القاهرة، مصر (CNN)-- تواصل الحكومة المصرية جهودها لحصر التكلفة الاقتصادية لاستضافة اللاجئين والوافدين المقيمين في البلاد، وذلك في إطار التنسيق مع الأمم المتحدة ومختلف المؤسسات الدولية، وسط مساع لتعزيز التعاون مع الجهات المانحة لتوفير الدعم اللازم.
وتأتي هذه الخطوة في ظل الأعباء المالية التي تتحملها مصر، والتي تشمل الخدمات الأساسية مثل الصحة، والكهرباء، والبنية التحتية.
وخلال اجتماع عقده رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، مع وزيرة التضامن الاجتماعي الدكتورة مايا مرسي، تم استعراض التقديرات الأولية لحجم الأعباء المالية التي تتحملها الدولة المصرية في هذا الملف، والتحديات المرتبطة بتقديم الخدمات الأساسية لهم، بما في ذلك الصحة، والبنية التحتية، والطاقة، والمرافق .
وصرح المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء، المستشار محمد الحمصاني بأن "الحكومة تتبنى منهجية دقيقة في تقييم التكلفة الاقتصادية لاستضافة اللاجئين، وفقا لأعلى المعايير الدولية، وبالتعاون مع الأمم المتحدة وكافة الجهات الحكومية المعنية"، وأوضح أن "عملية الحصر تشمل التكاليف المباشرة التي تتحملها الدولة المصرية، بما في ذلك الخدمات الصحية، والتعليم، والمرافق العامة، وغيرها" .
وأضاف الحمصاني أنه "تم حصر هذه التكاليف بالتنسيق مع جميع الجهات الحكومية، وجارٍ الانتهاء من التفاصيل النهائية للتكلفة التقديرية"، كما أكد أن الحكومة "تعمل على وضع تصور دقيق لحجم الأعباء المالية الناجمة عن استضافة اللاجئين، بما يسهم في تحسين عملية صنع القرار وتحديد أولويات الإنفاق الحكومي، إلى جانب دعم السياسات العامة للدولة وتوضيح التأثير المالي لاستضافة اللاجئين على الموازنة العامة" .
وفي تصريحات تليفزيونية، أوضح الحمصاني أن "عملية التقييم لا تقتصر على الأعباء المالية المباشرة، بل تشمل أيضا تأثير استضافة اللاجئين على مختلف الخطط الاقتصادية والتنموية"، مشيرا إلى أن "الحكومة تسعى من خلال هذا الحصر إلى تعزيز قدرتها على التفاوض مع الجهات المانحة الدولية لتوفير التمويل اللازم لمصر في هذا الملف" .
ووفقا للبيانات الرسمية الصادرة العام الماضي، تستضيف مصر أكثر من 9 ملايين لاجئ من نحو 133 دولة، ما يمثل حوالي 8.7% من إجمالي السكان، وتشير التقديرات إلى أن التكلفة الاقتصادية لاستضافتهم تجاوزت 10 مليارات دولار، وهو ما يفرض تحديات إضافية على الموازنة العامة للدولة، ويؤكد الحاجة إلى تفعيل آليات الدعم الدولي .
وفي سياق متصل، أكد رئيس حزب العدل النائب عبدالمنعم إمام، عضو لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، أن "وزارة المالية تعمل على إعداد تقرير مفصل حول التكلفة الاقتصادية لاستضافة اللاجئين، لكن النتائج لم تعلن بعد"، مشيرا إلى أن هذا الملف "يثير جدلا واسعا، حيث يرى البعض أن اللاجئين يمثلون عبئا ماليا إضافيا، بينما يرى آخرون أنهم يسهمون في دعم الاقتصاد من خلال الأنشطة التجارية والعمل في القطاعات المختلفة" .
وأضاف إمام، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، أن "هناك حاجة ملحة إلى دراسة شفافة وموضوعية لتحديد التكلفة الفعلية لاستضافة اللاجئين، بعيدًا عن التهوين أو التهويل"، مشددا على أهمية "توفير بيانات دقيقة لدعم جهود مصر في التفاوض مع الجهات المانحة" .
وأشار إمام إلى أن "تأثير اللاجئين يظهر بشكل واضح في قطاع الإسكان، حيث تسبب ارتفاع الطلب على الوحدات السكنية في زيادة أسعار الإيجارات، مما أثر سلبا على بعض الأسر المصرية، خاصة في المناطق الأكثر احتياجا، كما لفت إلى أن "رفع الدعم عن الطاقة لا يرتبط بشكل مباشر باللاجئين، إذ إن نسبتهم مقارنة بعدد السكان ليست كبيرة، لكنه يبقى جزءًا من الصورة العامة للأعباء" .
وأقر البرلمان المصري، العام الماضي، قانون لجوء الأجانب؛ بهدف وضع تنظيم قانوني لأوضاع اللاجئين وحقوقهم والتزاماتهم المختلفة .
وقال النائب طلعت عبدالقوي، عضو لجنة التضامن الاجتماعي بمجلس النواب، إن حصر التكلفة الاقتصادية لاستضافة اللاجئين "يعد أمرا بالغ الأهمية، خاصة مع اقتراب مناقشات موازنة الدولة الجديدة"، وأوضح أن "أعداد اللاجئين في مصر ليست قليلة، إذ تضم البلاد ملايين منهم، مما يستدعي تقدير التكلفة الفعلية التي تتحملها الدولة لضمان تقديم الخدمات اللازمة لهم" .
وأشار عبدالقوي، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، إلى أن "هناك تعاونا بين الحكومة المصرية والمنظمات الدولية، مثل المفوضية الأوروبية والأمم المتحدة، لدعم ملف اللاجئين، ما يجعل من الضروري توفير بيانات دقيقة بالأرقام حول التكلفة الاقتصادية لهذا الملف لضمان التعامل معه بفعالية".
وأكد أن "العديد من اللاجئين يقيمون في مصر منذ سنوات، وليس من المتوقع أن يغادروا في المستقبل القريب، مما يستلزم احتساب التكلفة الاقتصادية بشكل دقيق ضمن الموازنة العامة".
وأوضح عبدالقوي أن "قطاعات الصحة، والمواصلات، والإسكان، والمرافق العامة تتحمل التكلفة الأكبر من استضافة اللاجئين، حيث يستفيد اللاجئون من مختلف الخدمات التي تقدمها الدولة في هذه المجالات" .
وأضاف أن "مصر تتعامل مع هذا التحدي من خلال تخصيص ميزانية محددة لهذا الملف، إلى جانب التعاون مع المنظمات الدولية ووكالات الأمم المتحدة للمساهمة في تغطية جزء من هذه التكاليف"، كما أشار إلى أن "وزارة التضامن الاجتماعي تلعب دورا أساسيا في تقديم الخدمات الاجتماعية والمساعدات التكافلية للاجئين، ضمن جهود الحكومة لضمان استقرار أوضاعهم داخل البلاد" .