الوكيل الإخباري- يحمل تقرير وكالة التصنيف الائتماني العالمية موديز الأخير عن الأردن دلالات اقتصادية عميقة تتجاوز مجرد تثبيت التصنيف عند مستوى (Ba3)، إذ يُعدّ بمثابة شهادة ثقة دولية جديدة بالاقتصاد الأردني، تؤكد قدرته على الصمود أمام الضغوط الإقليمية والاقتصادية، ومواصلة تنفيذ إصلاحاته الهيكلية بثبات.
وزير المالية الأسبق الدكتور محمد ابو حمور، أكد أن الاحتفاظ بتصنيف مستقر في ظل بيئة عالمية مضطربة، وتحديات داخلية تشمل ارتفاع الدين والبطالة وتواضع النمو، يعكس نجاح السياسات الاقتصادية والمالية التي انتهجتها الحكومة الأردنية في السنوات الأخيرة.
وأضاف، أن هذا يعني أن الأردن استطاع أن يوازن بين متطلبات الانضباط المالي، واستمرار الإنفاق التنموي والخدماتي، دون أن يفقد ثقة مؤسسات التصنيف الدولية أو شركائه الدوليين.
من الناحية العملية، أكد ابو حمور، أن هذا التصنيف يوفر مظلة أمان استثمارية للمملكة، إذ يشكّل مؤشراً إيجابياً للمستثمرين والبنوك الدولية على استقرار البيئة الاقتصادية والنقدية في الأردن، فوكالات التصنيف مثل موديز تُعد مرجعاً رئيسياً للمؤسسات المالية في تحديد مخاطر الإقراض والاستثمار، وبالتالي، فإن تثبيت التصنيف عند درجة مستقرة يعني أن الأردن يتمتع بمستوى مقبول من الجدارة الائتمانية، ما يساهم في خفض كلفة الاقتراض مستقبلاً وتحسين شروط التمويل للمشاريع التنموية الكبرى.
وأشار إلى أن التقرير يعزز سمعة الأردن الائتمانية أمام المؤسسات المانحة وصناديق التمويل الدولية، إذ يثبت أن المملكة قادرة على الوفاء بالتزاماتها المالية، وتتمتع بسياسات نقدية متماسكة بفضل استقرار الدينار الأردني المرتبط بالدولار الأميركي. هذا الربط، الذي أشادت به "موديز"، يشكّل أحد أعمدة الثقة بالاقتصاد المحلي ويمنح المستثمرين شعوراً بالاستقرار في ظل تقلبات أسعار الصرف الإقليمية والعالمية.
ويشير التحليل الوارد في التقرير إلى أن قوة الاقتصاد الأردني تكمن في الاستمرارية المؤسسية والانضباط في تنفيذ السياسات الإصلاحية، حيث تمتلك الحكومة خبرة تراكمية في إدارة المديونية العامة وضبط النفقات وتحسين الإيرادات دون المساس بالاستقرار الاجتماعي أو النقدي.
أما النظرة المستقبلية التي تضمنها تقرير موديز، فهي تمنح إشارات تفاؤلية، إذ ترى الوكالة أن استمرار الإصلاحات الاقتصادية، لا سيما في بيئة الاستثمار وسوق العمل، سيعزز تدفق الاستثمارات الأجنبية ويحفّز النمو، بما ينعكس إيجاباً على معدلات التشغيل ويقوي البنية الاقتصادية للمملكة على المدى الطويل، بحسب ابو حمور.
وأوضح، أن التقرير لا يقدّم تقييماً رقمياً فحسب، بل يرسم خريطة ثقة تشير إلى أن الأردن يسير في الاتجاه الصحيح، وأن الإصلاحات التي اتخذها ليست شكلية بل مؤسسية، وأن استقراره السياسي والنقدي أصبح عامل جذب في منطقة تموج بالتقلبات.
وأشار أن تثبيت التصنيف الائتماني للأردن اليوم يعني عملياً أن الاقتصاد الأردني يتمتع بمرونة عالية وثقة دولية راسخة، وأنه يمتلك القدرة على مواجهة الصدمات، والتكيف مع التغيرات الإقليمية، والحفاظ على استقراره المالي والنقدي. وهو بذلك يبعث رسالة طمأنينة للأسواق والمستثمرين مفادها، أن الأردن، رغم محدودية موارده، ينجح في تحويل التحديات إلى فرص، ويواصل ترسيخ مكانته كاقتصاد مستقر في قلب منطقة مضطربة.
المصدر:
الوكيل