سرايا - يدخل مجلس النواب الأردني أجواء الدورة العادية المقبلة وسط حالة من الارتباك والضبابية، بفعل إعلان أربعة من أبرز أعضائه على الأقل نيتهم الترشح رسميًا لرئاسة المجلس، في مشهد يوصف بأنه "زحام مرشحين" يعكس انقسامات داخلية وتجاذبات شخصية أكثر منها سياسية أو برامجية.
الخطوة فتحت الباب أمام مزيد من الضغوط على السلطة التشريعية، وأربكت الحكومة التي وجدت متنفسًا مؤقتًا بعد تجنّب عقد دورة استثنائية صيفية.
غير أن استحقاق اختيار رئيس جديد للمجلس يضع رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان أمام معضلة حتمية، تتعلق بضرورة تحديد موقف السلطة التنفيذية من صراع داخلي محتدم بين النواب أنفسهم.
اللافت أن معظم المرشحين ينتمون إلى أحزاب الوسط، بل إن بعضهم من الحزب ذاته، مثل حزب الميثاق الأردني. هذا التداخل أضفى مزيدًا من الغموض على مشهد الترشح، خصوصًا أن التنافس لا يستند – وفق مراقبين – إلى برامج واضحة لإدارة المجلس بقدر ما يعكس رغبة في إزاحة الرئيس الحالي أحمد الصفدي، الذي يتولى المنصب منذ عدة سنوات والذي يحظى بثقة كبيرة من اعضاء المجلس.
وكان قد أعلن الأمين العام للحزب الإسلامي الوطني الدكتور مصطفى العماوي ترشحه رسميًا باسم الحزب وائتلافه مع كتلة "عزم"، فيما سبق أن كشف القيادي في حزب تقدم الدكتور مصطفى الخصاونة عن نواياه لخوض السباق.
المفاجأة الأبرز جاءت من النائب المخضرم مجحم الصقور، الذي أعلن ترشحه باسم حزب الميثاق، ليعقب هذا الأمر ايضًا اعلان النائب علي الخلايلة نيته للمنافسة على كرسي الرئيس.
كما دخل حزب "إرادة" على الخط ببيان أكد فيه عزمه المنافسة، بينما تتداول أوساط برلمانية أسماء أخرى مثل النائب إبراهيم الطراونة والنائب نصار القيسي.
يؤكد مراقبون أن أخطر ما في "زحام المرشحين" هو أنه يعكس حالة من التفتيت داخل جبهة الأحزاب الوسطية، ما يجعل من الصعب توحيد موقفها أو صياغة تحالف متماسك. ويمتد أثر هذا الانقسام ليطال تشكيل اللجان النيابية والمكتب الدائم، بما في ذلك موقعي النائبين الأول والثاني للرئيس والأمانة العامة.
في المقابل، يلتزم نواب التيار الإسلامي الصمت، مكتفين بمراقبة تفاصيل المشهد، في خطوة يقرأها البعض باعتبارها "استثمارًا صامتًا" في خلافات الخصوم، بانتظار اللحظة المناسبة للتأثير.
يبقى التنافس على مقعد رئاسة البرلمان محصورًا داخل "مربع ضيق" لكنه شديد الحساسية، حيث تتغذى الطموحات الشخصية على حساب البرامج الإصلاحية، فيما تجد السلطة التنفيذية نفسها أمام معادلة معقدة بين الحياد والتأثير.
ومع استمرار حالة الزحام وغياب التوافق، يبدو أن الدورة المقبلة ستنطلق وسط انقسامات مرشحة للتصاعد، ما قد ينعكس على استقرار المؤسسة التشريعية بأكملها.