أظهرت تجارب حديثة أن الموسيقى قد تساعد المرضى على التعامل مع الألم بعد العمليات الجراحية أو خلال الأمراض المزمنة، في ظل تزايد الدراسات العلمية التي تؤكد تأثيرها الإيجابي على الجسم والعقل.
وفي وحدة التعافي بمستشفى جامعة كاليفورنيا في سان دييغو، يعمل الممرّض رود سالاساي باستخدام أدوات مختلفة من ميزان الحرارة والسماعة الطبية، وصولًا إلى الغيتار واليوكوليلي، حيث يقدم للمرضى عزفًا مباشرًا أو يغني معهم لمساعدتهم على التحكم بالألم.
وقال سالاساي: "هناك غالبًا دورة من القلق والألم والتوتر في المستشفى، لكن الموسيقى يمكن أن تساعد في كسر هذه الدورة."، كما لاحظ تغيّرات إيجابية في العلامات الحيوية للمرضى، مثل انخفاض معدل ضربات القلب وضغط الدم، مع طلب بعضهم مسكّنات ألم أقل.
وتؤكد الدراسات العلمية أن هذه الملاحظات ليست مجرد إحساس شخصي، بل يمكن تفسيرها علميًا من خلال تأثير الموسيقى على الدماغ والجهاز العصبي.
تشير الدراسات إلى أن الألم تجربة معقدة تجمع بين الإحساس الجسدي والتفسيرات العقلية والعاطفية له.
ويختلف شعور الأفراد بالألم حتى في حالات متشابهة، كما أن الألم المزمن يتسبب في تغييرات طويلة المدى في الدماغ تزيد الحساسية تجاه إشارات الألم.
ويعمل الاستماع إلى الموسيقى على صرف الانتباه عن الألم وتخفيف حدة الشعور به، خصوصًا عند اختيار المرضى للموسيقى التي يحبونها، إذ أظهرت الدراسات أن الاستماع للأغاني المفضلة يساعد على تحمل الألم أكثر من الاستماع لمحتوى آخر مثل البودكاست.
أظهرت دراسة حديثة في جامعة إراسموس روتردام بهولندا على 548 مشاركًا أن الاستماع لمختلف أنواع الموسيقى يساعد على زيادة قدرة الأشخاص على تحمل الألم الحاد، دون أن يبرز نوع معين كالأفضل.
وخلصت الدراسة إلى أن العامل الأكثر تأثيرًا هو الاستماع للموسيقى التي يفضلها الشخص، إذ تنشط الأغاني المألوفة الذكريات والعواطف، مما يزيد التأثير التخفيفي على الألم.
ويؤكد مختصو علم النفس والموسيقى العلاجية أن السماح للمرضى باختيار الأغاني بأنفسهم يرفع من أثرها، إذ يشعر المريض بالتحكم والتفاعل، ويقوي قدرته على مواجهة الألم وتقليل التوتر والقلق المصاحب له.