آخر الأخبار

"الروبيان الملحي".. كائن أرضي يمكن أن يعيش على المريخ دون مشكلة!

شارك

منذ عقود عدة والعلماء مندهشون من نوع من الروبيان يسمى "الروبيان الملحي"، ينضم إلى القشريات الصغيرة، غالبا ما تُباع باسم "قرود البحر"، يعيش في أحواض الملح والبحيرات المالحة.

وفي فبراير/شباط 2025، نشرت مجموعة من الباحثين الإيطاليين دراسة مدهشة تُسلط الضوء على قدرة هذه الكائنات العجيبة، على التكيف خارج كوكب الأرض.

واستخدم الفريق روبيان الملح (تحديدا في مرحلته الأولى من النمو)، وأخضعوه لظروف بيئية قاسية تُشبه بيئة كوكب المريخ، من حيث الضغط الجوي المنخفض والملوحة الشديدة.

مصدر الصورة عادة ما تعيش هذه الكائنات في البحيرات شديدة الملوحة (دوك سيرل-ويكيميديا)

محب للملوحة

رغم قسوة الظروف، لاحظ العلماء أن الروبيان أظهر استقرارا في نموه، مع بعض التغيرات الفسيولوجية الطفيفة، لكن دون أن يتوقف تطوره الطبيعي.

هذا لا يدل فقط على قدرة بعض الكائنات الأرضية على الصمود في بيئات شبيهة بالمريخ، بل يفتح بابا أوسع نحو فهم احتمالات وجود حياة في أماكن أخرى من الكون.

ترأست الدراسة الدكتورة ماريا تيريزا موسكاري توماجولي، عالمة أحياء فلكية من جامعة بارثينوبي في نابولي، كجزء من أطروحتها للدكتوراه، مركّزة على أهمية روبيان الملح هذا كنموذج حيوي في أبحاث البيولوجيا الفلكية.

مصدر الصورة روبيان الملح يعيش في بيئات مشابهة لما نعتقد أنه موجود تحت سطح المريخ (هانز ويلارت-ويكيميديا)

لماذا روبيان الملح؟

ركز العلماء على روبيان الملح لأنه محب للملوحة القصوى، ويعيش في بيئات مشابهة لما نعتقد أنه موجود تحت سطح المريخ، حيث يُحتمل وجود بقع مالحة تحتوي على ماء سائل.

بالإضافة إلى ذلك، فهذا الكائن ينتج أكياسا خاملة (أشبه ببيوض نائمة) يمكنها البقاء على قيد الحياة لفترات طويلة في ظروف قاسية قبل أن تفقس عند تحسّن البيئة.

في هذه التجربة، وُضعت تلك الأكياس في بيئة بمحاكاة ضغط وملوحة المريخ. وبعد الفقس، درس الباحثون عمليات الأيض ووظائف الجسم لدى اليرقات، فوجدوا أن الكائن قد تكيف بشكل جيد واحتفظ بحيويته.

إعلان

تعزّز نتائج هذه الدراسة فرضية أن الحياة، حتى لو على شكل كائنات دقيقة، قد تكون موجودة فعلا في بيئات قاسية خارج الأرض، وتدفع بمجال البحث عن الحياة في الفضاء خطوات واسعة إلى الأمام.

مصدر الصورة سطح المريخ (غيتي)

مقارنة بالإنسان

إذا نقلنا الإنسان بدون بدلة فضاء إلى سطح كوكب المريخ، فستحدث سلسلة من الأحداث المميتة في ثوانٍ معدودة، بسبب التغيرات الحادة في الضغط الجوي (قريب من الفراغ) ودرجة الحرارة (شديدة البرودة) وتركيبة الغلاف الجوي (لا أكسجين) والجفاف والملوحة في التربة.

الضغط على المريخ منخفض جدا (تقريبا فراغ) يساوي 0.6% من ضغط الأرض، إذا دخل الإنسان إلى ضغط مشابه ستغلي السوائل داخل جسمه عند درجة حرارة الجسم، كما أن الغازات المذابة في الجسم (مثل النيتروجين) تتمدد فجأة وتسبب في انتفاخ الجسم بشكل واضح (قد يتضاعف حجمه تقريبا)، كما يمكن أن يحدث انسداد الشعيرات وتمزق الأنسجة، ومن ثم فقدان الوعي خلال 15 ثانية أو أقل، مع تلف دائم في الدماغ.

أما أملاح البيركلورات فقد تتسبب في جفاف فوري للأغشية المخاطية في الأنف والعينين والفم، كما يفقد الجلد الرطوبة بسرعة كبيرة.

عتائق فولكاني القوية

هذا ليس جديدا بالمناسبة، ففي عمق واحد من أقسى بيئات الأرض، البحر الميت، وجد العلماء قبل عدة سنوات واحدا من العتائق يسمى "هالوباكتراكس فولكاني"، وقد بات رمزا لإمكانية اكتشاف الحياة على المريخ.

قاد فريق بحث بقيادة ماكس ريكيليس من معهد علم الفلك والفيزياء الفلكية في الجامعة التقنية ببرلين هذه الدراسة، حيث أشاروا إلى أن مستويات الملوحة القصوى تعمل على طرد معظم أشكال الحياة عن هذا المكان، باستثناء هذا الكائن، مما دفعهم للتساؤل: هل يمكن أن توجد كائنات مشابهة على الكوكب الأحمر؟

المريخ يمتلك مركبات تشبه أملاح البحر الميت، مثل كلوريد الصوديوم والبيركلورات. هذه الأملاح تساعد على إبقاء الماء سائلا رغم البرد القارس، حيث تمتص الرطوبة من الغلاف الجوي، إلا أن ملوحتها العالية تجعل معظم الكائنات الأرضية غير قادرة على العيش فيها.

لذلك، فإن السيد فولكاني هنا يمثل نموذجا مثيرا لدراسة كيفية الصمود في البيئات القاسية، وقد لاحظ الباحثون أنه يزداد نشاطا مؤقتا تحت تأثير الأملاح مثل البيركلورات.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار