شفق نيوز- أربيل
قدم رئيس تيار الحكمة الوطني عمار الحكيم، يوم الثلاثاء، تصوراً عن ملامح العراق المستقل الذي بدأ من العام 2003، إلى انتخابات 2025، مؤكداً أن التدخلات الخارجية في البلاد تراجعت بشكل ملحوظ.
وقال الحكيم، خلال كلمة له بجلسة حوارية في أربيل ضمن فعاليات مؤتمر "ميري"، حضره مراسل وكالة شفق نيوز، إن "التحول الذي شهده العراق عام 2003 كان انتقالاً بنيوياً عميقاً، إذ انتقلنا من نظام شمولي ديكتاتوري إلى نظام ديمقراطي تعددي في بلد يتميّز بتنوع عرقي ومذهبي وديني وقَبَلي ومناطقي واسع".
وأضاف: "ومثل هذه الشعوب، حين تخوض تحوّلاً بنيوياً بهذا الحجم، تحتاج إلى فترة طويلة لمعالجة التحديات الداخلية وتنظيم المصالح ضمن منظومة الحكم الجديدة، وخلال العشرين عاماً الماضية قطع العراق مسيرة مليئة بالأزمات أمنية، سياسية، مجتمعية، واقتصادية، فضلاً عن صعوبات في علاقاته الإقليمية والدولية".
وبحسب الحكيم، فإن تقبّل نظام سياسي ديمقراطي بتعددية كهذه في قلب الشرق الأوسط يُعد تجربة فريدة، واليوم، ونحن على أعتاب انتخابات عام 2025، يبدو أننا نقف أمام مرحلة انتقالية جديدة، فكما أن انتخابات عام 2005 أسّست للديمقراطية، فإن انتخابات 2025 من المنتظر أن تؤسس للاستقرار المستدام.
وأشار إلى أن "السنوات الثلاث الأخيرة مثّلت مرحلة انتقال من الاستقرار إلى الاستقرار المستدام، حيث لاحظنا انتظاماً في الحياة السياسية والاجتماعية، وتسارعاً في عجلة الإعمار والتنمية، وتحسّناً واضحاً في علاقات العراق الإقليمية والدولية".
ورغم التحديات الكبيرة التي عاشها البلد، وفقاً للحكيم، من أزمات اقتصادية، وحداثة التجربة الديمقراطية، والتحولات الإقليمية المتسارعة، والظروف الاستثنائية التي تمر بها المنطقة فقد استطاع العراق تجاوز هذه الضغوط، ليضع نفسه على سكة التطور والنهوض في هذه المرحلة الحساسة، التي تنطلق فعلياً مع انتخابات عام 2025.
وأوضح أن "المعادلة واضحة كلما كانت الدولة قوية بمؤسساتها الإدارية والسياسية، قلّ التدخل الخارجي في شؤونها، وكلما كانت هشّة، زاد هذا التدخل، ومن خلال متابعتنا لما جرى منذ 2003 وحتى اليوم، يمكن القول إن التدخلات الخارجية بدأت تتراجع بشكل كبير لصالح القرار الوطني العراقي".
وتابع الحكيم، قائلاً إن "اليوم، حين تجلس القوى السياسية لتقرّ قانون الانتخابات أو تناقش التحالفات المقبلة، فإنها تنطلق من مصالحها الوطنية ورؤيتها الداخلية أكثر مما تستجيب لما يريده الآخرون".
أما على المستوى الإقليمي والدولي، فقد تغيّرت سياسات الدول تجاه العراق. فبعدما كانت بعض الأطراف تدخل في تفاصيل المشهد العراقي وتوجّه النصائح والتأثيرات المباشرة، أصبحت اليوم تحترم الإرادة العراقية وتبتعد عن التدخل في التفاصيل اليومية للحياة السياسية، بحسب الحكيم.
وأضاف أنه "حتى تلك القوى التي كانت خارج السياق العام أو تُعدّ خارجة عن سيطرة الدولة، نجدها اليوم قد اندمجت تدريجياً في المسار السياسي. أغلبها أصبح ضمن قوائم انتخابية وكيانات سياسية لها مصالح اقتصادية وسياسية داخل النظام، وهذا الاندماج يدفعها أكثر نحو الالتزام بالقانون وحماية مصالحها عبر العمل المؤسسي لا خارج الدولة".
كما وصف الحكيم، الاتفاق النفطي الأخير بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كوردستان بالخطوة المهمة وهي إشارة إيجابية، خصوصاً وأن هذا الملف كان مطروحًا منذ أكثر من عقد ونصف منذ عام 2008 أو قبل ذلك.
ورأى أن "اليوم، في عام 2025، استطعنا أن نصل إلى رؤية تكاملية في إدارة هذا القطاع الحيوي، تقوم على توزيع الأدوار والمصالح المشتركة بين الطرفين، بما يضمن العدالة والشفافية ويعزز الثقة المتبادلة، وعندما تم توقيع هذا الاتفاق واتضحت ملامحه، أصبح تمرير قانون النفط والغاز أكثر سهولة من أي وقت مضى، لأن لدينا الآن نموذجاً عملياً ناجحاً يثبت إمكانية إدارة الملف النفطي بروح الشراكة".
وختم حديثه قائلاً إن "الاتفاق وضع أسساً لإدارة مشتركة واقعية ومقبولة من الطرفين، تمهّد لتشريع قانون النفط والغاز بشكل متكامل ومنسجم مع الدستور، واللافت أن موضوع النفط، خلال صياغة الدستور، استغرق حوارات مكثفة استمرت أكثر من أسبوعين، بينما القضايا الأخرى المتعلقة بالإقليم لم تحتج سوى ساعات قليلة، وهذا يعني أن الملف النفطي كان وما زال المفتاح الأساسي لحل العديد من القضايا العالقة بين المركز والإقليم".