آخر الأخبار

48 % من العاملين في الاردن يفقدون وظائفهم بسبب المواصلات التي تستنزف 35 بالمئة من رواتبهم

شارك

سرايا - عقد المنتدى الاقتصادي الأردني جلسة حوارية ضمن "الصالون الاقتصادي" بعنوان "البطالة ورؤية التحديث الاقتصادي"، بمشاركة مدير عام المركز الأردني لحقوق العمل بيت العمال حمادة أبو نجمة، وبحضور رئيس المنتدى مازن الحمود وعدد من أعضاء مجلس إدارة المنتدى والهيئة العامة.

رئيس المنتدى الحمود أكد أن المنتدى تأسس لمتابعة القرارات والتطورات الاقتصادية في المملكة وتحليلها، لكنه يعتبر أن المعيار الأهم لقياس نجاح أي قرار اقتصادي هو مدى انعكاسه على خفض نسب البطالة، التي تبقى المؤشر الأول لمدى شعور المواطن بتحسن الأوضاع الاقتصادية.

وأضاف أن نسب النمو وبقية المؤشرات الاقتصادية لا بد من النظر إليها، لكن البطالة تبقى في صلب اهتمام المنتدى.

وبيّن أن المنتدى يولي اهتمامًا خاصًا بدراسة واقع سوق العمل، حيث يشترط أن تتناول جميع الأوراق الصادرة عنه جانب العمالة كعنصر أساسي في التحليل.

وأشار إلى أن رؤية التحديث الاقتصادي طرحت أهدافًا طموحة لخلق فرص عمل جديدة تخفف من معدلات البطالة، لافتًا إلى أن دائرة الإحصاءات العامة أعلنت عن توفير نحو 90 ألف فرصة عمل خلال عام 2024، وهو إنجاز مهم، غير أن نسب البطالة لم تشهد انخفاضًا ملموسًا حتى الآن.

وأكد الحمود أن هذه الجلسة جاءت في إطار متابعة المنتدى للقضايا الاقتصادية ذات الأثر المباشر على حياة المواطنين، مشددًا على أن البطالة تمثل التحدي الأكبر أمام الأردن، وأن المنتدى يسعى عبر حواراته وأوراقه البحثية إلى تقديم مقاربات عملية تساعد صناع القرار في مواجهة هذا الملف الحساس.

وبدوره، قال أبو نجمة، إن الأرقام الرسمية والواقع الميداني يكشفان حجم أزمة البطالة وضعف السياسات الموجهة لمعالجتها.

وقال أبو نجمة إن عدد المشتغلين في الأردن يبلغ حوالي 1.576 مليون شخص، ومن بينهم لا تتجاوز نسبة الشباب العاملين 11% فقط، وهي نسبة ضئيلة مقارنة بحجمهم في المجتمع.

وأوضح أن نسبة البطالة بين الشباب من 16 وحتى 24 عامًا هي أعلى نسبة من معدل البطالة الذي وصل إلى 46.6%، معتبرًا أن هذه الفئة العمرية تحديدًا يجب أن تكون محور الاهتمام في أي استراتيجية اقتصادية.

وأشار إلى أن التحدي يتعاظم مع تدفق الخريجين الجدد إلى سوق العمل، إذ يدخل سنويًا نحو 130 ألف شخص كباحثين عن عمل، بينهم ما يقارب 90 ألف من حملة الشهادات الجامعية، فيما يشكل الباقي من حملة الثانوية العامة والدبلوم المهني، أو من دون أي مؤهل.

وأوضح أن أعداد الملتحقين بالجامعات في العام الحالي وحده بلغ نحو 85 ألف طالب، ما يعني أن بعد أربع أو خمس سنوات سيكون هناك دفعة جديدة كبيرة من الخريجين ستنضم إلى صفوف الباحثين عن العمل.

وبيّن أن سوق العمل الأردني، وحتى ما قبل جائحة كورونا، لم يكن يستوعب سوى نحو 50 ألف فرصة عمل سنويا على الأكثر، وهو رقم أقل بكثير من حجم الداخلين الجدد إلى السوق.

وأوضح أن تقريرًا رسميًا أشار إلى أن عام 2024 شهد إضافة نحو 96 ألف فرصة عمل، لكنه رغم ذلك لم يسهم في تخفيض معدل البطالة بشكل ملموس، ما يعكس حجم الفجوة البنيوية في السوق.

وأضاف أن الأرقام الرسمية تبين أن عدد المتعطلين عن العمل حتى نهاية عام 2024 بلغ 429 ألف شخص وأكثر من 45% منهم من حملة المؤهلات الجامعية، فيما تتوزع النسبة الباقية بين حملة الثانوية العامة أو أقل.

وأكد أن هذه التركيبة تعكس أزمة مزدوجة: من جهة ارتفاع البطالة بين المتعلمين، ومن جهة أخرى ضعف استيعاب السوق للفئات الأقل تعليمًا.

ولفت أبو نجمة إلى أن نسبة المشاركة الاقتصادية في الأردن، والتي تعني مجموع العاملين والباحثين عن عمل، بلغت فقط 34% من إجمالي السكان في سن العمل، أي ممن هم فوق 16 عامًا، بينما لا يعمل فعليًا سوى 25% من إجمالي عدد السكان.

وأضاف أن عدد سكان الأردن يبلغ حوالي 11 مليون نسمة، منهم 7,721 مليون من الأردنيين، ويقدر عدد من هم في سن العمل من الأردنيين بنحو 5.1 مليون شخص.

وأوضح أن من بين هؤلاء، يشكل الشباب ما نسبته 62%، ما يعني أن الأردن أمام كتلة شبابية ضخمة تحتاج إلى سياسات تشغيلية مدروسة.

وأشار إلى أن قوة العمل الأردنية، أي مجموع المشتغلين والمتعطلين، تبلغ حوالي مليوني شخص، منهم 1,570 مليون عامل، و429 ألف متعطل عن العمل، وبالمقابل، تشير تقديرات إلى أن عدد العمالة الوافدة في الأردن يتراوح بين 1,400 1,500 مليون عامل، أي أن إجمالي قوة العمل في المملكة يصل إلى نحو 3,500 مليون عامل بين أردنيين ووافدين.

وأكد أبو نجمة أن غياب قاعدة بيانات دقيقة وموحدة للعمالة الوافدة يمثل إشكالية رئيسية، موضحًا أن وزارة العمل تشير إلى أن عدد الحاصلين على تصاريح عمل يقارب 300 ألف فقط، فيما تتحدث جهات أخرى عن أرقام تتجاوز المليون ونصف.

واكد ابونجمة، ان 48 % من العاملين بالأردن يفقدون وظائفهم بسبب المواصلات، حيث تستنزف المواصلات نحو 35 بالمئة من رواتب العاملين.

وأشار إلى أن هناك تسربًا كبيرًا للعمالة غير المنظمة في قطاعات الزراعة والخدمات والمنازل، بالإضافة إلى عمال من جنسيات لا تخضع لشروط الإقامة والتأشيرة، الذين يسمح لهم بالدخول بناءً على اتفاقيات ثنائية مع الأردن، ما يجعل الأرقام الفعلية للعمالة الوافدة غير معروفة بدقة.

وأوضح أن السوق الأردني يتميز بخصوصية فريدة مقارنة بدول المنطقة، فهو في آن واحد يستورد العمالة ويصدرها، حيث يعمل خارج الأردن نحو مليون أردني معظمهم في دول الخليج، إلى جانب أعداد أخرى في دول غربية.

وقال إن هذا الواقع يفرض على السياسات الوطنية إيجاد توازن دقيق بين حماية حقوق العمال المحليين وتنظيم استقدام العمالة الوافدة بما يخدم المصلحة الاقتصادية.

ورأى أبو نجمة أن استخدام شعار "العمالة الوافدة سبب البطالة" هو تبسيط خاطئ، مشيرًا إلى أن نحو 90% من العمالة الوافدة أميون أو شبه أميين، بينما المتعطلون الأردنيون هم في معظمهم من حملة المؤهلات المتوسطة أو العليا.

وشدد على أن الحل يكمن فيما وصفه بـ"الإحلال الذكي"، أي توجيه فئات محددة من الأردنيين، خصوصًا من غير الجامعيين، أو من حملة المؤهلات المتوسطة، إلى القطاعات التي يعمل فيها الوافدون، مع تحسين بيئة العمل وتوفير التدريب اللازم.

وقال إن نحو 45% من المتعطلين الأردنيين هم من فئة أقل من الثانوية العامة، وهؤلاء يمكن أن يحلوا مكان جزء من العمالة الوافدة إذا ما تم إعدادهم وتأهيلهم بشكل صحيح.

وأضاف أن نسبة الأردنيين العاملين في قطاع التكنولوجيا، وهو من القطاعات الواعدة، لا تتجاوز 2.9% فقط، ما يعكس ضعف الاستفادة من طاقات الشباب الجامعي المؤهل.

ودعا إلى استثمار هذه الطاقات في قطاعات حديثة بدلًا من دفعهم للعمل في مهن لا تتناسب مع مؤهلاتهم، وهو ما يولّد الإحباط، ويعمّق أزمة البطالة.

وبيّن أن أسباب عزوف الأردنيين عن بعض المهن التي يشغلها الوافدون واضحة ومعروفة، أبرزها تدني الأجور، وغياب الضمان الاجتماعي في بعض القطاعات مثل الزراعة، وظروف العمل الشاقة، وبعد مواقع العمل عن أماكن سكن الأردنيين، في حين يقيم العمال الوافدون عادة في مواقع العمل ذاتها، ما يخفف عليهم الكلف.

وأكد أن معالجة هذه الأسباب تتطلب توفير وسائل نقل مناسبة، وضمان اجتماعي شامل، وأجور مجزية، وبرامج تدريب متخصصة، حتى يصبح العمل في هذه القطاعات خيارًا واقعيًا للأردنيين.

وختم أبو نجمة بالتأكيد على أن معالجة ملف البطالة في الأردن يحتاج إلى مقاربة شاملة تراعي كل هذه الأرقام والتحديات، مشددًا على أن أي حل قائم على المطاردة أو التضييق على العمالة الوافدة لن ينجح، بل سيضر بالاقتصاد.

وقال: "نحن بحاجة إلى إحلال ذكي ومدروس، قائم على بيانات دقيقة، يوازن بين احتياجات الاقتصاد الوطني وحقوق العمال، ويمنح شبابنا فرصًا حقيقية للانخراط في سوق العمل".

وفي نهاية الجلسة، دار حوار تفاعلي بين الحضور، حيث طُرحت العديد من المداخلات والأسئلة التي تناولت سبل تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وآليات مواءمة مخرجات التعليم مع احتياجات سوق العمل، إضافة إلى مقترحات عملية لتحسين بيئة العمل وتحفيز الاستثمار في القطاعات القادرة على توليد فرص عمل جديدة للشباب الأردني.





سرايا المصدر: سرايا
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا