كشف تحقيق للجزيرة يعتمد على تحليل صور الأقمار الاصطناعية عن أنماط تدمير ممنهج اتبعه الاحتلال الإسرائيلي في غزة في الفترة من 10 إلى 30 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وقد رصدت وكالة "سند" للتحقق الإخباري بشبكة الجزيرة عمليات النسف والهدم الهندسي والقصف الجوي الثقيل التي نفذها الاحتلال الإسرائيلي داخل القطاع منذ بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار .
وأظهر تحليل لمنظومة صور أقمار اصطناعية تراجعا جزئيا للضربات الجوية الثقيلة التي تسقط مبنى بالكامل بعد بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في 10 أكتوبر/تشرين الأول، في حين برزت عمليات النسف والهدم التي استهدفت مجموعات متجاورة من المباني، واستمرت من 10 حتى 30 من الشهر ذاته.
ففي الفترة التي أعقبت 10 أكتوبر/تشرين الأول، تم تسجيل 103 عمليات نسف وهدم، و35 عملية قصف جوي ثقيل، وقد أظهرت البيانات أن جنوب القطاع شهد النسبة الأكبر من عمليات النسف والهدم.
ومن الجدير بالذكر أن جنوب قطاع غزة، وتحديدا المنطقة الشرقية من خان يونس تضم أكبر عدد من المباني السليمة داخل حدود "الخط الأصفر"، وهو خط الانسحاب الإسرائيلي الأول المنصوص عليه بالمرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار.
وأظهرت المعطيات وفق تحليل وكالة سند لصور الأقمار الاصطناعية أن النطاق الجغرافي لعمليات النسف والهدم في معظم الحالات ظل محصورا داخل حدود "الخط الأصفر" مع تسجيل استثناءات في جباليا حيث وقعت عمليات خارج هذا النطاق، إلى جانب استثناءات أخرى وقعت خارج حدوده إلا أنها تبقى ضمن نطاق قريب منه. وذلك إضافة إلى غارات جوية ثقيلة على مدينة غزة أواخر أكتوبر/تشرين الأول.
كما أظهر تحليل صور الأقمار الاصطناعية أن القوات الإسرائيلية نفذت أعمال تجريف لأراض وصوب زراعية، بالإضافة إلى نسف عدد من المباني مقابل المستشفى الأوروبي، حيث تتمركز قوات الجيش الإسرائيلي.
وتكشف البيانات أن شمال قطاع غزة شهد ارتفاعا حادا في معدل القصف الجوي الثقيل خلال الأسبوع الأول من أكتوبر/تشرين الأول، إذ تم تسجيل 124 حالة قصف بين 4 و10 أكتوبر/تشرين الأول، بمتوسط يقارب 17.7 حالة يوميا.
وتظهر الأرقام أن وتيرة القصف بلغت ذروتها بين 8 و10 من الشهر ذاته، حيث سُجلت 73 حالة قصف ثقيل بمعدل 23.3 حالة يوميا، أي بزيادة قدرها 37.37% مقارنة بمعدل الأيام السابقة من الفترة ذاتها، وذلك يعكس مرحلة تمهيدية مكثفة سبقت التحول اللاحق في أنماط التدمير بعد 10 أكتوبر/تشرين الأول.
تشير البيانات إلى أن الاندفاعة القصيرة العالية الكثافة للقصف بين 8 و10 أكتوبر/تشرين الأول في شمال قطاع غزة لم تكن مجرد تصعيد ميداني معزول، بل جاءت في سياق تفاوضي حساس سبق إعلان وقف إطلاق النار مباشرة.
فقد سبقت موجة القصف المكثف محادثات غير مباشرة بين حماس وإسرائيل في القاهرة بين 5 و7 أكتوبر/تشرين الأول، أعقبها إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب في 8 من الشهر نفسه عن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
ويُظهر هذا التسلسل أن التصعيد العسكري شمال القطاع نتج عنه تحقيق مكاسب ميدانية قبل تثبيت الاتفاق، إذ أعقبته مباشرة مرحلة جديدة من التدمير المنهجي اتسمت بالتحول من القصف الجوي المكثف إلى عمليات النسف والهدم الهندسي في المناطق الخاضعة لسيطرة القوات الإسرائيلية .
وتظهر البيانات أن منهج النسف والتدمير لم يتغير بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، إذ اقتصر التغير على أسلوب التنفيذ والنطاق الجغرافي.
واعتمد الجيش الإسرائيلي على الوحدات الهندسية أكثر من سلاح الجو، وركز النطاق الجغرافي للتدمير ضمن حدود "الخط الأصفر" في معظم الحالات بدلا من كامل القطاع، وهو ما يثير تساؤلات عن مستقبل هذه المناطق وسط سعي قوات الاحتلال إلى تدميرها بشكل ممنهج مع استثناء لبعض المنشآت الحيوية مثل المدارس والمراكز الطبية.
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة
مصدر الصورة
مصدر الصورة