آخر الأخبار

أنتيفا.. منظمة يسارية سرية أميركية تقلق ترامب وأقصى اليمين

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

أنتيفا، منظمة يسارية أميركية مناهضة للأفكار الرأسمالية والنيوليبرالية، ويصنفها البعض بأنها "منظمة فوضوية شيوعية اشتراكية"، وأثارت جدلا واسعا في الولايات المتحدة الأميركية بسبب تكتيكاتها.

يرى بعض منتقديها أنها تستخدم العنف لتحقيق أهدافها، ووصف الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعمالها بـ"الإرهابية"، بينما يرى مؤيدوها أن هذه التكتيكات ضرورية لمواجهة أقصى اليمين ، الذي يعتبرونه تهديدا خطيرا لبلادهم.

النشأة والتأسيس

في عام 1932، أسس الحزب الشيوعي الألماني منظمة العمل المناهض للفاشية، بهدف مقاومة صعود الحزب النازي.

وظهرت في أربعينيات القرن الـ20 بالمملكة المتحدة منظمة تحمل التوجهات نفسها، وتمثلت أبرز محطاتها الرئيسية عام 1977 في التصدي لمسيرة نظمتها "الجبهة الوطنية" ذات التوجهات اليمينية.

واختلفت الروايات في تاريخ ظهور المنظمة في الولايات المتحدة، فبعض الباحثين يقولون إن ظهورها الأول كان عام 1987 في مدينة منيابولس بولاية مينيسوتا بهدف محاربة "جماعات النازيين الجدد".

ويرى آخرون أن ظهور الحركة في الولايات المتحدة يرتبط بالقادة الألمان المناهضين للفاشية، الذين هاجروا إلى أميركا هربا من ألمانيا النازية في ثلاثينيات القرن الـ20.

مصدر الصورة ناشطون من حركة أنتيفا في مظاهرة بولاية فرجينيا عام 2018 (أسوشيتد برس)

ويربط رأي ثالث ظهور حركة أنتيفا بجماعات حليقي الرؤوس التي ظهرت في ألمانيا في سبعينيات وثمانينيات القرن نفسه.

ويرجع المؤرخ الأميركي مارك براي ظهور المنظمة إلى حركة مكافحة العنصرية في الولايات المتحدة، بعدما نظم نشطاؤها في أواخر الثمانينيات وبداية التسعينيات من القرن الـ20، جولات مع فرق موسيقى "البانك روك" وحليقي الرؤوس من أجل منع أعضاء جماعة " كو كلوكس كلان " و"النازيين الجدد" من التجنيد، وذلك على خلفية "تعصبهم للعرق الأبيض".

وكان شعار أعضاء المنظمة وقتها "نذهب إلى حيث يذهب اليمين المتطرف"، ويقصدون بذلك أنهم سيواجهون نشطاء "اليمين المتطرف" في أي مكان يوجدون فيه.

في حين يربط جزء من الباحثين الأميركيين ظهور المنظمة باجتماع منظمة التجارة العالمية بمدينة سياتل عام 1999، إذ شهدت المدينة آنذاك احتجاجات عنيفة أدت إلى تدمير واسع وسطها من المتظاهرين.

إعلان

وفي عام 2013، أسس مجموعة من النشطاء الأميركيين اليساريين "شبكة الشعلة"، بهدف تعزيز التعاون بين المجموعات المنتمية إلى حركة أنتيفا.

ونمت الحركة بعد انتخاب ترامب رئيسا للولايات المتحدة في ولايته الأولى عام 2016، ووصفته بأنه "ديماغوجي فاشي يهدد وجود الديمقراطية الأميركية متعددة الأعراق"، ويصفون أنصاره "بالفاشيين".

واكتسبت المنظمة مزيدا من الضوء عام 2017 بعد سلسلة من الأحداث التي سلطت الضوء على المتظاهرين المناهضين للفاشية، بما في ذلك المواجهات التي حدثت في جامعة كاليفورنيا، ومواجهتهم للمتظاهرين اليمينيين في شارلوتسفيل، فضلا عن احتجاجات "حياة السود مهمة" التي أعقبت وفاة جورج فلويد عام 2020.

التسمية

يتكون اسم "أنتيفا" من جزأين مضمونهما "العداء" (ANTI)، و"الفاشية" (FA). ويعود أصل الكلمة إلى اللغة الألمانية، حيث تطلق على "العمل المناهض للفاشية".

ويستخدم هذا المصطلح لتعريف مجموعة واسعة من الأشخاص الذين تميل معتقداتهم السياسية نحو أقصى اليسار.

الزي والشعار

يرتدي ناشطو المنظمة أغطية للوجه وأوشحة ونظارات شمسية لإخفاء وجوههم وملابس سوداء اللون، ويتحركون في مجموعات بشرية صغيرة خوفا من ملاحقتهم، ويحاولون لفت الانتباه لمواقفهم الداعية للتغيير والتمرد ضد حكم ترامب.

ويستخدمون العلم الأحمر الذي يرمز للثورة البلشفية عام 1917، والعلم الأسود الذي شاع استخدامه في أواخر القرن الـ19 وأوائل القرن الـ20 شعارا للحركات التي تنبذ الدولة والرأسمالية.

الهيكل التنظيمي

لا يوجد هيكل تنظيمي معلن للمنظمة بسبب سريتها العالية، لكنها تتكون من مئات الجمعيات الحركية غير المركزية المنتشرة في جميع الولايات الأميركية.

وتنسق المنظمة مع حركات تتفق معها توجهاتها مثل حركة "احتلوا" أو حركة "حياة السود مهمة".

مصدر الصورة محتجون من حركة أنتيفا في مدينة بورتلاند بولاية أوريغون الأميركية (أسوشيتد برس)

وسائل العمل

ينظم منتسبو المنظمة احتجاجاتهم عادة عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومواقع الإنترنت، ويستخدمون شبكات الند للند المشفرة وخدمات تطبيقات الرسائل المشفرة مثل "سيغنال".

ويشاركون في الاحتجاجات التي تنظم في الولايات المتحدة، وينظمون احتجاجات مضادة لتعطيل تجمعات "اليمين المتطرف" ومسيراته.

الفكر والأيديولوجيا

تؤمن منظمة "أنتيفا" بالأفكار اليسارية وتناهض الرأسمالية والنيوليبرالية، فضلا عن معاداتها -بحسب أنصارها- "للأفكار الفاشية والنازية واليمين المتطرف".

كما تعادي النخب السياسية ووسائل الإعلام، وتؤمن بضرورة التعبير عن نفسها من خلال "العنف الذي لا ينبغي له أن يصل للقتل أو سفك الدماء".

ويرى أعضاء أنتيفا أن منظمتهم ما هي إلا رد فعل طبيعي على تنامي الاتجاهات اليمينية المتطرفة في الولايات المتحدة، التي "منحها وصول دونالد ترامب للبيت الأبيض قوة دفع كبيرة"، ويدعون إلى محاربة "السلطات الأميركية التي يمثلها شخص ترامب".

وتؤكد أدبيات أنتيفا أن جميع "الإرهابيين المحليين في الولايات المتحدة خرجوا من جماعات اليمين المتطرف وليس من قوى اليسار"، مستندة بذلك إلى تقرير صدر عن مركز التطرف التابع لرابطة مكافحة التشهير عام 2019، وجاء فيه أن "جميع عمليات القتل التي وقعت في الولايات المتحدة في عام 2018 على أيدي متطرفين محليين نتج عنها 50 حالة قتل كانت على يد متطرفين يمينيين".

إعلان

ووفقا لأستاذ الصحافة والعلوم السياسية في كلية كريج نيومارك بجامعة نيويورك بيتر بينارت، فإن أعضاء المنظمة "لا يثقون في المؤسسات الرسمية للولايات المتحدة ويعتبرونها متواطئة مع الفاشية والعنصرية".

وترى رابطة مكافحة التشهير أن "معظم أعضاء حركة أنتيفا ينتمون إلى الحركة الأناركية (الفوضوية) أو اليسار المتطرف، مع أن بعض الأشخاص ذوي الخلفيات السياسية السائدة انضموا إلى صفوفهم منذ الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016".

وينظم أعضاء حركة "أنتيفا" حملات ضد الأفعال التي يعتبرونها استبدادية أو معادية للشواذ أو عنصرية أو معادية للأجانب.

يسعى المنضمون إلى المنظمة بشكل عام إلى منع ما يرونه مجموعات فاشية وعنصرية ويمينية متطرفة من ترويج آرائها، بحجة أن هذه الأفكار تؤدي إلى استهداف الأشخاص المهمشين، بما في ذلك الأقليات العرقية والنساء.

اتهامات بالعنف

منذ ولايته الأولى، يلقي ترامب ومعه قادة الحزب الجمهوري مسؤولية أعمال العنف والمظاهرات التي تحدث في المدن الأميركية على أعضاء حركة "أنتيفا"، ويطالبون بالتمييز بين "المتظاهرين السلميين، والفوضويين" من أعضاء الحركة.

ووفقا لتقرير وزارة الأمن الداخلي ومكتب التحقيقات الفدرالي ( إف بي آي ) الصادر في أبريل/نيسان 2016 بعنوان "مقارنة أساسية بين الحركات المتطرفة الفوضوية الأميركية والأجنبية"، فإن أعضاء أنتيفا يزعمون أنهم بلا قائد ولا تسلسل هرمي، لكنهم في الحقيقة "منظمون عبر شبكات لامركزية من الخلايا التي تنسق فيما بينها، وغالبا ما يقضون أسابيع في التخطيط لأعمال عنف".

وفي يونيو/حزيران 2016، وجهت السلطات الأميركية لحركة "أنتيفا" اتهامات بمهاجمة مسيرة لأقصى اليمين في ولاية كاليفورنيا .

وبعد انتخاب ترامب رئيسا للولايات المتحدة في ولايته الأولى، وجه اتهامات للمنظمة باستهداف أنصاره الذين خرجوا فجأة بأعداد كبيرة للاحتفال بفوزه.

وفي مطلع يناير/كانون الثاني 2017 حذرت السلطات الفدرالية المسؤولين على مستوى الولايات والمسؤولين المحليين من "أنتيفا"، وقالت في تقرير لها إن أعضاء المنظمة "أصبحوا أكثر عدوانية وخطورة".

وفي فبراير/شباط ومارس/آذار وأبريل/نيسان 2017، وجهت السلطات الأميركية اتهامات للمنظمة بمهاجمة متظاهرين من اليمين في جامعة كاليفورنيا، باستخدام الطوب والأنابيب والمطارق، فضلا عن مهاجمة مسيرة "وحدوا اليمين" في مدينة شارلوتسفيل بولاية فرجينيا.

وفي 28 أغسطس/آب من العام نفسه، نظم حوالي 100 شخص من المنظمة مظاهرة في حديقة مركز مارتن لوثر كينغ في بيركلي، واشتبكوا مع مظاهرة نظمها نشطاء يمينيون، وهو الأمر الذي أدانته نانسي بيلوسي زعيمة الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب آنذاك.

وفي يوليو/تموز 2019، اتهمتها الشرطة الأميركية بمحاولة تفجير مركز احتجاز تابع لهيئة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك الأميركية في واشنطن ، باستخدام أسطوانة غاز البروبان، بعدما قتلت المنفذ، وعلى خلفية ذلك قدم أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريون بيل كاسيدي وتيد كروز قرارا غير ملزم لتصنيفها منظمة إرهابية محلية.

مصدر الصورة أفراد حركة أنتيفا يرتدون أقنعة ويتنكرون خشية اعتقالهم (أسوشيتد برس)

وفي مايو/أيار 2020، حمل ترامب حركة "أنتيفا" مسؤولية أحداث العنف التي رافقت الاحتجاجات الشعبية بعد مقتل المواطن الأميركي من أصل أفريقي جورج فلويد على أيدي رجال الشرطة في مدينة مينيابوليس، ووصفها بأنها "منظمة إرهابية".

وفي يونيو/حزيران 2020، دعا السيناتور الجمهوري توم كوتون إلى "استخدام القوة العسكرية ونشر الفرقة 101 المحمولة جوا لمحاربة إرهابيي أنتيفا".

وفي سبتمبر/أيلول من العام نفسه، أدان المرشح الرئاسي للحزب الديمقراطي وقتئذ جو بايدن "أعمال العنف التي ارتكبتها أنتيفا".

إعلان

كما وجه المدعي العام وقتها ويليام بار اتهامات إلى ما قال إنها "جماعات فوضوية ويسارية متطرفة تستخدم تكتيكات شبيهة بأنتيفا" بالمسؤولية عن هذه الأعمال التي وصفها بـ"الإرهاب المحلي".

وردد مستشار الأمن القومي الأميركي روبرت سي أوبراين تصريحات مماثلة، ألقى فيها باللوم على "أنيفتا واليسار الراديكالي".

وفي الثاني من يونيو/حزيران 2020، سربت صحيفة "ذا نيشن" نسخة من تقرير الوضع الداخلي لمكتب التحقيقات الفدرالي في واشنطن، والذي كشف أنه ليس لدى الجهاز أي معلومات استخباراتية تشير إلى تورط أنتيفا في الاحتجاجات العنيفة في واشنطن أواخر مايو/أيار 2020 على خلفية مقتل فلويد.

بعدها بيومين، قال المدعي العام الأميركي إنه "يمتلك أدلة على أن أنتيفا وجماعات أخرى مماثلة، ومجموعات متنوعة من التوجهات السياسية المختلفة، قد تورطت في التحريض والمشاركة في أعمال العنف".

وفي أغسطس/آب 2020، هاجم ترامب المنظمة واتهمها بالسيطرة على خصمه في الانتخابات الرئاسية عن الحزب الديمقراطي جو بايدن.

وفي سبتمبر/أيلول 2020 كشف وكيل وزارة الأمن الداخلي للاستخبارات والتحليل السابق برايان مو تلقيه تعليمات من وزير الأمن الداخلي تشاد وولف ونائبه كين كوتشينيلي "بتعديل تقييمات الاستخبارات لضمان تطابقها مع التعليقات العامة التي أدلى بها الرئيس ترامب حول منظمة أنتيفا والجماعات الفوضوية".

وفي الشهر نفسه، انتقد ترامب مدير مكتب التحقيقات الفدرالي كريستوفر راي، وهدد بطرده بسبب شهادته حول "أنتيفا".

كما أصدرت حملة ترامب الانتخابية تفاصيل ما قالت إنها "خطة بلاتينية لأميركا السوداء"، والتي بموجبها سيتم مقاضاة "أنتيفا" وجماعة "كو كلوكس كلان"، ووصمها بأنها منظمات إرهابية.

وفي محاولة لربط المنظمة بأعمال العنف، انتشرت حسابات مزيفة على منصات التواصل الاجتماعي تدعو إلى العنف في الولايات المتحدة، وتربط نفسها بمنظمة أنتيفا، لكن منصة إكس (تويتر سابقا) أغلقت جزءا كبيرا من هذه الحسابات، وقالت إنها تعود إلى جماعة عنصرية بيضاء تنتحل صفة "أنتيفا".

وفي 17 سبتمبر/أيلول 2025، أعلن ترامب عن نيته تصنيف حركة أنتيفا "منظمة إرهابية رئيسية"، في أعقاب مقتل الناشط اليميني تشارلي كيرك بإطلاق نار أثناء مشاركته في فعالية بولاية يوتا غربي الولايات المتحدة.

وأثارت خطوة ترامب جدلا دستوريا، إذ قال خبراء قانونيون إن الولايات المتحدة لا تمتلك قائمة رسمية بـ"منظمات إرهابية داخلية"، وإن تصنيف حركات أيديولوجية غير هرمية مثل "أنتيفا" يفتقر إلى أساس قانوني، فضلا عن كونه يثير مخاوف تتعلق بحرية التعبير والانتماء الفكري.

مصدر الصورة متظاهرون من حركة أنتيفا في العاصمة الأميركية واشنطن (وكالة الأناضول)

تهديد ضئيل

في المقابل، يعتبر منتقدو ترامب أنه يوظف أعمال العنف في الولايات المتحدة لتضييق الخناق على خصومه السياسيين، مؤكدين أن غالبية مرتكبي أعمال العنف من "اليمين المتطرف".

وقالت رابطة مكافحة التشهير إنه "في الوقت الذي ارتكبت فيه جماعات اليمين المتطرف مئات جرائم القتل في العقود القليلة الماضية، لم تكن هناك سوى جريمة قتل واحدة مشتبه بارتباطها بحركة أنتيفا".

واستنادا إلى بيانات مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية التي درست 893 حادثة وقعت في الولايات المتحدة بين يناير/كانون الثاني 1994 ومايو/أيار 2020، وصُنفت بأنها "هجمات إرهابية"، فإن التهديد الذي شكلته الجهات المرتبطة بحركة "أنتيفا" في الولايات المتحدة صغير نسبيا.

وبحسب بيانات المركز، فإن 75% من هذه الهجمات ارتكبها عناصر من "اليمين المتطرف"، وراح ضحيتها 335 شخصا، بينما تقع مسؤولية 25% من هذه الهجمات على منظمات يسارية، وتسببت في مقتل 22 شخصا.

وفي 30 أكتوبر/تشرين الأول 2020، نفى أعضاء من المنظمة اليسارية في فيلادلفيا، في تصريحات لقناة الجزيرة ، أن تكون لهم أهداف إرهابية كما يتهمهم ترامب.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا