في إطار برنامج "أربع سنوات من الآن" المعروف اختصارا بـ"4 واي إف إن" (4YFN) الداعم للشركات الناشئة، والذي يرعاه مؤتمر "إم دبليو سي 25" (MWC25) في الدوحة، التقت الجزيرة نت بعدد من رواد الأعمال والمؤسسين المشاركين في هذا الحدث العالمي، لاستكشاف أبرز الابتكارات التي يحملونها إلى مستقبل التكنولوجيا.
وقدّم المشاركون رؤى متنوعة حول رحلتهم الريادية، وحلولهم التقنية، والتحديات التي يعملون على معالجتها، مما يعكس حيوية المشهد الابتكاري الذي يجمعه "إم دبليو سي" في أول نسخة له بالشرق الأوسط.
وتسلط هذه اللقاءات الضوء على الدور المتنامي لقطر كمنصة محورية للشركات الناشئة، وتكشف كيف يسهم "إم دبليو سي 25" بالتعاون مع "4 واي إف إن" في تعزيز بيئة الابتكار الإقليمي وربط الشركات الواعدة بمستثمرين وخبراء من جميع أنحاء العالم.
يقول سالم حمداني الشريك المؤسس في شركة "سيمي تاي"، وهي شركة ناشئة قطرية تتبع حاضنة الأعمال الرقمية "دي آي سي" في وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات القطرية، إن الشركة بشكل عام تركز على تطوير تطبيقات استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين جودة الأعمال في مختلف المجالات من ضمنها التعليم.
والمنتج الأساسي لدى الشركة حاليا هو "دراية"، وهي منصة بإمكان المؤسسات استعمالها لتدريب الموظفين باستخدام الذكاء الاصطناعي، مما يغني عن الاستعانة بالمدربين وإقامة ورش العمل. ويستبدل برامج ومواقع أخرى مثل "كورسيرا" وغيرها بحل تفاعلي أكثر مع الموظف، مما يجعل النتائج أعلى، ويسهل على المؤسسات متابعة الموظفين ومسار تطورهم.
ويركز سالم وزملاؤه في "سيمي تاي" في الوقت الحالي على المؤسسات مثل جامعة قطر وبعض الجامعات الأخرى، بالإضافة إلى بناء الخبرة.
ويرى سالم أن حضورهم لـ"إم دبليو سي" بمساعدة حاضنة الأعمال الرقمية أتاح لهم الفرصة لعرض المنصة والشركة من خلال المؤتمر، حيث مكنهم من الاطلاع على ما تقدمه الشركات حول العالم في مجال التكنولوجيا وخصوصا الشركات الناشئة، ومكنهم من لقاء بعض المستثمرين والتواصل مع كبار المؤسسات لبناء علاقات مستدامة.
واجهت إيليز فيسترهاوت من هولندا مشكلة قبل 5 سنوات عندما انتقلت إلى بلد جديد، ولم يكن لديها أصدقاء وأرادت أن تلعب كرة القدم. فقامت بإنشاء شركة “سيلي بريك” لتقدّم حلا للأشخاص الذين يرغبون في لعب كرة القدم لكنهم لا يعرفون أين يلعبون، أو مع أي فريق، أو متى، أو كيف يمكنهم المشاركة.
وقامت إيليز ببناء منصة تجمع بين إتاحة الوصول إلى الملاعب، ومساعدة العملاء على العثور على المباريات التي تنظمها المنصة، كما توفر مستضيفين للمباريات يذهبون إلى الملعب ويقومون بربط اللاعبين ببعضهم، وهي ليست عملية سهلة -كما تقول إيليز- لأنها في النهاية تجمع ما بين 16 إلى 22 شخصا غريبا لا يعرف بعضهم بعضا.
ومن خلال التطبيق يمكن لهؤلاء الغرباء أن يتواصلوا ويتعرفوا على بعضهم داخل التطبيق وبشكل مباشر على أرض الملعب، سواء في قطر أو في أي مكان حول العالم.
نموذج العمل بسيط جدا، حيث يدفع المستخدم رسوم المشاركة في الفعاليات التي تستضيفها المنصة، التي تتكفّل بتغطية تكلفة حجز الملعب وتكلفة مستضيف المباراة، وبهذا تحقق الربح لأن الإيرادات تكون أعلى من التكاليف.
ولدى “سيلي بريك” تجربة قائمة بالفعل في برشلونة، حيث حققت الشركة إيرادات تجاوزت مليون يورو، وقد شجعهم ذلك للتوسع في دول أخرى. وقد انتقلوا مؤخرا إلى دبي، حيث أكدت التجربة هناك أن النموذج الذي يتبنونه يعمل، وهم الآن يبحثون عن أماكن أخرى ذات خصائص مشابه، تضم عددا كبيرا من المقيمين الأجانب وحتى السكان المحليين الذين يرغبون في لعب كرة القدم والتواصل مع الآخرين.
وعن سبب حضورهم المؤتمر، تقول إيليز إن مشاركتهم في مؤتمر "إم دبليو سي" يأتي بفضل مؤسسة "تينتاغات- برشلونة للابتكار في كرة القدم" لأنهم من المستثمرين في الشركة، ومنحوهم الفرصة لعرض منصتهم هنا، كما أنهم يسعون لاستكشاف أسواق جديدة.
وتقول إيليز: "نحن هنا أساسا للعثور على أشخاص يمكنهم فتح الأبواب لنا، كأن يربطونا بملاعب كرة قدم، أو يساعدونا في الاستثمار في الشركة حتى نتمكن من الإطلاق والتوسع، وكذلك أشخاص يمكنهم قيادة تطوير الأعمال ووضع إستراتيجيات التسويق. باختصار، نحن هنا لتوسيع منتجنا والتقدّم خطوة جديدة في رحلتنا".
أما عمر أسعد فقد قدم نبذة عن شركة "سمارت آي" من الأردن، وهي شركة متخصصة في تقديم حلول إدارة الطاقة والمياه عبر أجهزة تحكم ذكية تساعد المنشآت في مراقبة الاستهلاك الخاص بها من الطاقة والمياه والتحكم فيه، وتوقع الاستهلاكات للفترات القادمة، واكتشاف أي تسريبات تحدث داخل المنشآت.
ويقول عمر إن الشركة، التي تأسست في عام 2018، تعمل بصورة أساسية مع القطاع الحكومي عبر مساعدة الأبنية العامة في مراقبة الاستهلاك الخاص بها، واكتشاف الأعطال داخلها لتخفيف الاستهلاك وزيادة الإنتاجية من الطاقة الشمسية الموجودة فيها.
وأيضا تعمل الشركة الناشئة بصورة أساسية في القطاع الإنساني داخل مخيمات اللاجئين في الأردن وأيضا في المجتمعات المستضيفة لبيوت اللاجئين في الأردن.
ويرى عمر أن من أهم إنجازات الشركة في المجال الإنساني هي محاولة حل بعض المشاكل التي تعاني منها مخيمات اللاجئين، والتي من بينها محدودية مصادر التمويل للمنظمات التي تدير هذه المخيمات، فبفضل الحلول الذكية من الشركة التي تستخدمها في توقع الإنتاجية من الطاقة الشمسية وتوزيعها بصورة عادلة بين اللاجئين، استطاعت الشركة أن تمدد ساعات تشغيل الكهرباء من 6 ساعات يوميا إلى 24 ساعة باستخدام الطاقة المولدة ذاتها، ولكن مع توزيع عادل للطاقة بين الناس.
ويأمل عمر من المشاركة في مؤتمر "إم دبليو سي" -الذي ينعقد أول مرة في الدوحة- أن تتيح لشركتهم الناشئة التوسع في الأسواق الخارجية، والوصول إلى شرائح جديدة من العملاء لخدمة المجتمع بصورة أكبر، خاصة أن القطاع الذي يعملون فيه هو قطاع حرج، ويؤثر على جميع المجتمعات سواء فقيرة أو غنية بحسب عمر.
وفي شركة "مؤسس" وهي شركة ناشئة خاصة عبارة عن منصة تساعد رواد الأعمال والشركات الاستشارية، التقينا بمحمد إمام المدير التقني ومؤسس الشركة، والذي بدوره أخبرنا عن الخدمات التي تقدمها منصة "مؤسس" لرواد الأعمال في إدارة وإنشاء مستنداتهم وعقودهم وخططهم الخاصة بطريقة أسرع وأكثر كفاءة، وذلك عن طريق منصة تعاونية مدعومة بالذكاء الاصطناعي يقوم فيها رائد الأعمال بإدخال فكرته مرة واحدة، ثم يستطيع إنشاء أي عدد من المستندات والعقود والخطط بسهولة وبشكل تلقائي.
كما يستطيع تعديلها ومشاركتها مع شركائه في المشاريع المختلفة، وأضاف "نعتمد بشكل أساسي على نموذج الاشتراكات لتحقيق الأرباح في الشركة".
وبشأن حضورهم اليوم في مؤتمر "إم دبليو سي"، فبحسب محمد هناك هدفان رئيسيان لهذه المشاركة، الأول هو العثور على رواد الأعمال والمستثمرين المهتمين في مساعدتهم على تطوير المنتج. والثاني التعرف على خبراء يمكنهم مساعدتهم في تطوير الفكرة ومناقشة الأفكار الجديدة معهم.
تعكس هذه اللقاءات مع الشركات الناشئة المشاركة في برنامج "4 واي إف إن" حجم التنوع والطموح الذي يحمله الجيل الجديد من المبتكرين في المنطقة والعالم. وبينما يواصل "إم دبليو سي 25" الدوحة ترسيخ مكانته كمنصة رائدة تجمع التقنيات الناشئة مع رواد الأعمال والمستثمرين، تبرز أهمية دعم هذا النوع من المبادرات في تعزيز الاقتصاد الرقمي وبناء منظومة ابتكار مستدامة في الشرق الأوسط.
وبهذا، يفتح "إم دبليو سي 25" الباب أمام موجة جديدة من الأفكار والشراكات التي ستسهم في تشكيل ملامح المستقبل التقني خلال السنوات المقبلة.
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة
مصدر الصورة
مصدر الصورة
مصدر الصورة