آخر الأخبار

معهد أميركي: تهديد داعش يدفع بغداد ودمشق للتقارب

شارك

شفق نيوز- بغداد

قال تقرير أميركي، يوم السبت، إن الملف الأمني بين العراق وسوريا يشهد مرحلة حساسة بعد سقوط نظام بشار الأسد، إذ تبرز دعوات متزايدة لتعزيز التنسيق بين بغداد ودمشق لمواجهة تهديدات تنظيم داعش في المناطق الحدودية، في وقت تعرقل فيه الانقسامات السياسية العراقية والضغوط الإقليمية أي تقدم ملموس.

وبحسب التقرير الصادر، عن معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، فإن "مباحثات تجري الآن بشأن ضرورة تعزيز التعاون الأمني بين العراق وسوريا بعد سقوط نظام الأسد، وأن الدافع الأساسي لهذه المناقشات هو مواجهة تنظيم داعش".

وأضاف التقرير أن التنظيم، رغم خسائره الميدانية، لا يزال يمثل تهديداً خطيراً خصوصاً في المناطق الصحراوية الممتدة بين البلدين، موضحاً أن "تراجع دور التحالف الدولي في العراق يجعل التنسيق مع دمشق ضرورة أمنية عملية لا ترفاً دبلوماسياً فحسب".

وأشار إلى أن "التوترات على طول الحدود امتدت منذ عام 2003 عندما تحوّل المسار إلى ممر لعناصر التنظيم وأسلحتهم"، مبينا أن "هذا المنحى تفاقم بعد 2011 مع تدفق عناصر التنظيم الأجانب وجماعات متطرفة عبر الحدود".

وأفاد بأن "زيارات سرية لمسؤولين عراقيين إلى دمشق ومتابعة لقاءات أمنية رفيعة بين البلدين جاءت في هذا السياق لمناقشة التهديدات المشتركة".

وأكد أن "بغداد تخشى استغلال الفراغ الأمني الناجم عن سقوط النظام من قبل آلاف العناصر التابعين للتنظيم وعائلاتهم من المحتجزين في مخيم الهول"، مضيفا أن "هذا هو ما يدفع بغداد إلى المطالبة بتنسيق مباشر مع دمشق وتصعيد جهود مكافحة الإرهاب".

كما أوضح التقرير، أن "بغداد تسعى أيضاً للتعاون في مراقبة المناطق الصحراوية التي أصبحت ممراً لتهريب المخدرات والأسلحة بين دير الزور والأنبار".

تحفظات دمشق ومخاوف النفوذ الإقليمي

وأوضح التقرير الأميركي، أن "دمشق تتبنّى موقفاً تحفظياً تجاه أي اتفاق أمني قد يتيح لميليشيات عراقية نفوذاً متجدداً داخل الأراضي السورية عبر تحالفات مع فصائل شيعية محلية".

وأضاف ان "تجربة ما بعد 2013، مع مشاركة فصائل عراقية وتنسيقها مع فيلق القدس الإيراني، أسهمت في توسيع النفوذ الإيراني في مناطق مثل دير الزور وأبو كمال والقُصَيْر، وهو ما ينعكس اليوم على تردد دمشق حيال أي اتفاق لا يؤمّن المصالح السيادية السورية".

وبيّن التقرير أن "الانسحاب المرتقب لقوات التحالف الدولي من العراق، بما في ذلك القوات الأمريكية، يُشكّل نقطة تحوّل".

وأكد أن فقدان الغطاء الجوي والدعم الاستخباراتي الذي قدّمه التحالف منذ 2014 سيصعّب قدرة بغداد على مواجهة التهديدات العابرة للحدود بمفردها.

ووفقاً للتقرير ذاته، فأن غياب هذا الدعم قد يدفع بغداد لإعادة النظر في تحالفاتها الإقليمية والسعي إلى انخراط أكبر مع القيادة السورية الجديدة كخيار لتخفيف العزلة الجيوسياسية، كما أن هذا المسار يواجه تحديات جوهرية تمثلت في انعدام الثقة بين مؤسسات الأمن في البلدين وتضارب الأولويات والتحالفات الإقليمية.

الدوافع الإقليمية

التقرير أشار إلى أن القوى الإقليمية تلعب دوراً محورياً في تشكيل فرص أو عوائق أمام أي تعاون بين بغداد ودمشق.

وأوضح أن تركيا تراقب الأمر بقلق خشية أن يمهّد التنسيق لإعادة توسيع النفوذ الإيراني في سوريا، وأن أنقرة تخشى كذلك من تأثير إحياء خط أنابيب كركوك -بانياس على مصالحها وعلى خط كركوك - جيهان.

وأضاف أن "دول الخليج من جانبها تشارك أنقرة المخاوف نفسها، بينما تسعى قطر لتقديم بدائل طاقية لسوريا، في حين تعمل السعودية والإمارات على جذب دمشق إلى محاور عربية مستقلة عن طهران".

وبيّن التقرير أن الولايات المتحدة تُظهر اهتماماً محدوداً، غير أن بعض التقارير أفادت بأنها قد تشجّع بهدوء تطبيعاً محدوداً بين بغداد ودمشق في مجالات مكافحة الإرهاب ومراقبة الحدود بهدف احتواء النفوذ الإيراني.

وأكد التقرير أن إيران تسعى هي الأخرى لإعادة التموضع ومحاولة استثمار أي آلية تنسيق ثلاثية لاستعادة الممر البري المعروف بـ"الهلال الشيعي".

الانقسامات الداخلية في بغداد

ولفت التقرير إلى أن، الساحة السياسية العراقية منقسمة بين معسكر مؤيد لإيران يرفض التقارب مع دمشق، ومعسكر يدعو إلى نهج براغماتي يضع الأمن القومي فوق الحسابات الإقليمية.

وأشار إلى أن هذا الانقسام تجلّى في مواقف بارزة، من بينها رفض نوري المالكي دعوة رئيس سوريا للمشاركة في قمة الجامعة العربية في بغداد، بينما اعتبر آخرون، ومنهم رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني، أن إشراك دمشق ضروري لعرض رؤية شاملة عن سوريا الجديدة.

وأكد أن هذا التباين السياسي يعرقل جهود بناء موقف عراقي موحّد يمكنه الموازنة بين الضغوط الإقليمية والمصلحة الوطنية.

وأوضح التقرير سيناريوين رئيسيين: الأول، الذي يتطلب تجاوز بغداد للانقسامات الإقليمية والمحلية، قد يفتح الباب لشراكة موسّعة تشمل مراكز تنسيق حدودية وحملات أمنية مشتركة وإعادة تأهيل خط كركوك - بانياس ومشروعات اقتصادية أخرى.

وأضاف أن هذا المشهد سيتطلب مظلة سياسية عراقية قوية قادرة على مزج العلاقات الدولية المختلفة.

وأكد أن السيناريو الأقرب على المدى القصير هو الثاني، والذي يقضي باستمرار تعاون أمني محدود يتضمن تبادل معلومات استخبارية وعمليات ميدانية سرية دون بلوغ تطبيع رسمي كامل، وحذّر من أن تدهور العلاقات قد يعيد أزمة الحدود ومخاطر الفوضى الأمنية والتهديدات الاقتصادية كما كانت قبل 2014.

شفق نيوز المصدر: شفق نيوز
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا