شفق نيوز- دمشق
تتصاعد التكهنات حول عودة سوريا إلى خط الإنتاج النفطي بعد تصديرها من طرطوس 600 ألف برميل من النفط الخام في شحنة هي الأولى منذ 14 عاماً، وذلك بعد رفع العقوبات الأميركية والأوروبية عنها.
متخصصون في الشأن الاقتصادي، شككوا في جدوى تلك الخطوة على المدى الطويل، في ظل تهالك البنى التحتية والمخاطر المحيطة بالنفط السوري.
وحتى عام 2010، كانت سوريا تُصدّر ما يقارب 380 ألف برميل يومياً، قبل أن تعصف الحرب بالبنية النفطية وتُجزّئ السيطرة على الحقول، ولاسيما في الشمال الشرقي، حيث منعت العقوبات الغربية المشددة لسنوات أي تعامل رسمي، ما دفع حينها اطرافاً متعددة منها حكومة الأسد إلى الاعتماد على طرق بديلة، في أغلبها مقايضات وعمليات نقل غير معلنة.
وتقدر قيمة الشحنة الحالية بمئات ملايين الدولارات، حتى إن جرى تسويقها بخصومات بسبب المخاطر المحيطة بالنفط السوري، حيث أن دخول شركة B Serve Energy – المرتبطة بتاجر النفط العالمي BB Energy – على خط الصفقة، يشي بوجود تغطيات تأمينية وقانونية سمحت بإنجاز العملية، في ظل تغيّرات سياسية داخلية وتعديلات على نظام العقوبات الأميركي منتصف هذا العام.
لكن الوجهة النهائية للشحنة لم تُعلن، ولا مستوى التسعير مقارنةً بالخامات المنافسة مثل أورال الروسي أو العربي الثقيل، ما يبقي جانباً من الغموض حول جدوى الخطوة على المدى الطويل.
وحول ما سبق تساءل الخبير الاقتصادي فراس زين الدين، قائلا: "هل هي صفقة يتيمة لإثبات الحضور في السوق، أم بداية لجدول شحنات منتظمة كل أسابيع؟ وهل يملك القطاع النفطي السوري القدرة على رفع الإنتاج مجدداً في ظل تهالك البنية التحتية والحاجة إلى استثمارات أجنبية؟".
وتتركز حقول النفط في سوريا في محافظتي دير الزور في الشرق بالقرب من الحدود العراقية، وتمتلك 75% من احتياطي بترول سورية، والحسكة في شمال شرقي البلاد، ومنطقة تدمر التابعة لمحافظة حمص، وبعض الحقول النفطية في محافظة الرقة.
وأوضح زين الدين، لوكالة شفق نيوز"، أنه "إذا استقرّت البيئة القانونية، قد نشهد شحنات نصف مليون إلى مليون برميل كل شهرين، ما يوفّر سيولة تخفّف الضغط على الليرة وتعيد الحيوية للمرافئ والخدمات اللوجستية"، مبينا: "أما في حال عودة الضغوط العقابية، قد تتباعد الشحنات أو تتقلّص، ليتحوّل المسار مجدداً إلى المقايضات أو التهريب".
وأضاف أن "القفزة الاستثمارية سيناريو طموح مشروط بتسويات سياسية أوسع، يسمح بعقود تطوير للحقول والبنى التحتية، ويعيد الإنتاج تدريجياً إلى عشرات آلاف البراميل يومياً".
وبين الآمال والشكوك، تبدو الشحنة الأولى اختباراً أكثر من كونها اختراقاً اقتصادياً كاملاً، فالموانئ السورية استعادت حيويتها ولو جزئياً، غير أن استمرارية التصدير ستظل مرهونة بقدرة دمشق على تأمين الاستقرار السياسي وضمان بيئة تجارية محمية من التقلبات الدولية.