سرايا - يجدد مستخدمو الطريق الدولي الرابط بين إربد والزرقاء مروراً بالمفرق مطالباتهم برفع السرعة المقررة عليه من 70 كلم/ساعة إلى 90 كلم/ساعة، مشيرين إلى أن السرعة الحالية "غير منطقية" ولا تتناسب مع طبيعة الطريق المجهز، فيما تؤكد الجهات الرسمية أن تحديد السرعة يأتي بناءً على دراسات فنية دقيقة تضع السلامة العامة في المقام الأول.
المطالبات برفع السرعة على الطريق الحيوي تعكس حاجة حقيقية لدى السائقين لتقليل مدة الرحلة وتجنب المخالفات المتكررة، في حين تلتزم الجهات الرسمية بالسلامة العامة كأولوية قصوى.
سائقون: السرعة المقررة غير منطقية وتضاعف المخالفات
ويعتبر مستخدمو الطريق أن السرعة الحالية المقررة على مسافات طويلة منه تتسبب في العديد من المشكلات، كالتعرض للمخالفات المرورية بشكل متكرر، والإرباك الذي تسببه السرعة المقررة للسائقين الذين يحاولون تفادي التعرض للمخالفة مع وجود كاميرات.
يقول السائق احمد بني هاني، الذي يستخدم الطريق بشكل شبه يومي للوصول من إربد إلى مكان عمله في الزرقاء، إن تحديد السرعة بـ70 كلم/س على مسافة طويلة من الطريق "أمر غير منطقي"، مضيفاً أن الطريق عريض ومفصول بجزيرة وسطية ومؤهل ليكون بسرعة اقلها 90 كم بالساعة.
ويضيف أن السير بسرعة 70 يجعل السائق في حالة قلق دائم من كاميرات الرادار، بدلاً من التركيز على القيادة الآمنة، مشيرا إلى أن الالتزام بالسرعة الحالية يتسبب في تكدس المركبات، خصوصاً في أوقات الذروة الصباحية والمسائية، ما يدفع بعض السائقين إلى التجاوز بشكل خطير.
ويعبر سائقون عن استيائهم من تكرار المخالفات المرورية التي يدفعونها سنويا رغم أن القيادة على الطريق آمنة والسرعة مناسبة لطريق بالمواصفات الموجودة، مطالبين الجهات المعنية بإعادة النظر بالدراسات الفنية التي تقرر بناء عليها تحديد السرعة بـ 70 كم بالساعة.
ويؤكد السائق علي الشرع أنه تعرض لحادث قبل شهرين عندما اضطر سائق شاحنة أمامه إلى التوقف المفاجئ بسبب محاولته تقليل سرعة مركبته إلى السرعة المقررة، وهي ليست الحادثة الأولى ولن تكون الأخيرة في ظل اضطرار سائقي المركبات الصغيرة للسير بسرعة أعلى من المقررة، لافتا إلى أنه تكبد مخالفات مالية تجاوزت 200 دينار خلال عام واحد بسبب السرعة على هذا الطريق، رغم أنه كان يسير بسرعة لا تتجاوز 95 وهي "سرعة طبيعية جداً" على حد قوله لطريق بمثل هذه المواصفات.
ويقول" رغم أن غالبية الطريق شبه خال من السكان والمشاة إلا أننا مجبرون على الالتزام بسرعة لا تتناسب مع ظروف الطريق ما يوقعنا في مأزق التعرض للمخالفات المرورية رغم أننا نقود بأمان، مبينا أن السيارات الثقيلة غالبا ما تكون أبطأ، وهذا التباين في السرعات يزيد من احتمالية الحوادث، خصوصا عند محاولات التجاوز.
ويبين السائق العمومي أبو أنس الذي يعمل على خط إربد الزرقاء أن انخفاض السرعة المقررة يطيل من مدة الرحلة ما يزعج الركاب ويزيد من استهلاكه للوقود، مشيرا إلى أنه يدفع سنوياً ما لا يقل عن 100 دينار من قيمة مخالفات السرعة، مؤكدا أن المخالفات تحولت إلى عبء مالي كبير يضاف إلى ارتفاع تكاليف التشغيل.
خبراء سلامة مرورية: السرعة جزء من منظومة السلامة
يؤكد خبراء مروريون أن المطالبة برفع السرعة يجب أن تتم بناءً على دراسات فنية شاملة تأخذ بعين الاعتبار طبيعة الطريق ونسبة الحوادث وأعداد المركبات.
ويرى الخبير المروري محمد بني سلامة إن السرعة ليست وحدها المعيار، إذ أن التقييد بسرعة 70 قد يكون أحياناً أفضل إذا كانت هناك تقاطعات أو مداخل فرعية أو أماكن عبور مشاة، منوها إلى أنه إذا كان الطريق مهيأ فنياً ومفصولاً بالكامل فمن الممكن إعادة دراسة السرعة ورفعها إلى 90 بما يتناسب مع معايير السلامة.
وفقاً للتقارير العامة الصادرة عن مديرية الأمن العام، يشهد طريق إربد – الزرقاء كثافة عالية في حركة المركبات اليومية، خاصة خلال أوقات الذروة, وعلى الرغم من عدم توفر أرقام دقيقة تفصل هذا الطريق عن باقي الطرق الرئيسية، تشير التقديرات إلى أن الطرق الرئيسية في محافظة إربد تشهد عشرات الحوادث سنوياً، بعضها نتيجة تجاوز السرعات المقررة أو التباين في حركة المركبات بين الشاحنات والسيارات الصغيرة.
الجهات الرسمية.. السلامة المرورية أولوية
يوضح مصدر في إدارة السير أن السرعات المقررة على الطرق لا يتم وضعها بشكل عشوائي، وإنما بعد دراسة من قبل لجان مختصة تأخذ بعين الاعتبار "معدلات الحوادث، كثافة السير، طبيعة الطريق الهندسية، ووجود خدمات أو تجمعات سكنية على جانبيه، موضحا أن رفع السرعة "ليس هدفاً بحد ذاته"، وأن الإدارة تعمل على تحقيق التوازن بين انسيابية السير وسلامة المواطنين، اذ أن الطريق شهد في السنوات الماضية عدداً من الحوادث الخطيرة بسبب التجاوزات والسرعات العالية.
ولم يستبعد المصدر إمكانية إعادة تقييم بعض المقاطع في ضوء المطالبات الشعبية، مؤكدا متابعة السير لجميع الملاحظات وترفع للجهات المختصة، وإذا تبين أن هناك إمكانية لرفع السرعة بما لا يؤثر على السلامة العامة فلن نتردد.
من جانبه يبين الناطق الإعلامي باسم وزارة الأشغال العامة والإسكان عمر محارمة إن تحديد السرعات على الطرق يتم وفق معايير هندسية وفنية تراعي حجم الحركة المرورية ومستوى السلامة العامة، موضحا أن الوزارة تقوم بمراجعة دورية لحدود السرعات على الطرق كافة، وبالتنسيق مع إدارة السير وهيئة تنظيم النقل البري، وفي حال ثبوت حاجة أي طريق لتعديل السرعة يتم رفع التوصيات اللازمة بذلك.
ويؤكد أن الوزارة تضع سلامة المواطنين على رأس أولوياتها، مشيراً إلى أن أي تعديل محتمل على السرعة المقررة في طريق إربد – الزرقاء سيُدرس وفق أسس علمية، ويهدف إلى تحقيق التوازن بين انسيابية حركة المرور ومتطلبات السلامة العامة.
ويقول المحارمة "تم تأهيل طريق إربد – المفرق – الزرقاء مؤخراً في عام 2021 بعد أعمال توسعة وصيانة شاملة لعدة مقاطع رئيسية، مشيرا إلى أن بعض الأجزاء ما تزال تمر بمحاذاة تجمعات سكنية وزراعية، وهو ما يستدعي الإبقاء على سرعة 70 كلم/س في الوقت الحالي.
ويلفت إلى أن الوزارة على استعداد لإعادة دراسة الطريق كاملاً بالتعاون مع الجهات المختصة، مؤكداً أن المعيار الأساسي ليس رضا السائقين فقط، بل سلامتهم وسلامة مستخدمي الطريق، وأي قرار برفع السرعة "سيكون مبنياً على تقارير هندسية ومرورية دقيقة، لا على المطالبات فقط".
ويعد الطريق واحداً من أكثر الشرايين الحيوية في شمال ووسط المملكة، إذ يربط بين ثلاث محافظات كبرى (إربد، المفرق، الزرقاء)، ويشهد حركة سير يومية كثيفة تشمل سيارات خصوصية، شاحنات نقل، وحافلات ركاب، فضلاً عن كونه ممراً إستراتيجياً يربط بالشبكة الدولية المؤدية إلى حدود العمري مع السعودية.
الغد