفسي قبل أن أبدأ".
في مايو/أيار 1969على ملعب "سانتياغو برنابيو" في مدريد، نزل لاعبو فريق أياكس إلى أرض الملعب بثقة الكبار، لمواجهة ميلان الإيطالي لكنهم خرجوا منه محطّمين، بعد خسارة ثقيلة ومؤلمة في نهائي كأس أوروبا للأندية 4-1.
قبل انطلاق المواجهة أمام الروسونيري، وقف كرويف على خط المنتصف، يحدّق في مدرجات البرنابيو التي تعجّ بالجماهير. الوقت كان ضيقًا، والمباراة توشك على البدء. وبسبب التوتر والتنظيم الأمني الغريب، دخل اللاعبون إلى أرض الملعب بسرعة.
نسي كرويف ممارسة طقسه، فلم يرمِ العلكة في نصف ملعب الفريق الإيطالي، ولم يقم أيضا بضرب الحارس جيرت بالس على بطنه. الأخير لاحظ ذلك لاحقًا، لم يتجرأ على قول شيء.
خلال المباراة بدأ الفريق الإيطالي بقيادة مجموعة من اللاعبين الدوليين مثل جيوفاني تراباتوني وجياني ريفيرا وكورت هامرين، يفرض سيطرته ونجح بييرينو براتي في تسجيل ثلاثية قاتلة، وأضاف زميله أنجليو سورماني هدفًا رابعًا، بينما جاء الهدف الوحيد لأياكس متأخرًا، وكان شرفيًا لا أكثر.
بعد خسارة المباراة قال كرويف: "كنا متوترين. خائفين ربما. لم نكن مستعدين لهذا المستوى من اللعب".
لكن الصحافة الهولندية كانت تبحث عن تفسير مختلف. وفي عمود صغير بصحيفة "دي تلغراف" كتب صحفي رياضي مخضرم: "إن كرويف لم يؤدِّ طقوسه. هل خسرنا بسبب العلكة؟".
ومنذ تلك اللحظة، تحولت القصة إلى أسطورة، تروى في أروقة أياكس، وفي المقاهي، وحتى في كتب الأطفال.
كرويف، الذي كان رافضا للخرافات، اعترف لاحقًا، في مقابلة نادرة عام 1997: "أنا لا أؤمن بالحظ. لكنك حين تتعوّد على شيء، ويمنحك شعورًا بالثقة.. فإنك حين تتركه، تشعر أن شيئًا ناقصًا. ربما كانت مجرد علكة. وربما كانت أكثر من ذلك".
بعد سنوات عبّر كرويف من جديد عن رأيه بشأن الخرافات "إن الأهم هو ألا يؤمن اللاعبون بها.. يجب التأكد من عدم تأثيرها. إذا كنت تعتقد أنه يتصرف بغرابة".
يُظهر إنكار كرويف الحرج الذي يُحيط بالخرافات، أما الطقوس الباقية فقد اختفت في الغالب.
في مسيرته، فاز كرويف بثلاثة ألقاب متتالية في دوري أبطال أوروبا بعد تلك الليلة، لكن نهائي 1969 بقي في ذاكرته. وربما، في مكان ما في عقله، بقيت العلكة حبيسة بين الندم والتأمل.
بصق العلكة لم تكن حركة عشوائية أو قلة أدب تجاه المنافس، بل كانت حركة مدروسة من كرويف تحمل رسائل عميقة:
أصبحت صورة كرويف وهو يلفظ علكته واقفًا على خط التماس على الأرجح أكثر الصور شهرة، وتحولت إلى أيقونة ترمز إلى العبقرية، الغرور، والثقة التي لا تهتز.
توفي اللاعب الأسطوري في مارس/آذار 2016 بسبب سرطان مزمن. لكنه لا يزال يُنظر إليه كواحد من الشخصيات ذات التأثير الكبير سواء لاعبا أم مدربا.
لقد أحدثت فترة وجوده في برشلونة ، لاعبًا ومدربًا، تحولًا جذريًا في النادي والمدينة، وعلى الرغم من أن كرويف لعب بقميص رقم 9 في برشلونة، إلا أنه معروف عالميًا باستخدامه الشهير للرقم 14.
كمدرب، نجح في بناء فريق برشلونة الذهبي، ليقود الفريق إلى 4 ألقاب متتالية في الليغا وكأس أوروبا 1992، مبتكرا فلسفة تعتمد على الاستحواذ والضغط والهجوم المتنوع.
لعب كرويف دوراً رئيسياً في ابتكار وتطوير كرة القدم الشاملة وهو أسلوب لطالما عُرف به منتخب هولندا وفريق برشلونة الإسباني.
كلاعب، توج كرويف مع أياكس بـ3 ألقاب أوروبية و8 بطولات للدوري، وفاز بالدوري الإسباني مع برشلونة.