تتناول جولة الصحف ليوم الخميس مقالات تركز على سياسات دونالد ترامب وتأثيرها على العلاقات الدولية، بدءا من تقاربه الأخير مع روسيا وتأثير سياسته على أوكرانيا وحلفاء الولايات المتحدة، وصولا إلى التأثيرات طويلة المدى على النظام الدولي والعلاقات مع الصين.
ونستهل جولتنا بافتتاحية صحيفة واشنطن بوست، التي تأتي تحت عنوان "ما هي الاستراتيجية الكامنة وراء تحوّل ترامب نحو روسيا؟"، والتي تسلّط الضوء على السياسة الخارجية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خصوصاً فيما يتعلق بموقفه من روسيا والحرب في أوكرانيا.
وتشير الصحيفة إلى أن تحركات ترامب حتى الآن في سياسته الخارجية، مثل تقاربه مع روسيا ورفض دعم أوكرانيا، لا تتبع استراتيجية واضحة، بل ترى أن ترامب يتّخذ "خطوات تكتيكية"، ولكن لم يتم تحديد كيف تتناسب هذه التحركات مع صورة استراتيجية أكبر.
وتناقش الافتتاحية فكرة أن ترامب قد يكون يتبع استراتيجية "إعادة التواصل مع روسيا للتركيز على الصين"، وتقول إن "الصين الأقوى بكثير تُشكّل التهديد الأكبر للولايات المتحدة، لذا من الحكمة إبعاد موسكو عنها. وهذا يعني أولاً إنهاء الحرب في أوكرانيا، حتى لو كان ذلك على حساب الرضوخ للعدوان الروسي، والتخلي عن الأوكرانيين، وقطع العلاقات مع الحلفاء الأوروبيين".
وتنتقد الصحيفة في الوقت ذاته عدم إيضاح هذا الهدف من قبل ترامب أو فريقه الأمني، وترى أن "هذه الاستراتيجية مهددة بالفشل"، كون موسكو وبكين "أكدتا مؤخراً صداقتهما اللامحدودة".
وتختتم الصحيفة افتتاحيتها بالتحذير من أن "بيع أوكرانيا في سياق هذا التقارب مع روسيا سيكون مخزياً"، إذا تم من دون أي استراتيجية واضحة أو مبرر حقيقي، وهو ما قد يؤدي إلى عواقب سلبية على المدى البعيد.
وننتقل إلى مقال في صحيفة جيروزاليم بوست، بعنوان "هل يعقد ترامب صفقة مع الشيطان في استراتيجيته بشأن أوكرانيا وروسيا؟"، للكاتب دوغلاس بلومفيلد.
وينتقد الكاتب بشدة التوجهات التي اتبعها ترامب في فترة ولايته الثانية، لا سيما موقفه من الحرب في أوكرانيا.
ويرى أن ترامب خالف وعوده السابقة بشأن دعم أوكرانيا، بل وتراجع عن تقديم المساعدات العسكرية والاستخباراتية، مما ترك أوكرانيا في موقف ضعيف.
ويشير الكاتب إلى التناقض بين الوعود التي قدّمها ترامب في بداية فترة رئاسته الثانية وبين الواقع الذي تم تحقيقه، مثل وعوده بخفض الأسعار وإنهاء الحرب في أوكرانيا بسرعة، بينما ارتفعت الأسعار وزادت التوترات الدولية.
ويناقش الكاتب تأثير سياسة ترامب على حلفاء أمريكا، مشيراً إلى أن دولاً مثل بولندا وفرنسا بدأت تشعر بعدم الثقة في الولايات المتحدة بسبب تراجع دعمها العسكري والدبلوماسي، مما دفع هذه الدول إلى التفكير في بناء تحالفات دفاعية مستقلة.
ويقول الكاتب إن "الدرس الذي تتلقاه أوروبا والحلفاء الديمقراطيون الآخرون يحثهم على إعادة بناء تحالفاتهم ودفاعاتهم ومظلتهم النووية، لأن أمريكا، بقيادة ترامب وأتباعه، غير موثوقة، وربما أسوأ من ذلك، كما حدث مع أوكرانيا".
ويلوم الكاتب، ترامب على تبني سياسة تعتمد على "المعاملات والصفقات الفردية بدلاً من المصالح الوطنية"، معتبراً أن هذا يضر بعلاقات أمريكا الدولية ويعرضها للخطر.
ويحذر من أن التقارب بين ترامب وروسيا قد يساهم في تقوية موقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ويزيد من تهديدات روسيا لأوروبا.
كما يشير الكاتب إلى أن هذا يمكن أن يعزز الطموحات الصينية في التوسع في المنطقة، بنقله حديث عضو مجلس الشيوخ الفرنسي كلود مالوريه أن "الرئيس الصيني يرى ترامب يرضخ لبوتين، ويتصور مساراً واضحاً لغزو تايوان".
ويستذكر الكاتب في ختام مقاله، أن ترامب قد كشف معلومات إسرائيلية حساسة لروسيا في الماضي، مما جعل حلفاء الولايات المتحدة أكثر حذراً في تبادل المعلومات الاستخباراتية معه، وهذا يضر بسمعة الولايات المتحدة في مجال الأمن.
ونختتم جولتنا بمقال من صحيفة الغارديان البريطانية، بعنوان "الصين يمكنها التعايش مع رسوم ترامب الجمركية، فسياسته الخارجية المتشددة ستساعد بكين على المدى الطويل"، للكاتب ستيف تسانج.
ويحلل الكاتب تأثير سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الصين، مبيناً أن ترامب يمثل في الوقت نفسه "كابوساً" و"حلماً" للصين، لكن بدرجات مختلفة.
ويوضح كيف أن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على الصين، تشكل تحديات لها على المدى القصير إلى المتوسط.
وفي ذات الوقت يرى الكاتب أن ترامب قدّم هدايا غير مقصودة للصين على المدى الطويل، تتمثل في "إلحاق ضرر كبير بالنظام الدولي الليبرالي، وتماسك الغرب الديمقراطي، ومكانة الولايات المتحدة العالمية"، واصفاً ذلك بأنه "يتجاوز أغرب أحلام قادة الصين".
ويشرح الكاتب أن ترامب، من خلال سياساته وتهديداته بالانسحاب من مؤسسات دولية مثل الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية، أضعف النظام الدولي القائم على القيم الليبرالية الذي كانت تقوده الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية.
ويؤكد أن هذا الضعف يمنح الصين فرصة أكبر للهيمنة على النظام الدولي من خلال طرح نموذج "عالمي صيني" يعتمد على دعم دول الجنوب العالمي.
ويشير إلى أن الصين تسعى لتحويل النظام الدولي إلى نظام يعزز مصالحها ويعتمد على دعم الدول النامية، وهو ما يعزز رؤية "حلم الصين" في استعادة مكانتها العالمية، في الوقت الذي تساهم فيه تصرفات ترامب في إضعاف النظام الذي كان يقوده الغرب، مما يجعل رؤية الصين أكثر قابلية للتحقيق.
ويقول الكاتب إنه "من خلال ترهيب أوكرانيا بشكل مُهين لدفعها إلى محادثات السلام، والضغط على الدول الأوروبية باستخفاف، والقبول إلى حد كبير بشروط روسيا لإنهاء الحرب، فقد غيّر ترامب علاقات الولايات المتحدة مع حلفائها بشكل جذري. لقد حقق ترامب ما عجزت الدبلوماسية الصينية عن تحقيقه".
ويرى الكاتب أن ترامب ساهم في تغيير العلاقة بين الولايات المتحدة وحلفائها في حلف الناتو وأوروبا وكندا، من خلال تهديداته وتصريحاته، وجعل حلفاء أمريكا يدركون أنهم لا يستطيعون الاعتماد على الولايات المتحدة كما كان في السابق، مما يفتح الباب أمام الصين لتوسيع نفوذها في العالم.