شفق نيوز – الأنبار
يسيطر الهدوء على أسواق مدن محافظة الأنبار غربي العراق على غير عادتها، حيث أدى تأخر صرف الرواتب المتكرر مع تلكؤ إطلاق التخصيصات المالية وعدم إقرار الموازنة إلى إيقاف عدد من المشاريع الحكومية ما أثر بدوره على الدخل المالي للكثير من سكنة المحافظة .
ويقول محمد حافظ، وهو صاحب محل تجاري في سوق الرمادي الكبير، إن "حركة البيع ضعفت خلال الأشهر الأخيرة بشكل واضح، حتى في فترات المواسم التي كانت تشهد عادة انتعاشاً، مثل بداية العام الدراسي أو المناسبات الدينية ".
ويضيف حافظ لوكالة شفق نيوز، ان "الناس أصبحت تشتري الضروري فقط، بعدما كانت تشتري سابقاً كميات كبيرة بالكرتون أو الجملة الصغيرة، وهذا يشير إلى تراجع في القوة الشرائية بسبب تأخر الرواتب وعدم وجود مشاريع تشغيلية جديدة ".
ويشير البائع، إلى أن "الركود أثّر حتى على الموردين وأصحاب الشاحنات والتجار الكبار، لأن الطلب قلّ، وبالتالي انخفضت الحركة التجارية عموماً ".
ويتضح الركود الاقتصادي على أسواق الأنبار والحركة التجارية في عموم مدنها، شأنها شأن معظم المحافظات العراقية، وسط شكاوى مستمرة من السكّان سواء من الموظفين أو من المتعاقدين مع الحكومة من مقاولين وغيرهم .
وينتظر الأهالي عودة الحياة الاقتصادية إلى طبيعتها، مع بقاء الأسواق متأرجحة بين التعافي والإهمال المالي المتناوبين .
ويقول عضو مجلس محافظة الأنبار عدنان الكبيسي، في حديث لوكالة شفق نيوز إن "الركود الاقتصادي الذي تمر به المحافظة وعموم البلاد يعود إلى أسباب متراكمة، في مقدمتها عدم إقرار جداول الموازنة الاتحادية، وتأخر وصول التخصيصات المالية للمحافظات ".
ويضيف الكبيسي، ان "الأنبار لديها مستحقات مالية كثيرة لم تصرف حتى الآن، منها مستحقات المقاولين الذين نفذوا مشاريع خدمية، فضلاً عن فروقات رواتب الموظفين، والتزامات مالية أخرى تخص دوائر الدولة لم تصل منذ فترة طويلة"، مشيراً إلى أنّ "كل ذلك ينعكس سلباً على حياة المواطن، وعلى السوق المحلي الذي يعتمد بدرجة كبيرة على الإنفاق الحكومي ودورته المالية ".
ويرى الكبيسي أنّ "استمرار هذا الوضع سيؤدي إلى مزيد من التراجع في النشاط الاقتصادي، وإلى حالة من التذمر الشعبي، خاصة في ظل ارتفاع الأسعار وثبات الدخول ".
من جانبه، يوضح الخبير الاقتصادي طه سعدون الجنابي، لوكالة شفق نيوز، أن "الركود الحالي في الأسواق العراقية، ومنها أسواق الأنبار، ليس ناتجاً فقط عن ضعف الإنفاق الحكومي، بل هو انعكاس مباشر لحالة عدم اليقين المالي والإداري في الدولة، وتأخر صرف الموازنات التشغيلية والاستثمارية ".
ويتابع الجنابي أنّ "الاقتصاد المحلي في المحافظات يعتمد بنسبة تزيد على 70% على المشاريع الحكومية، سواء من خلال عقود المقاولين أو الإنفاق على رواتب الموظفين، وبالتالي فإن أي توقف في الصرف يؤدي إلى تباطؤ في الدورة الاقتصادية وتراجع الطلب على السلع والخدمات ".
ويضيف أنّ "الركود لا يقتصر على الأسواق فقط، بل يمتد إلى قطاعات النقل والبناء والمطاعم والمهن الصغيرة، ما يخلق سلسلة من الانكماش تمتد آثارها إلى معيشة المواطن وقدرته الشرائية ".
يأتي هذا التراجع في وقت ما تزال فيه الموازنة الاتحادية لعام 2025 غير مفعّلة بالكامل، رغم إقرارها في مجلس النواب منتصف العام الماضي بصيغة ثلاثية السنوات، حيث أن جداولها التنفيذية وتأشيراتها المالية لم تصدر بشكل نهائي .
كما تعاني المحافظات من تأخر في صرف مستحقاتها منذ الربع الأخير من العام الماضي، ما تسبب بتعليق عشرات المشاريع الخدمية .