أعلنت وكالة الفضاء المصرية نجاح إطلاق وتشغيل القمر الصناعي المصري "سبنكس" ودخوله مداره المخصص وبدء إرساله إشاراته الأولى، وكان القمر قد أُطلق من قاعدة فضائية شمال غربي جمهورية الصين الشعبية.
وينتمي "سبنكس" إلى فئة الأقمار الصناعية النانوية، وهي أقمار صناعية صغيرة يقل وزنها عادة عن 10 كيلوغرامات.
وتعتزم وكالة الفضاء المصرية إتاحة بيانات "سبنكس" للباحثين في الجامعات والمراكز البحثية المصرية، مما يحول هذا القمر الصناعي من مشروع تقني إلى أداة علمية مفتوحة تسهم في إنتاج معرفة جديدة وتدعم أبحاث الفيزياء الفضائية وعلوم الغلاف الجوي والمناخ، بحسب بيان رسمي من رئاسة مجلس الوزراء المصري.
تتميز الأقمار الصناعية النانوية بانخفاض تكلفة تطويرها وإطلاقها مقارنة بالأقمار التقليدية، وتُستخدم في مجالات متعددة مثل البحث العلمي والاتصالات ومراقبة الأرض والاستشعار عن بُعد، مما جعله أداة شائعة ومتنامية في صناعة الفضاء الحديثة.
وتكمن أهمية الأقمار الصناعية النانوية في كونها أكثر مرونة وأقل تكلفة، ويمكن إطلاقها بأعداد كبيرة في وقت واحد، مما يسمح بتنفيذ مهام علمية ورصدية واسعة النطاق.
كما أن صغر حجمها يسهّل مناورتها وتحديث تجهيزاتها، ويتيح تزويدها بأجهزة استشعار متقدمة لجمع بيانات لم يكن من الممكن الحصول عليها سابقا.
ومقارنة بالأقمار الصناعية التقليدية تطوَّر الأقمار النانوية في وقت قصير نسبيا قد لا يتجاوز أشهرا عدة بدلا من سنوات طويلة، مما يتيح دمج أحدث التقنيات قبل الإطلاق والاستجابة السريعة لاحتياجات البحث أو السوق، في حين تكون الأقمار الصناعية الضخمة أكثر تكلفة وأبطأ في التطوير، وقد تصبح تقنياتها قديمة قبل دخولها الخدمة.
وفي هذا السياق، صُمم "سبنكس" ليكون مختبرا علميا في المدار متخصصا في قياس خصائص البلازما في طبقات الأيونوسفير، وهي المنطقة العليا من الغلاف الجوي التي تلعب دورا محوريا في انتشار موجات الاتصالات، وتحديد دقة أنظمة الملاحة، والتفاعل مع النشاط الشمسي.
وتتعرض الغازات في طبقات الأيونوسفير للتأين بفعل الأشعة فوق البنفسجية وأشعة إكس القادمة من الشمس، فتتكون أيونات وإلكترونات حرة تجعل هذه المنطقة مؤثرة مباشرة في انتشار موجات الراديو والاتصالات والملاحة.
وتكتسب هذه القياسات أهمية خاصة في فهم العواصف الشمسية والمغناطيسية التي قد تؤثر مباشرة على الأقمار الصناعية وشبكات الاتصالات وأنظمة تحديد المواقع، بل وعلى شبكات الكهرباء على سطح الأرض.
ومن خلال البيانات التي يوفرها "سبنكس" يمكن للباحثين بناء نماذج أدق لسلوك الأيونوسفير، مما يسهم في تحسين التنبؤ بالطقس الفضائي ودعم أبحاث المناخ والبيئة الفضائية القريبة من الأرض.
كما أن برمجيات القمر الصناعي ومحطة التحكم والاستقبال الأرضية تم تطويرها وتنفيذها بأيد مصرية، في دليل واضح على نضج الكوادر الوطنية وقدرتها على إدارة دورة حياة قمر صناعي كاملة.
وتؤكد البيانات التليمترية التي استقبلتها محطة التحكم الأرضية نجاح مرحلة التشغيل الأولي، حيث أظهرت استقرار القمر في مداره وكفاءة عالية لأنظمته، مع وصول شحن البطاريات إلى نحو 90% بعد توجيه القمر نحو الشمس.
والبيانات التليمترية هي المعلومات التي يرسلها القمر الصناعي باستمرار إلى محطة التحكم الأرضية لمتابعة حالته الفنية والتشغيلية أثناء وجوده في المدار.
وتشمل هذه البيانات مؤشرات حيوية مثل مستوى شحن البطاريات ودرجة حرارة الأنظمة وحالة أجهزة الاتصال واتجاه القمر الصناعي وسرعته وكفاءة عمل مكوناته المختلفة.
وتُعد البيانات التليمترية عنصرا أساسيا في تشغيل أي قمر صناعي، إذ تمكن المهندسين من اكتشاف أي خلل فني في وقت مبكر، واتخاذ القرارات اللازمة لتصحيح المسار أو تعديل أوضاع التشغيل.
كما تُستخدم البيانات التليمترية لتقييم أداء القمر على المدى الطويل، وتحسين خطط التشغيل، وتطوير الأقمار الصناعية المستقبلية.
إطلاق أقمار صناعية علمية نانوية لم يعد ترفا علميا، بل أصبح ضرورة إستراتيجية للدول الساعية إلى امتلاك قرارها العلمي والتقني، وقد بدأت العديد من الدول العربية بالفعل في اتخاذ هذا المنحى.
وتتيح هذه الأقمار الصناعية بناء قاعدة بيانات علمية وطنية تخدم الجامعات ومراكز البحث بدل الاعتماد الكامل على بيانات خارجية.
كما أنها تساعد في تأهيل كوادر بشرية متخصصة في هندسة الفضاء والتحكم الأرضي وتحليل البيانات، وهي مهارات عالية القيمة في اقتصاد المعرفة.
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة
مصدر الصورة
مصدر الصورة