آخر الأخبار

علماء للجزيرة نت: تمكنا من تحويل بقايا الطعام إلى وقود طائرات

شارك

ابتكر باحثون طريقة لتحويل نفايات الطعام إلى وقود طائرات مستدام يطابق مواصفات الصناعة من دون الحاجة إلى خلطه بوقود أحفوري.

ويقول الفريق إن هذه التقنية، التي كشف عنها في دراسة نشرت يوم 30 أكتوبر/تشرين الأول بدورية "نيتشر كوميونيكيشنز"، يمكن أن تدعم هدف قطاع الطيران بالوصول إلى صفر صافي لانبعاثات الكربون بحلول عام 2050.

تقوم الفكرة الأساسية على 3 خطوات كيميائية مترابطة؛ أولا، تحول نفايات الطعام إلى "نفط حيوي" عبر عملية حرارية كيميائية تسمى التحلل الحراري المائي.

مصطلح "النفط الحيوي" يشير إلى وقود سائل يُنتج من الكتلة الحيوية، أي من مواد عضوية حية أو ناتجة عن الكائنات الحية، مثل النباتات والطحالب والمخلفات الزراعية أو حتى النفايات العضوية.

هذه العملية تستخدم حرارة وضغطا مرتفعين لتحويل الكتلة الحيوية الرطبة مباشرة إلى زيت، على نحو يحاكي تكون النفط في باطن الأرض لكن خلال ساعات بدل ملايين السنين.

أما ثانيا، فينقى هذا النفط الحيوي بإزالة الشوائب مثل الرطوبة والرماد والأملاح، ويلي ذلك المرحلة الثالثة، حيث يُخضع الباحثون الزيت لعملية تسمى المعالجة الهيدروجينية التحفيزية، لإزالة العناصر غير المرغوبة، مثل النتروجين والأكسجين والكبريت، وترك الهيدروكربونات اللازمة فقط لإنتاج وقود الطائرات.

مصدر الصورة المؤلفة الرئيسة للدراسة الدكتورة سابرينا سامرز (جامعة إلينوي)

ترقية النفط الحيوي

تقول المؤلفة الرئيسة للدراسة "سابرينا سامرز" -باحثة ما بعد الدكتوراه في العلوم الزراعية والبيئية في جامعة إلينوي في أوربانا- في تصريح للجزيرة نت، إن الهدف هو ترقية النفط الحيوي إلى وقود نقل يدخل مباشرة في البنية التحتية الحالية من دون تعديلات.

وفي هذه الدراسة استخدم الفريق نفايات من منشأة تصنيع غذائي قريبة، لكن التقنية ليست محصورة ببقايا الطعام، إذ يمكن تطبيقها على طيف واسع من المخلفات العضوية، من حمأة الصرف الصحي والطحالب إلى روث الخنازير وبقايا المزارع.

إعلان

وتضيف سامرز: "هذا التنوع في المواد الأولية يمنح القطاع مرونة كبيرة في توفير مدخلات محلية ورخيصة"

وللوصول إلى أقصى كفاءة، اختبر الباحثون عشرات الظروف التشغيلية من حيث درجات الحرارة، وكمية الهيدروجين، وجرعة المحفز، وزمن المكوث في المفاعل.

كما جربوا محفزات تجارية متعددة، وتبين أن "الكوبالت-الموليبدينوم" هو الأكثر فاعلية لدفع التفاعلات المطلوبة وتحويل النفط الحيوي إلى وقود طيران بمردود وجودة مرتفعتين.

كانت النتيجة اللافتة التي توصل إليها الفريق هي أن العينات المنتجة اجتازت اختبارات ما قبل الاعتماد، واستوفت كل مواصفات الجمعية الأميركية لاختبار المواد، والهيئة الفدرالية للطيران، لوقود الطائرات التقليدي من دون إضافات، ومن دون مزج مع وقود أحفوري.

كان هذا عنصرا فارقا، لأن كثيرا من أنواع الوقود الحالية لا تستخدم إلا بنسب مزج محدودة مع الكيروسين الأحفوري، بينما يظهر هذا المسار إمكانية إنتاج وقود جاهز للاستخدام 100%، حسب المؤلفين.

مصدر الصورة لهدف هو ترقية النفط الحيوي إلى وقود نقل يدخل مباشرة في البنية التحتية الحالية من دون تعديلات (الفرنسية)

ملء الحلقة المفقودة

"نحل في المختبر مشكلات العلم والهندسة، ثم يأتي دور الصناعة لبناء السعة" كما أوضحت الباحثة، التي أشارت إلى أن المسار نفسه يمكن تكييفه مع زيوت أخرى لإنتاج وقود طائرات مستدام، بل ويمكنه أن يحل محل مركبات نفطية لصناعة البلاستيك، ومن ثم يوفر هذا الوقود فرصا تجارية وتنموية ضخمة.

ويسعى الفريق لبناء مؤشر لقياس الاقتصاد الحيوي الدائري، ويروا أن تحويل النفايات إلى وقود عالي القيمة يملأ حلقة مفقودة في نموذج الدائرية: بدلا من "إنتاج واستخدام ثم رمي"، نسترد الطاقة والمواد من المخلفات ونحولها إلى منتج مفيد.

تشدد "سامرز" على أن هذه النتائج تأتي في وقت ملح؛ فالسفر الجوي في ازدياد، ووقود الطائرات النفطي صار مصدرا رئيسيا لانبعاثات الغازات الدفيئة.

في المقابل، يهدر أكثر من 30% من الغذاء عالميا عبر سلسلة الإمداد (من المزرعة إلى المائدة) وتؤدي مكبات النفايات ومحطات المعالجة إلى انبعاث ميثان وأكسيدات نتروجين تفاقم الاحترار.

لذلك، فإن ربط هذين الملفين بعملية واحدة -تحويل نفايات الطعام الرطبة مباشرة إلى وقود- يوفر مسارا سريعا لخفض الانبعاثات من مصدرين في آن.

وإلى جانب تقليل الكربون، تحل التقنية مشكلة لوجستية طالما أعاقت الوقود الحيوي، وهو الحاجة إلى تجفيف الكتلة الحيوية قبل تحويلها.

يعمل التسييل المائي بكفاءة على مواد رطبة بطبيعتها، مما يخفض الطاقة والكلفة، ويجعل معالجة الفضلات المحلية في المدن والمناطق الصناعية أكثر واقعية. كما يفتح الباب لاستخدام مصادر متغيرة مثل طحالب البحيرات خلال مواسم الإزهار، مما قد يحول أزمات بيئية إلى موارد طاقة، وفقا للمؤلفة الرئيسية للدراسة.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار