آخر الأخبار

تصاعد اعتداءات المستوطنين بالضفة وغياب دعم السلطة

شارك

رام الله- "عشت لحظات رعب حقيقية، لولا رحمة الله لكنت الشهيد الثالث" بهذه الكلمات وصف سليمان عصفور لحظات الرعب التي عاشها خلال محاولته إسعاف أحد المصابين من قريته سنجل بالضفة الغربية المحتلة بعدما حاصرته مجموعة من المستوطنين المسلحين وفتحوا النار عليه.

وتعيش قرية سنجل شمال رام الله منذ أشهر تحت حصار غير معلن تتعرض فيه لاعتداءات متكررة من المستوطنين، وسط غياب أي حماية فعلية، ففي مواجهة عنف منظم ومدعوم من جيش الاحتلال يقف الأهالي وحدهم بوسائل بسيطة وجهود فردية للدفاع عن أنفسهم.

وقال عصفور للجزيرة نت إن أكثر من 20 مستوطنا هاجموه خلال توجهه لإجلاء مصاب في المنطقة التي وقعت فيها الاعتداءات مساء أمس الأول الجمعة واستشهد فيها اثنان جراء الاعتداء عليهما من قبل المستوطنين.

وتابع "القوات الإسرائيلية كانت في المنطقة وخلال دقائق تركتنا لمصيرنا مع المستوطنين، ثم أغلقت مداخل القرية بالكامل والطرق المؤدية إلى المنطقة ومنعت المواطنين من الوصول لمساندة الشباب، مما مكن المستوطنين من الاستفراد بهم".

عصفور (32 عاما) -الذي يعمل في مجال الخدمة المدنية بالقرية منذ سنوات- يرى أن اعتداءات المستوطنين خلال الفترة الفائتة خطيرة وتنذر بخطر أكبر على القرية والمناطق المحيطة بها "في كل مرة تكون أكثر حدة، لم نعد نتحدث عن اعتداءات بقصد التخريب والترهيب، بل بقصد القتل".

سجن كبير

وخلال الأشهر الفائتة تعرضت قرية سنجل إلى اعتداءات مباشرة ومتكررة من قبل المستوطنين، وتزامن ذلك مع انتهاء قوات الاحتلال الإسرائيلي من بناء جدار عازل حوّل القرية إلى سجن كبير، فالدخول والخروج منها يتم عبر بوابات يتحكم بها جنود الاحتلال، مما عزلها عن محيطها الفلسطيني.

القرية التي يسكنها 8 آلاف فلسطيني يحيط بها عدد من المستوطنات، بعضها بني منذ عقود، ولكنها بعيدة عن المناطق العمرانية في القرية، لكن بناء بؤرتين استيطانيتين في منطقة جبل الباطن والتل أدخل القرية في حلقة جديدة من هذه الاعتداءات.

إعلان

وخلال نضال أهالي القرية المستمر استطاعوا تفكيك البؤرة الاستيطانية الموجودة على منطقة التل، وبقي النضال منصب على البؤرة الثانية المقامة على أرض مشتركة مع قرية المزرعة الشرقية المجاورة، والتي كانت مسرحا لجريمة المستوطنين ضد الأهالي وأدت إلى استشهاد الفلسطينييْن الاثنين وإصابة أكثر من 20 فلسطينيا.

ويقول مسؤول الدائرة القانونية في بلدية سنجل المحامي أنور غفري إن الأرض المقامة عليها هذه البؤر هي أراض تخضع بشكل مباشر للسلطة الفلسطينية -أراض مصنفة وفقا لتقسيمات أوسلو "أ" و"ب"- حيث قام المستوطنون قبل شهرين تقريبا بنصب خيام عليها.

مساندة من الاحتلال

ويضيف غفري للجزيرة نت أن الأهالي في البداية ظنوا أنه تصرف فردي، وتواصل المسؤولون المحليون مع الارتباط العسكري الفلسطيني لمعالجة الأمر مع الارتباط العسكري الإسرائيلي، لكن الأمر كان أكبر من ذلك، فقد كانت هذه البؤر نقطة انطلاق لاعتداءات جماعية من قبل المستوطنين على الأهالي والمنطقة وبحماية كاملة وإسناد من قبل قوات الاحتلال.

وأوضح المسؤول الفلسطيني أن الخطورة في هذه الاعتداءات تكمن في أنها تجري بصورة منظمة ومنهجية، في المقابل فإن مواجهتها تكون بجهود فردية وغير رسمية من قبل أهالي القرية والقرى القريبة منها دون تدخل من السلطة الفلسطينية.

وتابع "نحن الآن أمام خيارين، أفضلهما سيئ، التصدي الفردي سيجعلنا عرضة لخسارة المزيد من الأرواح، وفي حال قام أحدهم بالتصدي للمستوطنين يكون مصيره الاعتقال والاعتداء عليه من قبل جيش الاحتلال".

ومن خلال خبرته الطويلة في المتابعة القانونية ضد هذه الممارسات وقناعته بالعجز الفلسطيني عن مواجهة الأدوات الإسرائيلية في المحاكم يرى غفري أن المطلوب تكاتف جهود المواطنين في كل المناطق، وليس في المناطق المهددة ب الاستيطان فقط، إلى جانب تفعيل دور المؤسسات الرسمية من خلال دعم ممنهج ومستدام للأفراد والمؤسسات التي تخوض هذه المعركة.

مصدر الصورة هجوم نفذه مستوطنون في وقت سابق من الشهر الحالي على بلدة سنجل (الفرنسية)

تحرك سياسي فاعل

تصاعد اعتداءات المستوطنين لا يقتصر على بلدة سنجل، فقد شهدت الضفة الغربية تصاعدا كبيرا في الاعتداءات، وبحسب وحدة التوثيق في هيئة مقاومة الجدار فإن عدد اعتداءات المستوطنين منذ بداية العام الحالي تجاوزت الـ2150 اعتداء وهو يقارب عدد هذه الاعتداءات خلال العام الفائت كله، أي أن هذه الاعتداءات زادت الضعف مقارنة بالعام 2024.

وبحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، أصيب منذ بداية 2025 نحو 350 فلسطينيا جراء اعتداءات المستوطنين، أي بمتوسط يقارب مصابين يوميا.

ويرى الحقوقي شعوان جبارين مدير مؤسسة الحق (مؤسسة حقوق إنسان غير حكومية ومستقلة) أن سياسة التصعيد والاعتداءات ضد الأهالي هي إحدى أدوات الحكومة الإسرائيلية المتطرفة لتطبيق سياستها لتهجير الفلسطينيين والاستيلاء على الأراضي.

وتابع جبارين في حديث للجزيرة نت "هؤلاء المستوطنون راسخ في أذهانهم ما حدث عام 1948 بأن قتل الفلسطينيين في قراهم والاعتداء عليهم أديا إلى تهجيرهم، فهم يرون الآن أن مزيدا من العنف يمكن أن يحقق الهدف بشكل أسرع".



إعلان

وبحسب جبارين، فإنه من المهم التوضيح أن هؤلاء المستوطنين لا ينطبق عليهم مفهوم المستوطنين بصفتهم المدنية وإنما العسكرية، فمعظمهم مسلحون ويخدمون في الجيش، فهي مليشيات منظمة تتبع بشكل مباشر للحكومة.

ويرى جبارين أن السؤال الأهم الآن هو: أين دور السلطة الفلسطينية في مواجهة هذه الاعتداءات؟!

وتابع "رغم كل هذه الاعتداءات فإن السلطة لم تتخذ خطوة سياسية واحدة، ولا يزال التنسيق الأمني مستمرا، على السلطة التحرك سياسيا لفضح هذه الممارسات، واستغلال المواقف المتقدمة من بعض الدول الأوروبية لفرض عقوبات جدية على إسرائيل للضغط عليها لوقف هذه الاعتداءات".

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا