شفق نيوز- واشنطن
أكدت وزارة الخارجية الأمريكية، مساء اليوم الثلاثاء، اعتراض واشنطن على سعي البرلمان العراقي لتشريع قانون الحشد الشعبي، مشيرة إلى أن إقراره سيؤدي إلى تغيّر طبيعة الشراكة الأمنية الثنائية مع بغداد.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، تامي بروس خلال مؤتمر صحفي في العاصمة واشنطن، حضره مراسل وكالة شفق نيوز، "نعارض بشدة تشريع قانون الحشد الذي يعزز جماعات مسلحة مرتبطة بإيران ومنظمات إرهابية".
وكان باحثون أمريكيون حذروا في تقرير نشره معهد "واشنطن" لسياسات الشرق الأدنى، من أن تمرير قانون الحشد الشعبي سيقوّض إصلاحات الأمن العراقي، ويمنح غطاءً قانونياً لفصائل تعمل خارج سلطة الدولة، بما في ذلك مجموعات مصنفة أمريكياً كـ"منظمات إرهابية".
التقرير، الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، دعا الإدارة الأمريكية إلى الرد عبر أدوات ضغط متعددة، منها فرض عقوبات على قادة الحشد المقربين من طهران، تجميد بعض جوانب التعاون الأمني مع بغداد، وربط المساعدات العسكرية بمستوى الالتزام بالإصلاحات الأمنية ومبدأ احتكار الدولة للسلاح.
كما جددت الولايات المتحدة الأمريكية، عبر سفارتها في بغداد، قلقها من تمرير قانون الحشد الشعبي.
هذا وكشف مصدر سياسي مطلع في وقت سابق لوكالة شفق نيوز، أن قانون الحشد الشعبي، الذي كان من المقرر التصويت عليه خلال الدورة النيابية الحالية، سيُرحّل بسبب استمرار الخلافات بين القوى السياسية، وخصوصاً داخل المكون الشيعي، بشأن هيكلية الحشد ودوره المستقبلي.
وأوضح المصدر أن "الصيغة الحالية للقانون تهدف إلى دمج الحشد كجزء لا يتجزأ من المؤسسة العسكرية الرسمية، مع قيادة عسكرية متدرجة في الرتبة، ما ترفضه بعض الأطراف النافذة في الحشد"، مضيفاً أن "التوافق السياسي لم يتحقق حتى الآن، وقد يتم اللجوء إلى مبدأ تبادل المصالح والمكاسب لتمريره لاحقاً".
ويُعزّز هذا التأجيل ما أعلنه رئيس البرلمان محمود المشهداني، الذي أكد وجود رفض أمريكي صريح لتشريع القانون بصيغته الحالية.
كما لفتت مصادر سياسية لوكالة شفق نيوز، إلى أن "الولايات المتحدة تمارس ضغوطاً دبلوماسية لمنع تمريره، خشية من تكريس استقلال الحشد عن الجيش العراقي ومنح شرعية قانونية لفصائل تعتبرها واشنطن جماعات إرهابية".
ويتناسق الطرح هذا مع ما كشفه مؤخراً بيان الخارجية الأمريكية عقب اتصال أجراه الوزير ماركو روبيو مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الذي أبلغه "قلق الولايات المتحدة البالغ" إزاء مشروع قانون هيئة الحشد الشعبي المعروض حالياً على مجلس النواب، وأكد أن أي "تشريع من هذا القبيل من شأنه أن يُرسخ النفوذ الإيراني والمجموعات الإرهابية المسلحة، وهو الأمر الذي يقوض سيادة العراق".
ويأتي هذا الجدل بعد نحو تسع سنوات من إقرار البرلمان العراقي لقانون الحشد الشعبي لأول مرة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، والذي جاء حينها كرد فعل على اجتياح تنظيم داعش للموصل ومناطق واسعة من العراق. غير أن القانون السابق افتقر إلى التفصيلات التنظيمية، الأمر الذي دفع بعض الأطراف إلى الدفع باتجاه تعديل شامل يحدّد بوضوح موقع الحشد ضمن المنظومة الأمنية.
يُذكر أن الحشد تأسس بقرار حكومي منتصف 2014 استجابة لفتوى "الجهاد الكفائي" التي أطلقها المرجع الأعلى علي السيستاني عقب سقوط الموصل. وقد تدفقت على إثرها آلاف العناصر من فصائل شيعية مسلحة، بعضها كان موجوداً قبل الفتوى.