شفق نيوز- ذي قار
مع انطلاق حفل الفنان محمد عبد الجبار وعدد من الفنانين الآخرين، في مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار جنوبي العراق، مساء اليوم السبت، تصاعد الجدل بين مؤيد للنشاط الفني ورافضاً له، بسبب مخالفته "الأعراف الاجتماعية"، ليعيد إلى الأذهان النقاش حول التقاليد والعادات المتبعة أو المقبولة اجتماعياً، فضلاً عن الحديث المتكرر عن "القدسية" الذي يثار مع المناسبات التي تتضمن الغناء أو الموسيقى.
وأقيمت هذه الاحتفالية من قبل إحدى الشركات الاستثمارية للترويج لأحد للمجمعات السكنية التابعة لها في مدينة الناصرية، بحضور رسمي من قبل أعضاء مجلس محافظة ذي قار، وممثل عن رئيس الوزراء، والأمانة العامة لمجلس الوزراء، وبمشاركة عدد من الفنانين.
وعلى الرغم من أن الحفل "سيقتصر على الغناء الوطني فقط" دون أي أغاني أخرى سيقدمها الفنان محمد عبد الجبار، بحسب ما أوضح به مصدر مطلع لوكالة شفق نيوز، لكنه أثار موجة من الانتقادات، ما دفع منظم الحفل رجل الأعمال علاء جاسب للرد عليهم.
وقال جاسب في كلمة له خلال افتتاحية الحفل تابعتها وكالة شفق نيوز: "لن نرضخ للمبتزين وكل من يحاول إيقاف مشاريعنا الاستثمارية في الناصرية"، مؤكداً أن "في العام المقبل سيكون المهرجان لمدة أسبوع كامل مع سلسلة فعاليات متنوعة".
وأضاف جاسب أن "شركته سنقيم أكبر دار للأيتام على مستوى العراق تنجز من الألف إلى الياء، وأن مشروع الداون تاون، الذي وُضع حجر الأساس له مؤخراً، سيكون طفرة نوعية في مجال الاستثمار والبناء داخل محافظة ذي قار".
يذكر أن محافظة كربلاء شهدت عام 2019 جدلاً واسعاً في الأوساط الشعبية والسياسية العراقية، بعدما تم افتتاح بطولة غرب آسيا، الذي أقيم على ملعب كربلاء الدولي بعزف فتاة النشيد الوطني العراقي بآلة الكمان، فضلاً عن رقص بعض السيدات خلال الحفل.
وأثار الحفل حينها حفيظة المؤسسات الدينية ومنها ديوان الوقف الشيعي الذي رفع دعوى قضائية على اتحاد كرة القدم بسبب تنظيمه الحفل الذي راءه مخالفاً لضوابط وخصوصية المدن المقدسة والأخلاق والآداب العامة.
وأيضاً بداعي "القدسية"، أثار مهرجان بابل الدولي للثقافات والفنون عام 2021، الجدل ما أدى إلى إلغاء الفعاليات الغنائية بناءً على "دعوات من طلبة علوم دينية وشخصيات اجتماعية"، بدعوى الحفاظ على "قدسية" المحافظة، وأشعل حينها اعتراضات فنية وثقافية لإلغاء الفقرات الغنائية.
وعن الجدل الذي أثاره هذا الحفل، يقول الناشط المحلي علاء غزي، إن "الغناء يعد محرماً لدى بعض الجهات، بينما تغظ نفس تلك الجهات الطرف عن ممارسات أخرى كالرشوة والفساد والتعقيب ومحاضر القطع المميزة وبيع الأصوات الانتخابية والمقاولات داخل الدوائر الحكومية".
وأضاف غزي لوكالة شفق نيوز أن "هذه الأفعال تعد حلالاً لدى البعض، أما الغناء فهو وحده الحرام لأن الناصرية مدينة حسينية، متسائلاً عن "موقع تلك الممارسات من القيم الحسينية نفسها". مضيفاً أن "على الجميع التوقف عن هذه الخطابات، فالناس تعبت كثيراً من النفاق الديني وتناقض المواقف"، على حد تعبيره.
في المقابل، انتقد رجل الدين البارز في ذي قار الشيخ محمد مهدي الناصري محاولة بعض الشركات تنظيم مثل هذه الفعاليات، مبيناً أن هذه الفعاليات هي ترويجية ذات طابع ربحي، تتخللها حفلات رقص وغناء لا تنسجم مع الأعراف الاجتماعية والهوية الدينية للمحافظة.
وقال الناصري في بيان اطلعت عليه وكالة شفق نيوز، إن "هذه السلوكيات غير الأخلاقية والمحرمة يجب ألا تستخدم كوسيلة للترويج لبيع وحدات سكنية أو مشاريع استثمارية"، مؤكداً "ضرورة احترام الخصوصية الاجتماعية والثقافية لسكان المحافظة، وترك الممارسات التي تتعارض مع قيم المجتمع".
وتعقيباً على ذلك، أوضح الناشط المحلي عدنان عزيز في منشور على صفحته في "فيسبوك"، اطلعت عليه وكالة شفق نيوز، أن "سكان الناصرية لم يرفضوا إقامة الحفل، بل إن جماعات دينية محددة هي التي تحاول منعه"، معتبراً أن تلك الجماعات "تفرض رأيها على سكان المحافظة وتتحدث باسمهم دون تمثيل حقيقي".
وأضاف عزيز، أن "هوية الناصرية مدنية"، مشيراً إلى أن "الأولى بهذه الجهات معالجة ملفات الفساد والطمر الصحي والمخدرات وسوء الخدمات الصحية والتعليمية، بدلاً من ملاحقة الفعاليات الفنية والترفيهية".
وخلص الناشط إلى القول إن "التشدد الديني يدفع المجتمع إلى النفور ويخلق حالة من الضغط الاجتماعي غير المبرر".
المصدر:
شفق نيوز
مصدر الصورة