شفق نيوز- دمشق
أعلنت الخطوط الجوية القطرية، يوم الأحد، عن استئناف رحلاتها الجوية إلى مطار حلب الدولي، بعد توقف دام نحو 13 عاماً، حيث وصلت أولى الرحلات من الدوحة وعلى متنها 225 راكباً.
وذكرت مراسلة وكالة شفق نيوز في سوريا، أن الاستعدادات لاستئناف الرحلات بين قطر وحلب بدء اعتباراً من اليوم، حيث سيتم تسيير ثلاث رحلات أسبوعية بين الدوحة وحلب، أيام الأحد والإثنين والأربعاء.
وفي الأول من أيلول/ سبتمبر المقبل، سترتفع وتيرة التشغيل إلى أربع رحلات أسبوعياً.
ويأتي هذا الاستئناف بعد أشهر من إعادة تسيير الخطوط القطرية رحلاتها إلى مطار دمشق الدولي في كانون الثاني/ يناير 2025، في سياق خطوات متسارعة لإعادة ربط سوريا جوياً بالمنطقة.
عودة النشاط الجوي
كما شهد مطار حلب مطلع الشهر الجاري بدء الطيران التركي بتسيير رحلات مباشرة بين إسطنبول وحلب لأول مرة منذ سنوات، وهو ما وصفه مسؤولون بأنه تطور مهم لحركة النقل الجوي الإقليمية.
وتعمل السلطات السورية على تنفيذ خطة لرفع الطاقة الاستيعابية لمطار حلب الدولي من نصف مليون إلى مليوني مسافر سنوياً، بالتوازي مع مشروع توسعة مطار دمشق الدولي ليصبح قادراً على استقبال حتى 30 مليون مسافر سنوياً.
وتُقدّر السلطات أن هذه المشاريع بأنها ستوفر أكثر من 1.5 مليون فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، من خلال دعم قطاعي السياحة والخدمات اللوجستية.
منافع اقتصادية واجتماعية
ويمثل استئناف الرحلات إلى حلب خطوة إستراتيجية على صعيدين، ففي الجانب الاقتصادي، سيتم إعادة فتح خطوط الطيران مع مراكز إقليمية كبرى، مثل الدوحة وإسطنبول، وقد يسهم في تنشيط قطاع السياحة الوافدة، وجذب الاستثمارات في مجالات النقل والخدمات.
ومن المتوقع أن ينعكس ذلك على نمو الناتج المحلي عبر زيادة حركة التبادل التجاري، خصوصاً مع دول الخليج وتركيا.
وفي الجانب الاجتماعي، سيسهم بتحسين الربط الجوي ويسهّل تنقل السوريين المقيمين في الخارج لزيارة ذويهم، ويعزز الروابط الأسرية والمجتمعية.
كما قد تسهم هذه الرحلات في تخفيف الضغط على الرحلات غير المباشرة التي كانت الخيار الوحيد لسنوات، ما يقلل من الكلفة والوقت للمسافرين.
بدوره قال مدير شركة حجوزات في حلب، سامر غزاوي، لوكالة شفق نيوز، إن "عودة الرحلات المباشرة إلى حلب تعود بالنفع علينا عملياً، إذ نتوقع زيادة ملحوظة في الحجوزات وتقليل الاعتماد على الرحلات غير المباشرة المكلفة".
إلا أنه اشترط "استمرارية هذه الفائدة هو استقرار جداول الرحلات وتسهيل الإجراءات بالمطارات وتحسين الخدمات اللوجستية".
ويرى مراقبون أن نجاح هذه الخطوة يعتمد على استمرار الاستقرار الأمني، وتحسين الخدمات اللوجستية، وتوسيع شبكة الوجهات لتشمل عواصم أوروبية وعربية أخرى، بما يعيد لسوريا جزءاً من دورها التقليدي كمحور للنقل الجوي في المنطقة.
عودة الثقة المفقودة
وقال المحلل الاقتصادي هيثم سليمان، لوكالة شفق نيوز، إن "عودة الخطوط القطرية لتسيير رحلات مباشرة إلى حلب بعد انقطاع دام 13 عاماً تمثل تحولاً نوعياً في مسار تعافي قطاع الطيران السوري".
وأوضح أن "هذه الخطوة تأتي في سياق أوسع لإعادة ربط سوريا بشبكة النقل الجوي الإقليمية"، مشيرًا إلى أن "فتح وجهات مباشرة إلى مراكز اقتصادية مثل الدوحة وإسطنبول سيُسهم في تنشيط حركة رجال الأعمال والمستثمرين، ويعيد جزءاً من الثقة المفقودة في السوق السورية".
وأضاف أن "الأثر السياحي لهذه الخطوة سيكون ملموساً على المدى القريب، من خلال زيادة أعداد الزوار العرب والأجانب، ورفع نسب إشغال الفنادق، وتنشيط قطاعات الخدمات والمطاعم والنقل الداخلي. كما أن تيسير حركة السفر للمغتربين السوريين سيعزز الروابط الأسرية ويزيد من حجم التحويلات المالية القادمة من الخارج".
أرقام وإحصاءات
يشار إلى أنه قبل اندلاع الحرب في سوريا عام 2011، كان قطاع الطيران والنقل الجوي يعيش أوج نشاطه، إذ بلغ عدد المسافرين عبر مطار دمشق الدولي وحده نحو 5.5 مليون مسافر سنوياً، فيما وصل إجمالي عدد السياح الوافدين إلى البلاد إلى قرابة 8.5 مليون سائح.
لكن مع تصاعد النزاع وتدهور البنية التحتية، شهدت البلاد انهياراً غير مسبوق في حركة النقل الجوي، حيث تراجع عدد المسافرين عام 2017 إلى 17 ألفاً و564 مسافراً فقط على مستوى الرحلات الدولية، وهو رقم يعكس حالة شبه شلل في القطاع.
ومع بدء محاولات التعافي في السنوات اللاحقة، سجل عام 2021 تحسناً نسبياً، حيث بلغ عدد المسافرين عبر الخطوط الوطنية نحو 670 ألف مسافر، وهو تحسن ملحوظ مقارنة بذروة التراجع، لكنه ما يزال بعيداً عن مستويات ما قبل الحرب.
أما على صعيد السياحة الدولية، فقد شهدت البلاد بين عامي 2018 و2023 زيادة تدريجية في أعداد الزوار، حيث ارتفع الرقم من 2.1 مليون زائر في 2018 إلى نحو 2 مليون زائر في 2023، ما يعكس تحسناً بطيئاً في جاذبية المقصد السياحي السوري رغم الظروف الاقتصادية والأمنية الصعبة.
وبحلول تموز/ يوليو 2025، ورغم استئناف بعض الوجهات الإقليمية والدولية رحلاتها إلى سوريا، لم يتجاوز حجم الرحلات الدولية 58% فقط من مستواه المسجل في تموز/ يوليو 2010، ما يؤكد أن الطريق نحو التعافي الكامل ما زال طويلاً، وأن البلاد بحاجة إلى استثمارات وبنية تحتية متطورة لاستعادة موقعها كمحور للنقل الجوي في المنطقة.