شفق نيوز- الأنبار
تشهد مدن محافظة الأنبار منذ أشهر، تصاعداً ملحوظاً في أعداد الكلاب الضالة، أو كما تسمّى محلياً "الكلاب السائبة"، ما أدى إلى تنامي المخاطر الصحية والأمنية على حياة المواطنين، خصوصاً في الأحياء السكنية والأسواق الشعبية.
وأسفرت هذه الظاهرة مؤخراً عن تسجيل حوادث هجوم متكررة، آخرها تعرض أحد المواطنين لإصابات متفاوتة بعد أن هاجمته مجموعة من الكلاب قرب أحد الأحياء السكنية وسط الرمادي.
وقال مصدر في بلدية الرمادي لـوكالة شفق نيوز، إن "الانتشار الكبير للكلاب السائبة في عموم مدن المحافظة بات يشكل خطراً يومياً على الأهالي، ولا سيما الأطفال وكبار السن، في ظل غياب أي حملة جدية من الجهات المعنية لمعالجة الظاهرة".
وأوضح أن "البلدية ترفع تقارير دورية إلى الحكومات المحلية والجهات المركزية تطالب فيها ببرامج عاجلة للحد من هذه المشكلة، لكن حتى الآن لم تُسجّل خطوات عملية على الأرض".
الحوادث الناجمة عن الكلاب السائبة لم تعد فردية أو معزولة، بل باتت تتكرر بوتيرة مقلقة، حيث تسجل المستشفيات بين الحين والآخر حالات إصابة نتيجة العضّ أو المطاردة، فضلاً عن ما تتركه تلك المشاهد من أثر نفسي سلبي في الأطفال الذين يعبرون الطرق إلى مدارسهم صباحاً.
ويقول علي أحمد، أحد سكان حي التأميم في الرمادي: "أصبحنا نخشى على أطفالنا من الذهاب إلى المدارس بمفردهم بسبب الكلاب السائبة التي تنتشر بكثرة في الأزقة. الدولة غائبة تماماً، ولا توجد أي حملة لإزالتها أو حتى تقليل أعدادها" .
ويضيف: "في كل ليلة نسمع نباح الكلاب في الشوارع، وبعضها يتجمع بأعداد كبيرة قد تصل إلى عشرة أو أكثر، وهو ما يثير الخوف لدى المارة. هذه المشكلة لم تعد محتملة".
وبحسب المصدر البلدي، فإن أبرز الأسباب وراء تفاقم الظاهرة يتمثل في غياب الدعم الحكومي لبرامج السيطرة على الحيوانات السائبة، حيث أُوقفت منذ سنوات عمليات المكافحة التي كانت تعتمد على وسائل محددة للحد من أعدادها.
ويشير إلى أن "ضعف التنسيق بين الدوائر الصحية والبيطرية والبلدية، إلى جانب نقص المخصصات المالية، ساهم في ترك المشكلة من دون حلول جذرية".
ويؤكد المصدر أن "البلدية لا تملك سوى إمكانيات محدودة جداً، وغالباً ما تكتفي برفع شكاوى المواطنين إلى الدوائر العليا، من دون أن تجد أي استجابة فعلية. في المقابل، تزداد المخاطر الصحية، لا سيما مع احتمالية نقل الكلاب السائبة للأمراض مثل داء الكلب".
أمام هذا الواقع، ارتفعت أصوات ناشطين مدنيين يطالبون الحكومات المحلية والمركزية بوضع خطة طوارئ عاجلة للحد من انتشار الكلاب السائبة. ويقترح البعض تشكيل فرق مشتركة بين البلديات والبيطرة والصحة، لإطلاق حملات ميدانية شاملة، إلى جانب اعتماد برامج للتعقيم أو النقل إلى مناطق بعيدة عن التجمعات السكانية.
ويقول الناشط عبدلله سلمان: "المسألة لم تعد مجرد إزعاج، بل تهديد مباشر للأرواح، ما نحتاجه هو معالجة حقيقية ومدروسة، وليس ترك المواطنين لمواجهة الخطر وحدهم".
وتزايد أعداد الكلاب السائبة في الأنبار يعكس، وبحسب مراقبين ثغرة واضحة في إدارة الخدمات الأساسية، حيث تفتقد المدن إلى برامج متابعة ورقابة فاعلة. وبينما تستمر البلديات برفع المطالبات من دون جدوى، يبقى المواطن الحلقة الأضعف، مهدداً كل يوم بخطر يترصد خطواته في الشارع.
ويختتم المصدر البلدي بالقول: "المشكلة تتفاقم يوماً بعد آخر، وإذا استمر الوضع على ما هو عليه، فإننا سنواجه أزمة أكبر قد يصعب السيطرة عليها مستقبلا".