ظل نطاق "التيراهيرتز" لسنوات يوصف في الفيزياء بأنه "فجوة" بين عالمين، الأول هو عالم الإلكترونيات والثاني هو عالم البصريات، والآن تمكن فيزيائيون من جمع هذين العالمين معا.
لفهم الفكرة دعنا نبدأ بفهم "الطيف الكهرومغناطيسي"، والذي يمثل كل الإشعاع في الكون، بما في ذلك الضوء المرئي، والذي يمثل جزءا طفيفا من هذا الطيف.
تخيل أن الطيف الكهرومغناطيسي طريق طويل عليه محطات، في بدايته موجات الراديو التي نستخدمها لنسمع صوت "الراديو" كل يوم، ثم الميكروويف (نستخدمها في أجهزة مثل الواي فاي والميكروويف في المطبخ)، ثم الأشعة تحت الحمراء (التي نشعر بها كحرارة وتستخدمها بعض أجهزة التحكم عن بعد)، ثم الضوء المرئي الذي نراه بأعيننا، وهكذا.
نطاق التيراهيرتز هو محطة تقع بين "الميكروويف" و"تحت الحمراء"، يعني ذلك أنه إشعاع أعلى من موجات الواي فاي، لكنه ليس ضوءا مثل الأشعة تحت الحمراء أو الضوء المرئي.
ولكن يبدو أن العلماء اقتربوا من سبر أغوار فجوة التيراهيرتز الغامضة، ففي دراسة جديدة منشورة في دورية "أوبتيكا"، أعلن فريق من العلماء عن ابتكارهم ما يسمى "هوائيا كميا" مصنوعا من ذرات الروبيديوم.
هذه الذرات ليست عادية، بل جرى دفع أحد إلكتروناتها إلى مدار بعيد جدا بواسطة ليزرات مضبوطة بدقة، وفي هذه الحالة تصبح الذرة شديدة الحساسية لأي مجال كهربائي خارجي، كأنها "مستقبل إشارة" على مستوى الذرة.
تتمكن هذه المستقبلات الذرية من رصد إشارات في نطاق التيراهيرتز، ولكن هذه الإشارات كانت ضعيفة للغاية، لذا حول العلماء موجة التيراهيرتز إلى فوتونات ضوئية يمكن عدّها بكواشف شديدة الحساسية (تستطيع رصد فوتون واحد).
وبحسب الدراسة، فإن ذلك مكن العلماء من جمع ميزتين، الأولى أن الذرة تعطي معيارا دقيقا للقياس، والثانية أن الكاشف الضوئي يعطي حساسية عالية جدا.
فمثلا قد يسهم ذلك في تطوير أجهزة تفتيش أكثر أمانًا في المطارات والشحن، عبر فحص الطرود والمواد من دون أشعة سينية، وبقدرة أفضل على تمييز بعض المواد.
كما قد يسهم ذلك في فحص جودة المنتجات في المصانع، وفحص الأدوية والأغذية، والسماح باتصالات أسرع جدًا لمسافات قصيرة، عبر تطوير وصلات لاسلكية فائقة السرعة بين أجهزة قريبة، وهي فكرة تُناقش ضمن مسارات الجيل السادس.
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة
مصدر الصورة