في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
بعد الانفجار البركاني الذي شهدته إثيوبيا وسمي ببركان "هايلي غوبي"، حذّرت الشبكة الدولية لمخاطر الصحة البركانية من التداعيات الصحية المحتملة للرماد المتصاعد.
بدورهم، كشف علماء جيولوجيا مصريون عن سبب ثوران البركان في هذا التوقيت رغم خموله منذ 12 ألف عام.
كما أكد أطباء أن التعرض لآثار البركان قد يسبب اضطرابات في الجهاز التنفسي، وانزعاجاً في العين، وتهيجاً في الجلد وضعفاً في الرؤية وارتفاعاً في احتمالات الضرر عند إعادة تطاير الرماد بفعل الرياح أو الحركة.
ولتفسير سبب وقوع البركان أفاد الدكتور عماد كمال، أستاذ الزلازل بالمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، لـ"العربية/الحدث.نت"، بأن بركان "هايلي غوبي" عاد للنشاط بعد أكثر من 12 ألف عام من الخمود، إذ ثار بشكل مفاجئ رغم سكونه منذ نهاية العصر الجليدي الأخير.
وأوضح أن الثوران جاء نتيجة عدة عوامل جيولوجية، أبرزها وقوع البركان داخل وادي الصدع الأفريقي، وهو من أكثر المناطق نشاطاً تكتونياً بسبب تباعد الصفيحة الأفريقية عن الصفيحة العربية.
كما أشار إلى أن الثوران سبقه زلزال بقوة 5.7 درجة وسلسلة هزات خلال عام 2025، على بعد نحو 70 كيلومتراً فقط من البركان، ما مثّل دليلاً على حركة عميقة نشطة أسفل السطح.
وأضاف أن الضغط المتراكم في الغرفة الصهارية عبر آلاف السنين، إلى جانب النشاط التكتوني المتزايد، شكّل الشرارة التي أدت إلى الانفجار المفاجئ.
وأكد أن الرماد غطّى قرية أفديرا المجاورة، مسبباً أثراً بيئياً واقتصادياً على السكان، بينما ارتفعت أعمدة الرماد إلى ما بين 10– 15 كيلومتراً وانتقلت عبر البحر الأحمر، لافتاً إلى أن اليمن كان الأكثر تأثراً، خصوصاً في محافظات الحديدة وإب وذمار، كما امتدت السحب إلى أجزاء من عُمان وغرب السعودية.
لفت الدكتور عماد كمال إلى أن غاز ثاني أكسيد الكبريت وسحب الرماد دفعت شركات الطيران إلى تغيير مسارات بعض الرحلات، وهبوط طائرات في مطارات بديلة لإجراء الفحوص الفنية.
وحول الآثار الصحية المحتملة للبركان، قال الدكتور مصطفى أبو بكر استشاري أمراض الصدر، لـ"العربية/الحدث.نت"، إن التعامل مع تداعيات الرماد البركاني يتطلب التزاماً صارماً بإجراءات الوقاية الصحية، خصوصاً في المناطق التي وصلت إليها السحب البركانية أو شهدت تساقط الرماد.
أيضاً أوضح أن جزيئات الرماد دقيقة للغاية ويمكنها اختراق الجهاز التنفسي بسهولة، مما يجعل ارتداء الكمامات الطبية عالية الكفاءة خطوة أساسية لحماية المواطنين من التهيج أو نوبات ضيق التنفس.
ولفت إلى ضرورة تجنب التواجد في الأماكن المكشوفة أو المناطق التي تراكم فيها الرماد، لافتاً إلى أن تحرك الرياح قد يؤدي إلى إعادة تطاير الجزيئات في الهواء حتى بعد توقف النشاط البركاني المباشر.
وشدد الطبيب المصري على أهمية البقاء داخل المنازل قدر الإمكان وإحكام إغلاق النوافذ والمنافذ لمنع تسرب الغبار البركاني إلى الداخل، مع استخدام القماش المبلل أو المرشحات البسيطة لسد الفتحات عند الحاجة.
وأكد الدكتور أبو بكر أن الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة في الرئة، مثل الربو أو الانسداد الرئوي، إضافة إلى كبار السن والأطفال، هم الأكثر عرضة للمضاعفات، ما يستوجب مراقبة حالتهم الصحية بدقة خلال فترة انتشار الرماد.
وشدد على أنه في حال تعرض أي شخص لأعراض اختناق، أو سعال حاد، أو صعوبة في التنفس، يجب التوجه فوراً إلى أقرب مستشفى لتلقي جلسات أكسجين وجلسات استنشاق موسعة للشعب الهوائية، حتى لا تتفاقم الحالة.
من جانبه قال الدكتور حاتم عبد الحق، اختصاصي الباطنة والطوارئ والحالات الحرجة، لـ "العربية.نت" و"الحدث.نت"، أن التعرض للرماد البركاني قد يؤدي إلى مشكلات صحية تتفاوت حدتها بحسب كمية الجزيئات المستنشقة، مشيراً إلى أن التأثيرات لا تقتصر على الجهاز التنفسي فقط، بل قد تمتد لتشمل العينين والجلد، إضافة إلى زيادة المخاطر على مرضى القلب والرئة.
وأوضح عبد الحق أن الرماد البركاني يحتوي على جسيمات دقيقة من الصخور والزجاج البركاني يمكنها الوصول إلى أعماق الرئتين، ما قد يسبب نوبات ضيق نفس حادة أو التهابات تنفسية، خاصة لدى مرضى الربو والحساسية وكبار السن والأطفال.
وأكد أن أولى خطوات الوقاية تتمثل في الالتزام بالكمامات عالية الكفاءة، والابتعاد عن الأماكن المكشوفة، وإغلاق النوافذ بإحكام لمنع دخول الجسيمات العالقة في الهواء.
وأشار إلى أن الأشخاص الذين يصابون بتهيج في العين أو سعال مستمر أو شعور بالاختناق يجب أن يتلقوا الرعاية الطبية فوراً، وقد يحتاج بعضهم إلى جلسات أكسجين أو علاج استنشاقي لتحسين وظائف التنفس، ناصحاً بضرورة غسل الوجه واليدين جيداً بعد العودة من الخارج، واستخدام قطرات مرطّبة للعين لتقليل الالتهابات.
وشدد الدكتور عبد الحق على أهمية الجاهزية الطبية في المناطق المتأثرة، من خلال توفير وحدات طوارئ مجهزة للتعامل مع الزيادة المتوقعة في الحالات المصابة بمشكلات تنفسية، مؤكداً أن الالتزام بالتوجيهات الصحية يمكن أن يقلل بشكل كبير من المخاطر المرتبطة بتداعيات الرماد البركاني.
يذكر أن بركان "هايلي غوبي" الواقع في شمال شرقي إثيوبيا كان سَجّل في حدث جيولوجي نادر وغير مسبوق، ثورانه الأول منذ ما يقرب من 12 ألف عام، وفق ما ذكره برنامج علم البراكين العالمي التابع لمؤسسة سميثسونيان.
ويقع البركان داخل إقليم عفر، على بُعد نحو 800 كيلومتر من العاصمة أديس أبابا، وبالقرب من الحدود الإريترية، في واحدة من أكثر البقاع نشاطاً على مستوى القارة.
كما يُعد الموقع جزءاً من وادي الصدع الذي يشهد اضطرابات جيولوجية عميقة ناجمة عن تفاعل الصفائح التكتونية، ما يجعل المنطقة مسرحاً دائماً لنشاط بركاني وزلزالي مكثف وغازات سامة بارتفاع 15 كيلومتراً.
المصدر:
العربيّة