آخر الأخبار

ماسي مهندس الميكانيك المتمرد يتحدى "أيباك" والجمهوريين

شارك

توماس ماسي نائب جمهوري ليس من النوع الذي يبتسم أمام الكاميرات ويعدّ الكلمات بعناية. هو مهندس ميكانيك يحب الحسابات الدقيقة، ويبدو أنه حسبها جيداً عندما قال: “لن أصوّت لإرسال أموال ضرائبكم إلى الخارج”. عبارة بسيطة، لكنها كافية لإشعال حرب تمويل عليه من أكبر داعمي إسرائيل في أميركا.

ماسي ، المهندس الذي تجرّأ على قول ما لا يقال في واشنطن: إن نفوذ أيباك ليس قدراً مقدساً، ودخل الكونغرس حاملاً إيمانه بالحكومة الصغيرة والضرائب الأقل، وجد نفسه في مواجهة آلة تمويل ضخمة تمسك بخيوطها المليارديرة الإسرائيلية-الأميركية ميريام أديلسون . فبعد أن اشترت فريق دالاس مافريكس مقابل 3.5 مليار دولار، تتجه الآن لصفقة من نوع آخر: شراء مقعد في الكونغرس، كما يقول ماسي.

حملة قيمتها 20 مليون دولار أطلقتها أديلسون لإزاحته من طريق مرشحها المفضّل إد جالرين في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري في كنتاكي عام 2026 ، حسب "بلومبرغ"عام لأن ماسي “يرفض إرسال أموال دافعي الضرائب إلى الخارج”.

ومع ذلك، لم يكن ماسي مرشحاً عادياً في معركة غير متكافئة. في مواجهة أموال المليارديرات، جمع الرجل تبرعاته من 13 ألف مواطن عادي. لا من الصناديق الكبرى، بل من جيوب الناخبين الصغار الذين وجدوا في معركته اختباراً نادراً لشعار “أميركا أولاً” في زمن أصبح فيه هذا الشعار مجرد لافتة انتخابية.

ماسي هو واحد من الأعضاء القلائل في الكونغرس الذين تحدثوا بصراحة عن النفوذ الإسرائيلي في السياسة الأمريكية، ويشتهر بانتقاده للجنة الشؤون الأميركية الإسرائيلية المعروفة اختصارا بـ"أيباك" .

يعرف نفسه بأنه محافظ دستوري، وجمهوري ليبرالي وعضو في حركة "حزب الشاي" مؤمن بالملكية الفكرية، ويعتقد أنه من الضروري تحفيز الابتكار.

دخول عالم الابتكار

ولد توماس ماسي في هانتينغتون، بولاية فيرجينيا الغربية بالولايات المتحدة عام 1971، لكنه نشأ في مدينة فينسبورغ بولاية كنتاكي ، وكان والده موزع للمشروب في حانة.
حصل ماسي على شهادة بكالوريوس في الهندسة الكهربائية في عام 1993. وماجستير العلوم في الهندسة الميكانيكية من "معهد ماساشوستس التكنولوجي" في عام 1996 .
وفي أثناء دراسته الجامعية شارك ماسي في نادي السيارات الشمسية لمعهد "ماساشوستس التكنولوجي"، وهو ما أهله في عام 1992 للفوز بجائزة "معهد ماساشوستس التكنولوجي"، وكان من النادر جدا إن يفوز طالب هندسة غير ميكانيكية في هذه المسابقة.

إعلان

وفي العام التالي بدأ ماسي وزوجته التي تعرف عليها في المدرسة الثانوية في فينسبورغ، بتأسيس شركة "سينسابيل للأجهزة". تم إعادة تأسيس الشركة تحت اسم "تكنولوجيا سينسابيل"، وفي عام 1996 جمع 32 مليون دولار من رأس المال الاستثماري، وكان لديهم 24 براءة اختراع و 70 موظف أخر.

في عام 1995 فاز ماسي بـ"جائزة لملسون" لطالب المعهد التكنولوجي للمخترعين، وجائزة "ديفيد ولينسي مورغانثولر " الكبرى في المسابقة السنوية السادسة لخطة الريادة للأعمال. وما لبث أن باع هو وزوجته الشركة ليدخل في عالم السياسية.

عضو الكونغرس عن كنتاكي

ففي عام 2010 انتخب في مكتب القاضي التنفيذي في مقاطعة لويس، وقام أيضا بحملات لصالح مرشح مجلس الشيوخ الأمريكي راوند بول، توج كل ذلك بانتخابه في عام 2012 عضوا في الكونغرس عن الحي الرابع في كنتاكي .

اتخذ ماسي مواقف مخالفة للتيار العام في الحزب الجمهوري طيلة مسيرته التشريعية، ففي عام 2017، عبر ماسي عن شكوكه حول دور الرئيس السوري بشار الأسد في هجوم خان شيخون الكيميائي. وكان العضو الوحيد في مجلس النواب الذي صوت ضد العقوبات المفروضة على كوريا الشمالية. كما انضم ماسي إلى النواب المعارضين لمشروع قانون يفرض عقوبات اقتصادية جديدة ضد روسيا وإيران وكوريا الشمالية.

كان ماسي ناقدا متكررا ولاذعا للرئيس الأميركي دونالد ترامب في ولايته الثانية، بما في ذلك انتقاده لمنعه إطلاق ونشر الملفات المتعلقة بجيفري إبستين، مما دفع ترامب إلى دعم الانتخابات التمهيدية ضده علنا.

وفي وقت سابق قال ماسي إن "أيباك" تمارس تأثير كبير جدا على الكونغرس، فعلى سبيل المثال، "إذا نظرت إلى لوبي إسرائيل في الكونغرس حاليا وتفقدت منشورات أعضاء الكونغرس، ستجدها كلها نسخه طبق الأصل والجميع يردد نفس الرسالة: علينا دعم إسرائيل، ويجب أن نقوم بذلك". بحسب من رشح عنه.

وأظهر استطلاع داخلي أجرته شركة "آب سوينغ ستراتيجيز" أن الدعم الذي تقدمه جماعات الضغط الموالية للاحتلال الإسرائيلي، وعلى رأسها "أيباك" ، بات يشكل عبئا على المرشحين في الولايات الأميركية في الانتخابات لتمهيدية، في ظل تزايد السخط الشعبي على الاحتلال بعد أكثر من عامين من الحرب الدامية والوحشية على قطاع غزة .

وربما يكون موقف ماسي من "أيباك" وتأثيرها على السياسة الأميركية لافتا بشكل واضح في الفترة الأخيرة، ففي مقابلة أجريت معه في عام 2024، كشف بأن " كل عضو جمهوري في الكونغرس لديه شخص من لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية يوجههم للتصويت بما يتماشى مع مواقف هذه المنظمة". كما قاطع في نفس العام خطاب رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو أمام الكونغرس، واصفا إياه بأنه "مسرح سياسي"، وكان الجمهوري الوحيد الذي فعل ذلك. كما كتب ماسي لاحقًا.

ولم يكتف بذالك فقد قام بنشر استطلاع رأي على حسابه على "أكس" يسأل متابعيه عما إذا كان ينبغي إجبار "أيباك" على التسجيل كوكيل أجنبي، و صوت 94.9٪ من المستجيبين بـ"نعم" يجب التسجيل في قائمة الوكلاء الأجانب في أميركا.

مصدر الصورة ماسي انضم إلى 8 ديمقراطيين في عام 2021 في التصويت ضد تمويل نظام القبة الحديدية (الأوروبية)

معارض لإسرائيل

وانضم ماسي إلى 8 ديمقراطيين في عام 2021 في التصويت ضد تمويل بقيمة مليار دولار لنظام الدفاع الجوي الإسرائيلي " القبة الحديدية "، قائلا وقتها إنه يعارض جميع المساعدات الخارجية بسبب القلق بشأن الدين الوطني.

إعلان

وكان عضو مجلس النواب الجمهوري الوحيد في عام 2019، الذي صوت ضد إدانة حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات المعروفة بحركة بي دي أس (حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات) من بين الأسباب التي ذكرها للتصويت ضد القرار، ذكر ماسي أنه لا يدعم "الجهود الفيدرالية لإدانة أي نوع من المقاطعة الخاصة، بغض النظر عما إذا كانت المقاطعة تستند إلى دوافع سيئة أم لا" وأن "هذه أمور يجب على الكونجرس تركها بشكل صحيح للولايات وللشعب ليقرروا بشأنها".

كما كان الجمهوري الوحيد الذي صوت ضد قرار مجلس النواب الذي يضمن دعم الولايات المتحدة للأعمال العسكرية الإسرائيلية في غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول عام 2023. وقد مر القرار بأغلبية 412 صوتا مقابل 10 أصوات.

واصل ماسي تفرده بالوقوف ضد إجماع حزبه ففي عام 2023 أيضا، كان العضو الوحيد في الكونجرس الذي عارض قرارا يؤكد "حق إسرائيل في الوجود ويساوي بين معاداة الصهيونية ومعاداة السامية ".

ولخص موقفه من الحرب على قطاع غزة بقوله "لا شيء يبرر عدد الضحايا المدنيين، عشرات الآلاف من النساء والأطفال، بغزة خلال العامين الماضيين. علينا أن نوقف جميع المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل الآن".

نموذج ممداني

ماسي هو الشكل الأوضح والأبرز في حالة التمرد التي تحدث داخل الحزب الجمهوري ويكشف عن الصراع على السياسة الأميركية الداعمة للاحتلال، وهو ما يناقض شعار ترامب "أميركا أولا" إذا يبدو أن ميريام أديلسون التي دفعت 100 مليون دولار للرئيس ترامب لنقل سفارة أميركا إلى القدس ودعمت حملة ترامب الانتخابية الأولى والثانية، تشكل تجسيدا فاقعا لتدخل "دولة أجنبية" بالشؤون الداخلية الأميركية وبسياستها الخارجية، وهو ما سيكون حاضرا في انتخابات التجديد للكونغرس الأميركي، وسيكون ماسي أيضا حاضرا برفضه أملاءات "أيباك" وقبوله التحدي الخطر جدا لنفوذ أديلسون ونفوذ وسيطرة اللوبي .

كثيرون من النخب الأميركية باتت تعلن مواقفها من التدخل الإسرائيلي بالسياسية الأمريكية، وقد شجع فوز زهران ممداني برئاسة بلدية نيويورك الكثيرين للترشح دون التودد لأموال اللوبي الإسرائيلي في واشنطن.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة


الأكثر تداولا دونالد ترامب سوريا أمريكا

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا