وسط ظروف قاسية بسبب الحرب، يخوض المنتخب السوداني مواجهة جديدة أمام العراق، يوم السبت، في الجولة الثانية من كأس العرب 2025 الجارية في قطر، يتطلع عبرها "صقور الجديان" إلى الانتصار سعياً إلى "إسعاد الشعب، كون كرة القدم الوسيلة الوحيدة التي تبث الأمل وتسعد السودانيين وسط أهوال ومآسي الحرب" - على حد تعبير القائد محمد عبدالرحمن الذي وصف تحقيق الفوز في المستطيل الأخضر بـ "العيد" للشعب المكلوم.
واندلعت الحرب السودانية في 15 أبريل 2023 بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، وتسبّبت بمقتل عشرات الآلاف وبتهجير نحو 12 مليون شخص، وبما وصفته الأمم المتحدة بأنه "أسوأ أزمة إنسانية في العالم"، بعدما شهدت البلاد انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، شملت أعمال عنف جنسي ضد النساء وانتهاكات مروّعة ووحشية في حقّ المدنيين عامة، وجرائم قتل خارج نطاق القانون.
وأدت الحرب إلى تجميد النشاط الرياضي في عموم البلاد، قبل أن يتجه المنتخب السوداني إلى الخارج للمحافظة على الاستمرارية كونه كان مقبلاً على مشاركات هامة "التصفيات المؤهلة إلى كأس العالم 2026 وتصفيات كأس إفريقيا 2025".
وبخصوص تلك الفترة، أوضح محمد عبدالرحمن لـ "العربية. نت": عقب اندلاع الحرب وتوقف النشاط اتجهنا لخوض معسكر إعدادي في المغرب، بعدها إلى السعودية التي استضافتنا لفترة طويلة ووفرت لنا كافة سبل النجاح حتى نتمكن من الاستعداد بشكل جيد للتحديات المقبلة، كما تمكنا من مواصلة النشاط عبر المشاركة في الدوري الموريتاني الموسم المنصرم وحالياً نتواجد في المسابقات الرواندية عبر ناديي الهلال والمريخ.
وربما تأثرت حظوظ "صقور الجديان" في بلوغ المونديال لأول مرة في التاريخ بعدما فقد المنتخب عامل الأرض والجمهور، إذ خاض مبارياته البيتية في الخارج ما بين ليبيا وجنوب السودان وصولاً إلى تنزانيا وموريتانيا، لكنه رغم ذلك تمكن من حجز مقعده في البطولة الإفريقية التي ستنطلق الشهر الجاري بالمغرب، ودخل ترشيحات الاتحاد الإفريقي (كاف) لأحد أفضل منتخبات القارة لعام 2024.
وكشف قائد منتخب السودان الشهير بـ "الغربال" طريقة تغلب اللاعبين على مآسي الحرب "أثناء تواجدنا في موريتانيا كانت تأتينا الأخبار تباعاً سواء بفقدان أحد أفراد العائلة أو الأصدقاء، كنا نعيش وسط ظروف نفسية قاسية لأن أسوأ الأخبار تتوالى بلا توقف، لكننا تمكنا من المحافظة على رباطة جأشنا بالعقلية الاحترافية التي كانت وسط اللاعبين الذين تغلبوا على ظروف لا توصف من أجل مواصلة نشاطهم.
وأضاف المهاجم البالغ من العمر 32 عاماً: كنا نعلم أن كرة القدم هي الشيء الوحيد الذي يبث الفرحة في قلوب السودانيين، وهو ما دفع اللاعبين إلى التماسك وسط كل تلك الأخبار السيئة والظروف القاسية، كوننا كنا في الخارج بعيداً عن عائلاتنا وأقاربنا وأصدقائنا، لكننا عقدنا العزم على التحلي بالصبر ومساعدة المدرب سواء في النادي أو المنتخب من أجل تجاوز الصعوبات.
وواصل: عندما يحقق المنتخب الانتصارات أو الهلال والمريخ تعم الفرحة جميع السودانيين المتواجدين وسط أجواء الحرب في الداخل أو الذين قادتهم الحرب إلى التواجد في مختلف أنحاء العالم، بالنسبة للسودانيين يعتبر الفوز بمثابة "العيد" لكافة الشعب.
وبعد تعادل "صقور الجديان" سلبياً في مباراته الأولى بكأس العرب أمام حامل اللقب الجزائر، قال الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا": السودان أظهر عزيمته مبكراً في البطولة.
وزاد (فيفا) في موقعه الإلكتروني: لُحمة المنتخب السوداني، وعزيمته ربما تتبلور أكثر بفضل العمل القيادي للمهاجم المميز محمد عبد الرحمن، والذي يساعد اللاعبين الذين يشقون طريقهم في المنتخب مثل أبوجا وطبنجة على القتال أكثر تحت ألوان علم بلادهم.
وعلق "الغربال" على دوره كقائد وكيفية دعم زملائه الذين يمرون بظروف إنسانية صعبة، وقال لـ "العربية. نت": يضم المنتخب العديد من اللاعبين الذين يمتلكون خبرة واسعة، لذلك نعمل على مساعدة بعضنا البعض لتجاوز الظروف الصعبة، نقوم بحل جميع مشاكلنا سوياً ونتماسك حتى نحافظ على هدوئنا وبالتالي استمراريتنا وتركيزنا.
وبشأن الطريقة التي يحافظ فيها على جاهزيته الذهنية في ظل الأخبار المؤلمة عن الوطن ووسط مسؤولياته كقائد للمنتخب، أجاب: من الصعب جداً أن تتعايش مع ذلك "الحرب" وأنت بعيد عن وطنك وعائلتك وأصدقائك، إضافة إلى الأخبار المؤلمة التي نسمعها باستمرار، لكن أسعى قدر الإمكان على التحلي بالمسؤولية كون شارة القيادة مصدر فخر كبير، لذلك لا سبيل لي سوى مواصلة العمل والتركيز على كرة القدم لتجاوز الوضع الذي نعيشه باستمرار.
ويتطلع أحد أقدم منتخبات إفريقيا إلى البناء على انطلاقته القوية في كأس العرب عندما يلاقي العراق، يوم السبت، في الجولة الثانية من مباريات المجموعة الرابعة.
ويتصدر منتخب العراق ترتيب المجموعة بثلاث نقاط مقابل نقطة واحدة للسودان والجزائر وظلت البحرين بدون رصيد.
ويسعى لاعبو السودان إلى كسر العقدة التي لازمت المنتخب طوال تاريخ مشاركاته في بطولة كأس العرب، من خلال النسخة الجارية في قطر، إذ لم يتجاوز الفريق مرحلة المجموعات في المشاركات الأربع الماضية.
وأكد محمد عبدالرحمن، الذي كان يتمالك دموعه أثناء عزف النشيد الوطني في المباراة الأولى بمجموعات كأس العرب، أن اللاعبين عقدوا العزم على تحقيق آمال السودانيين والوصول إلى أبعد نقطة في البطولة الحالية "الشعب ينتظر تحقيق مشاركة مشرفة، لديهم ثقة كبيرة في إمكاناتنا وهو ما سنعمل على ترجمته داخل أرضية الملعب، الوطن والجماهير مصدر إلهام كبير لنا في كافة مبارياتنا وتحضيراتنا وحياتنا اليومية كلاعبين، لذلك نريد أن نعكس لهم أننا على قدر هذه الثقة من أجل كسب التحديات المقبلة، لأن هدفنا إسعادهم وبالتالي يتوجب علينا مواصلة القتال وبذل أقصى ما لدينا في كل المباريات.
المصدر:
العربيّة