شفق نيوز- ميسان
حذّر مدير زراعة ميسان، ماجد الساعدي، يوم الثلاثاء، من تداعيات خطيرة يواجهها القطاع الزراعي في المحافظة، في ظل توقف الخطط الزراعية وجفاف مساحات شاسعة من الأهوار، ما انعكس بشكل مباشر على معيشة آلاف الفلاحين ومربي الجاموس.
وقال الساعدي لوكالة شفق نيوز إن "ميسان تُعد محافظة زراعية بامتياز، إذ يشكل العاملون في قطاع الزراعة من فلاحين ومزارعين ومهنيين أكثر من 60% من سكان المحافظة".
وأشار إلى أن "الخطة الصيفية للزراعة توقفت بالكامل، كما لم تُقر حتى الآن الخطة الشتوية، في ظل جفاف غير مسبوق ضرب الأهوار بنسبة تجاوزت 90%".
وأضاف أن "هناك مساحات واسعة في المنطقة الشرقية من المحافظة، تمتد من جزيرة علي الغربي إلى جزيرة الطيب ومنطقة دويريج، تعتمد على السيول القادمة من إيران ومن نهري الطيب والدويريج"، موضحاً أن "هذه المناطق لا تستهلك مياهاً من نهر دجلة وتفرعاته، ورغم ذلك لم تُشمل بالخطة الزراعية الشتوية حتى الآن".
وأبدى الساعدي استغرابه من هذا القرار، مؤكداً أن "منع الزراعة في مناطق لا تعتمد على عمود نهر دجلة أمر غير مبرر، لا سيما أن هذه المناطق كانت تُزرع سنوياً ويعتمد غالبية سكانها على الزراعة كمصدر دخل رئيسي، فضلاً عن استخدامها تقنيات ري حديثة مثل الري المحوري والثابت".
ولفت إلى أن "وزارة الزراعة تمّت مناشدتها أكثر من مرة لشمول هذه المناطق بالخطة الشتوية، لكن دون استجابة تُذكر"، محذراً من أن "استمرار هذا الوضع سيفاقم من معاناة الفلاحين".
كما تطرّق مدير زراعة ميسان إلى تداعيات جفاف الأهوار، مبيناً أن "مناطق الأهوار التي تعتمد بشكل رئيسي على تربية الجاموس تعاني من هجرة سكانها وبيع حيواناتهم بأسعار زهيدة، نتيجة انحسار المياه، حيث إن الجاموس لا يمكنه العيش في بيئة جافة، ومع غياب المياه تقلصت إمكانات التربية بشكل كبير".
وأكد الساعدي أن "مربي الجاموس والصيادين في مناطق الأهوار يواجهون أوضاعاً معيشية صعبة، ما يستدعي تدخلاً عاجلاً من الحكومة لتوفير الإطلاقات المائية وإنقاذ ما تبقى من هذه المناطق".
وخلص إلى القول: "إذا استمر توقف الزراعة بنحو تام، سواء في الخطة الصيفية أو الشتوية، فإن آلاف العوائل في ميسان ستكون معرضة لتدهور اقتصادي واجتماعي كبير، في ظل اعتمادها الكامل على الزراعة كمصدر وحيد للعيش".
ويعدّ العراق من بين أكثر خمس دول عرضة للتغيرات المناخية في العالم، وفقاً لتقارير الأمم المتحدة، فيما حذّر البنك الدولي في نهاية عام 2022 من أن البلاد تواجه تحدياً مناخياً طارئاً، داعياً إلى تبني نموذج تنموي "أكثر اخضراراً" وأقل اعتماداً على الكربون.
وفي مطلع عام 2025، أعلن المركز الإستراتيجي لحقوق الإنسان أن العراق فقد نحو 30% من أراضيه الزراعية المنتجة خلال العقود الثلاثة الماضية نتيجة التغيرات المناخية، وهو ما يشكّل تهديداً للأمن الغذائي والتنمية المستدامة.
وتفاقمت أزمة المياه في العراق خلال السنوات الأربع الماضية، حيث سجلت مناسيب نهري دجلة والفرات انخفاضاً غير مسبوق، فيما أكدت الهيئة العامة للسدود والخزانات في وزارة الموارد المائية أن "الواردات المائية تراجعت بشكل كبير بسبب شح الأمطار والثلوج في مناطق المنبع".
وأوضح رئيس الهيئة، وسام خلف عبيد، في نيسان/ أبريل الماضي، لوكالة شفق نيوز، أن "الخزين في السدود العراقية متواضعاً، لكن مياه الشرب والاستخدامات الضرورية مؤمنة بالكامل لهذا الموسم والموسم المقبل".
وكان تقرير سابق لوكالة شفق نيوز، أشار إلى أنه على الرغم من أهمية القطاع الزراعي في العراق لتنمية اقتصاد البلاد والحفاظ على الأمن الغذائي واعتباره مصدراً معيشياً للكثير من المواطنين، لكنه يواجه الكثير من التحديات وخصوصاً في السنوات الأخيرة، أبرزها التطرف المناخي وأزمة المياه وتكلفة الإنتاج.
وأوضح التقرير نقلاً عن مختصين، أن المساحات الخضراء في العراق تقلصت من نحو 50 إلى 17% نتيجة التغيرات المناخية وتقصير المواطنين والجهات المسؤولة في توفير المساحات الخضراء.
وأدى تزايد النشاط العمراني على حساب المساحات الخضراء في العراق إلى اختفاء أراضٍ زراعية وتحويلها إلى سكنية وتجارية، ما انعكس سلباً على البيئة وازداد من تلوث الهواء والتغير المناخي.
وتؤكد وزارة الزراعة العراقية، أن البلاد بحاجة إلى زراعة أكثر من 15 مليار شجرة لتأمين غطاء نباتي يقضي على التصحر، فيما يرى مختصون أن إعادة إحياء وتأهيل الغابات وزراعة المساحات بهذه الأعداد من الأشجار خلال السنوات المقبلة يمكن أن يُعيد جزءاً من الهواء النقي إلى الأجواء العراقية، بعد تلوّثها بالنفايات الضارة من العوادم والمصانع وغيرها.
ويفقد العراق سنوياً 100 ألف دونم (الدونم 1000م مربع)، جرّاء التصحّر، كما أن أزمة المياه تسببت بانخفاض الأراضي الزراعية إلى 50%، بحسب تصريحات رسمية.
ووفقاً لتقديرات منظمة الأغذية والزراعة "الفاو" التابعة للأمم المتحدة، فقد باتت مساحات الغابات في العراق لا تشكل سوى 8250 كيلومتراً مربعاً، أي ما نسبته 2% من إجمالي مساحة البلاد.