كشفت وكالة بلومبيرغ في تقرير حديث أن موجة واسعة من التسريحات بدأت تجتاح كبرى الشركات الأميركية، من شركات التجزئة إلى التكنولوجيا والطيران.
وأوضحت الوكالة أن عدد الوظائف الملغاة تجاوز 950 ألف وظيفة حتى نهاية سبتمبر/أيلول، وهو الأعلى منذ عام 2020، مما يشير إلى تحوّل في سياسات التوظيف بعد سنوات من الحفاظ على العمالة لتفادي أزمة النقص خلال الجائحة.
ويأتي هذا التراجع مع تزايد اعتماد الشركات على الذكاء الاصطناعي وخفض التكاليف التشغيلية لحماية الأرباح، في وقت تزداد فيه المخاوف من أن تكون هذه التسريحات مقدمة لتباطؤ اقتصادي واسع في الولايات المتحدة.
وأوضحت بلومبيرغ أن ما يُعرف بـ"تكديس العمالة" -أي احتفاظ الشركات بالموظفين تحسبا لأي نقص مستقبلي- بدأ يتراجع بشكل حاد، إذ تتجه إدارات الشركات إلى خفض النفقات عبر تقليص العمالة بدل رفع الأسعار للحفاظ على هوامش الربح.
وقال دان نورث، كبير الاقتصاديين في شركة أليانز تريد أميركاز، إن "عددا كبيرا من الشركات الكبرى بدأ بخفض واسع في أعداد العاملين"، محذرا من أن هذه الموجة "ليست عشوائية بل تعكس تحولا هيكليا في السوق".
وأشار التقرير إلى أن
واستندت بلومبيرغ إلى بيانات مؤسسة تشالنجر، غراي آند كريسمس التي أظهرت أن عدد التسريحات المعلنة في أميركا حتى سبتمبر/أيلول بلغ 950 ألف وظيفة، وهو الأعلى منذ ذروة جائحة كورونا.
وأضاف التقرير أن القطاع الحكومي تصدّر الموجة بنحو 300 ألف وظيفة ملغاة، بينما طالت التخفيضات قطاعات التكنولوجيا والتجزئة والطيران.
وقالت فيرونيكا كلارك، الخبيرة الاقتصادية في سيتي غروب، إن السوق الأميركي "خرج من مرحلة الاقتصاد منخفض التوظيف والتسريح، ودخل مرحلة جديدة عنوانها: نحن في طور التسريح".
ورأت بلومبيرغ أن التطور السريع في الذكاء الاصطناعي والأتمتة الصناعية غيّر قواعد اللعبة، إذ لم تعد الشركات تخشى فقدان المهارات البشرية كما في السابق.
وأظهر استطلاع لمنصة "لينكد إن" أن 60% من المديرين التنفيذيين يعتقدون أن الذكاء الاصطناعي سيتولى مهام يؤديها موظفون مبتدئون اليوم.
وقال نورث إن "المديرين فقدوا خوفهم من التسريح، وأصبحوا أكثر اقتناعا بأن الآلات يمكن أن تسدّ النقص البشري".
ورغم هذا التدهور، قلّل رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول من المخاوف، قائلا إن "تباطؤ سوق العمل ما زال تدريجيا جدا ولا يشير إلى ركود".
لكن محللين نقلت عنهم بلومبيرغ حذروا من أن المؤشرات الحالية "تشبه بدايات التراجع الاقتصادي في عام 2008".
وقالت فيرونيكا كلارك إنها ستشعر بالقلق إذا تجاوزت طلبات إعانات البطالة الأسبوعية 260 ألفا، بعدما تراوحت مؤخرا بين 220 و240 ألفا، فيما اعتبر كوري ستاهل، كبير الاقتصاديين في منصة إنديد، أن "الخطر سيبدأ عندما تمتد التسريحات إلى قطاعي النقل والتجزئة".
وأشارت بلومبيرغ إلى أن الشركات باتت تعتمد أكثر على العمالة المؤقتة لتجنب الالتزامات طويلة الأمد، وقال نواه يوسف، كبير الاقتصاديين في جمعية التوظيف الأميركية، إن "الطلب على العمالة المؤقتة ارتفع بعد ركود دام ثلاث سنوات"، موضحا أن هذه الظاهرة "تعكس حذر الشركات من المستقبل أكثر من كونها انتعاشا حقيقيا".
وأوردت بلومبيرغ شهادة العامل الأميركي جون ستيغلر (65 عاما) من شيكاغو، الذي فُصل بعد عقدين من العمل في مجال الأنظمة السمعية والبصرية.
وقال "أخبرني المدير بعد يوم عمل طويل أنه لم يعد هناك عمل. أنا محظوظ لأنني قريب من التقاعد، لكن زملائي في الثلاثينيات لا يعرفون ماذا سيفعلون غدا".
    
    
        المصدر:
        
             الجزيرة
        
    
 
   مصدر الصورة 
  
 
   مصدر الصورة