شفق نيوز- كركوك
تواجه أقدم المدارس اليهودية في كركوك خطر الاندثار بسبب الإهمال وغياب الاهتمام من قبل الجهات المعنية، في حين لا تحتاج إعادة إعمار المدرسة وصيانتها سوى لقرابة 200 مليون دينار عراقي، للحفاظ على هذا المعلم التاريخي الذي يبلغ عمره أكثر من 100 عام .
وخلال زيارة لعدد من شخصيات المحافظة إلى المدرسة، وجّه النائب عن كركوك أرشد الصالحي نداءً عاجلاً إلى تدخل الحكومة المحلية ووزارة التربية والجهات المختصة بالآثار والتراث للحفاظ عليها .
وقال الصالحي لوكالة شفق نيوز على هامش الزيارة، إن "المدرسة تتعرّض لحالة من الإهمال وغياب الاهتمام من قبل الجهات المعنية"، مشيراً إلى أنها "بحاجة إلى نحو 200 مليون دينار عراقي لإعادة إعمارها وصيانتها ".
ووجّه الصالحي حديثه إلى إدارة محافظة كركوك، بالقول إن "هذه المدرسة تُعدّ معلماً تراثياً وتاريخياً لا يجوز هدمه أو تركه عرضة للاندثار"، داعياً إلى "تدخّل عاجل من الحكومة المحلية ووزارة التربية والجهات المختصة بالآثار والتراث للحفاظ عليها ".
وأوضح أن مبنى المدرسة تضم ثلاث مدارس وما زال الدوام فيها مستمراً حتى اليوم، مبيناً أنه درس فيها المرحلة الابتدائية خلال ستينيات القرن الماضي، وأن البناية الحجرية ما تزال قائمة منذ ذلك الوقت من دون أن تخضع لأي أعمال صيانة أو ترميم حقيقية .
وأضاف الصالحي، انه وبرفقة شخصيات أخرى، سيرفع "تقريراً عاجلاً إلى جميع الجهات المعنية، وإذا استدعى الأمر سنلجأ إلى جمع التبرّعات من الميسورين، طالما أن القضية تتعلّق بطلبتنا والحفاظ على إرث تعليمي مهم في كركوك ".
من جانبه، أكد خبير الآثار عباس العلي لوكالة شفق نيوز، أن هذه المدرسة "تُعدّ من الأبنية التراثية النادرة في كركوك"، مشيراً إلى أن عمرها يتجاوز 100 عام، وأن أي تأخير في صيانتها قد يؤدي إلى أضرار إنشائية "تصعب معالجتها لاحقاً ".
وأوضح العلي، أن المبنى يتميّز باستخدام الحجر المحلي وطرق بناء تقليدية كانت شائعة في بدايات القرن الماضي، مؤكداً أن الحفاظ عليه "يتطلب إدراجه رسمياً ضمن قائمة الأبنية التراثية وإخضاعه لبرنامج ترميم علمي تشرف عليه جهات متخصصة، بعيداً عن المعالجات العشوائية ".
وأضاف ان "ترميم مثل هذه المعالم لا يهدف فقط إلى الحفاظ على مبنى قديم، بل إلى صون ذاكرة المدينة وهويتها التاريخية"، داعياً "الجهات الحكومية والمنظمات المعنية بالتراث إلى التحرّك السريع قبل فقدان أحد الشواهد المهمة على تاريخ كركوك المتنوّع ".
وتُعدّ المدارس اليهودية في محافظة كركوك من أقدم المؤسسات التعليمية في المدينة، إذ تعود بداياتها إلى أوائل القرن العشرين، عندما كان اليهود يشكّلون جزءاً أصيلاً من النسيج الاجتماعي والاقتصادي في المحافظة .
وأسهمت هذه المدارس في تعليم أجيال من أبناء المدينة بمختلف مكوّناتها، ولم تقتصر على الطلبة اليهود فقط، بل استقبلت طلاباً من ديانات وقوميات متعددة .
وتتميز تلك المدارس بطابعها المعماري الحجري التقليدي، الذي يعكس أسلوب البناء السائد في تلك الحقبة، ما يمنحها قيمة تاريخية وثقافية مضاعفة، باعتبارها شاهداً على التعايش الاجتماعي والتنوّع الثقافي الذي عُرفت به كركوك عبر تاريخها .
ويرى مختصون أن الحفاظ على هذه الأبنية لا يقتصر على الجانب التعليمي فحسب، بل يندرج ضمن حماية التراث العمراني والإنساني للمدينة، في ظل الدعوات المتزايدة للحفاظ على المعالم التاريخية من الإهمال أو الاندثار .
المصدر:
شفق نيوز
مصدر الصورة