آخر الأخبار

المنتدى الاستثماري السوري-السعودي.. اتفاقات وطموحات

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

دمشق في خطوة تعكس تحوّلًا تدريجيًا في العلاقات الاقتصادية بين سوريا والمملكة العربية السعودية، شهدت العاصمة السورية دمشق، الخميس الماضي، انعقاد المنتدى الاستثماري السوري السعودي الأول من نوعه، وسط حضور رسمي واقتصادي واسع من الجانبين.

ويأتي هذا المنتدى جزءا من جهود أوسع لإعادة تطبيع العلاقات بين البلدين، بعد سنوات من القطيعة، ويفتح آفاقًا محتملة للتعاون في مجالات اقتصادية حيوية، على وقع تحديات سياسية واقتصادية لا تزال قائمة.

وترأس الوفد السعودي المشارك في المنتدى المقام بقصر الشعب وزير الاستثمار السعودي خالد بن عبد العزيز الفالح؛ حيث شاركت أكثر من 20 جهة حكومية سعودية وأكثر من 100 شركة رائدة من القطاع الخاص في المملكة بفعاليات المنتدى.

وشهد المنتدى توقيع السعودية والحكومة السورية 47 مذكرة تفاهم استثماري بقيمة 24 مليار ريال سعودي (6.4 مليارات دولار أميركي)، تشمل مجالات الصناعة والطاقة والبنية التحتية والتطوير العقاري والتقنيات المالية.

وأعلن الفالح، أن الاتفاقيات تتضمن إنشاء أكثر من 3 مصانع جديدة للإسمنت، وتوقيع مذكرات تفاهم بـ 4 مليارات ريال بين وزارة الاتصالات السورية وعدد من كبرى شركات الاتصالات السعودية، منها شركتا "إس تي سي" و"عِلم".

وفي السياق نفسه، أكد وزير الإعلام السوري حمزة المصطفى، أن هذه الاتفاقيات والمشاريع ستوزع على مختلف المحافظات السورية، مشيرًا إلى أنها ستسهم في توفير 50 ألف فرصة عمل مباشرة.

كما أوضح أن الحكومة السورية تعمل على تحديث البنية التشريعية وتهيئة بيئة استثمارية ملائمة، من الناحيتين القانونية والاقتصادية.

وأعرب المصطفى عن تطلّعه لأن يتحول المنتدى إلى مناسبة سنوية دائمة تجمع رجال الأعمال السوريين والسعوديين، لبحث وتوسيع مجالات الشراكة وتبادل الخبرات.

مصدر الصورة الاتفاقيات الموقعة في المنتدى الاستثماري السوري-السعودي تشمل قطاعات حيوية أبرزها الإسمنت والطاقة (سانا)

تأثيرات اقتصادية مرتقبة

وعن التأثيرات الاقتصادية المتوقعة لهذه الاتفاقيات، قال الخبير الاقتصادي السوري أدهم القضيماتي، في حديث للجزيرة نت، إن الأثر سيكون "متواضعًا" على المدى القريب، مفسرًا ذلك بضعف البنية التحتية في سوريا لما تعرّضت له البلاد في سنوات الحرب.

إعلان

وبحسب القضيماتي، فإن الأهمية الفعلية للاستثمارات السعودية تكمن في قدرتها على تحفيز بيئة الاستثمار العام، وتعزيز الثقة في الاقتصاد السوري خلال مرحلته الانتقالية.

ويرى أن هذه الخطوة قد تسهم في زيادة الإنتاج المحلي بنسبة تصل إلى 3% خلال فترة تتراوح بين سنة وسنتين، فضلًا عن خلق فرص عمل جديدة للسوريين.

أما على المدى المتوسط، فيُرجّح الخبير الاقتصادي، أن تؤدي هذه الاستثمارات إلى تأسيس شركات جديدة تُخدّم قطاعات متعددة، مما قد يساهم في تنشيط عجلة الاقتصاد الوطني.

وفي تعليقه على تصريح وزير الإعلام بشأن توفير 50 ألف فرصة عمل، يرى القضيماتي، أن الرقم واقعي بالنظر إلى تعدد القطاعات التي تشملها الاتفاقيات، مشيرًا إلى أن عدد المستفيدين قد يكون أكبر نتيجة الأثر غير المباشر للمشاريع على القطاعات الداعمة.

ويضيف القضيماتي، أن تقييم الفائدة الاقتصادية ينبغي ألا يقتصر على فرص العمل المباشرة فقط، بل يشمل أيضًا قدرة هذه المشاريع على تحفيز قطاعات أخرى مثل إعادة تأهيل البنية التحتية، والخدمات اللوجستية والنقل، والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، لا سيما في الصناعات الغذائية والألبسة والأسمدة.

ويرى الخبير أن التركيز على قطاعات مثل الطاقة والإسمنت يُعد إستراتيجيًا، كونها تمثل الركائز الأساسية في عمليات إعادة الإعمار، موضحًا أن تعزيز الاستثمارات في قطاع الطاقة –سواء عبر المصادر المتجددة أم التقليدية– يعد شرطًا أساسيًا لتحقيق الاستقرار الاقتصادي العام.

السياق الاقتصادي للمنتدى

ومن جهته، يعتقد الدكتور عبد الرحمن محمد، نائب عميد كلية الاقتصاد للشؤون الإدارية وشؤون الطلاب في جامعة حماة، أن المرحلة الراهنة تُشكّل منعطفًا مهمًا في مسار الاقتصاد السوري، وتحمل مؤشرات أولية على بداية مرحلة جديدة من إعادة الإعمار والنمو، بعد سنوات طويلة من النزيف الاقتصادي.

وعن المنتدى الاستثماري، يرى عبد الرحمن محمد أنه يعكس تنامي اهتمام المستثمرين العرب بالسوق السورية، الأمر الذي قد يمهّد لفتح آفاق اقتصادية جديدة للبلاد.

ويضيف أن هذه الاستثمارات تأتي في توقيت بالغ الأهمية، نظرًا لحاجة سوريا الماسّة إلى مشاريع تطوير البنية التحتية في قطاعات إستراتيجية، وعلى رأسها الطاقة والإسمنت، اللتان تشكّلان -حسب تعبيره- أساس أي مشروع تنموي أو إعادة إعمار.

ويشير إلى أن التركيز على هذه القطاعات لا ينبع فقط من ضرورتها الفعلية، بل أيضًا من دورها كمحفزات أولية لتحريك بقية القطاعات الإنتاجية والخدمية، التي تراجعت بشدة في السنوات الماضية.

انعكاسات محتملة على الواقع المعيشي للسوريين

ويرى الدكتور عبد الرحمن محمد، أن الاستثمارات الجديدة لها القدرة على إحداث تحسن ملموس في الواقع المعيشي للسوريين، وذلك عبر مسارات مترابطة، من أبرزها:


* خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة: إذ يُتوقع أن تُسهم المشاريع الجديدة في تقليص نسب البطالة ، بتوفير وظائف متنوعة في مجالات البناء والخدمات والصناعة.
* تحسين الخدمات الأساسية: توسّع الاستثمارات في مجالات البنية التحتية، كالكهرباء والمياه، قد يؤدي إلى تحسّن ملحوظ في جودة الحياة اليومية للمواطنين.
* زيادة الدخل الفردي: مع توفر فرص العمل وتحسّن النشاط الاقتصادي، يُرجّح أن ترتفع القدرة الشرائية للمواطنين، مما ينعكس إيجابًا على الاقتصاد المحلي.
إعلان

وفي معرض حديثه عن أهمية الاستثمار في قطاعات الطاقة والإسمنت خلال المرحلة الحالية من إعادة الإعمار، يشير عبد الرحمن محمد إلى أن هذه القطاعات باتت تمثل ضرورة وطنية ملحة، موضحًا:


* تلبية الطلب المتزايد: ثمة حاجة كبيرة إلى مواد البناء والطاقة لدعم مشاريع الإعمار الجارية، سواء على مستوى البنية التحتية العامة أو المشروعات السكنية والخدمية.
* تعزيز الاستدامة: يرى أن الاستثمار في الطاقة المتجددة يُقلل من الاعتماد على المصادر التقليدية، ويُساهم في تحقيق استقرار طويل الأمد اقتصاديًا وبيئيًا.
* تحفيز النمو الاقتصادي : تُعد قطاعات الطاقة والبناء من أبرز محركات النمو في الدول التي تخرج من النزاعات، نظرًا لارتباطها المباشر بمؤشرات الإنتاجية والعمالة.
* مصدر الصورة الاستثمارات المعلنة من المنتدى الاستثماري السوري-السعودي مرشحة لإحداث فرص عمل تتجاوز 50 ألف وظيفة (سانا)

تحديات تواجه التنفيذ

وعن التحديات المحتملة التي قد تواجه هذه الاستثمارات، يُشير الدكتور عبد الرحمن محمد إلى وجود عدد من المعوقات الموضوعية، التي ينبغي التعامل معها بجدية:


* العقوبات الدولية: لا تزال العقوبات المفروضة على سوريا تُشكّل عائقًا كبيرًا أمام جذب الاستثمارات الأجنبية، وتحد من قدرة الشركات على العمل بحرية.
* غياب التشريعات المحفزة: لا يزال الإطار القانوني للاستثمار في سوريا بحاجة إلى تحديث، إذ تفتقر القوانين الحالية إلى الوضوح والمرونة الكافيين لجذب المستثمرين.
* مستوى الشفافية : ضعف الشفافية في الإجراءات الحكومية قد يؤدي إلى انعدام الثقة لدى المستثمرين، مما ينعكس سلبًا على تدفق رؤوس الأموال.

ويشدد الخبير الاقتصادي على أهمية تسريع الإصلاحات التشريعية وتحديث البيئة القانونية للاستثمار، باعتبار ذلك خطوة جوهرية في مسار إعادة الإعمار، وضرورة أساسية لإنجاح أي خطة للتنمية الاقتصادية المستدامة.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار