شفق نيوز- بغداد
كشف الخبير الاقتصادي أحمد عبد ربه، يوم الاثنين، عن تداعيات قرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بإلغاء العقد النفطي مع العراق، مؤكداً أن هذه الأزمة كشفت عن "خلل هيكلي" في منظومة تصدير النفط العراقي.
وقال عبد ربه، لوكالة شفق نيوز، إن "قرار تركيا بعدم استئناف ضخ النفط العراقي عبر خط أنبوب جيهان يعكس تحولاً عميقاً في منهج أنقرة تجاه الالتزامات الدولية، ويُظهر تصعيداً مدروساً في إطار العلاقة المعقدة بين بغداد وأنقرة، خاصة في ظل رفض تركيا تنفيذ حكم غرفة التجارة الدولية الذي قضى بدفع تعويضات مالية للعراق تبلغ 1.5 مليار دولار".
وبين أن "تركيا تتعامل مع هذا الملف انطلاقاً من موقع قانوني يمنحها هامشاً للمناورة، مستندة إلى قرب انتهاء الاتفاقية النفطية الثنائية في عام 2026، وهو ما يمنحها مبررات لعدم الالتزام الفوري بالحكم، دون أن يُعفيها من التزاماتها الأخلاقية والدبلوماسية".
وأضاف أن "هذا التعطيل ألقى بظلاله على صادرات نفط إقليم كوردستان وحقول كركوك، والتي توقفت منذ عام 2023، ما تسبب بخسائر مباشرة وخفض القدرة التصديرية للعراق".
وأكد عبد ربه أن "هذه الأزمة كشفت عن خلل هيكلي في منظومة تصدير النفط العراقي، حيث باتت البلاد تعتمد بنسبة تفوق 90% على موانئ البصرة الجنوبية، وهو ما يزيد من الضغط على البنية التحتية، ويجعل العراق أكثر عرضة للمخاطر الفنية والسياسية في حال حدوث أي طارئ في الجنوب".
وتابع أن "غياب البدائل الجاهزة وضع العراق أمام تحدٍ خطير يتعلق بمرونة صادراته واستقراره الاقتصادي على المدى المتوسط، كما أن التعامل مع هذا الملف يتطلب رؤية شاملة تبدأ من توحيد الصف الداخلي عبر التنسيق مع حكومة إقليم كوردستان وتفعيل الاتفاقات القائمة مع شركة سومو، مروراً بتسريع العمل على خطوط التصدير البديلة مثل أنبوب النفط العراقي الأردني، وخط سوميد المصري، إلى جانب تعزيز طاقة الاستيعاب في موانئ البصرة".
وشدد عبد ربه على "أهمية استخدام مشروع طريق التنمية كورقة تفاوضية، عبر ربط التعاون الاقتصادي مع تركيا بالتزامها القانوني تجاه العراق".
وختم الخبير في الشؤون الاقتصادية قوله إن "اللحظة الحالية قد تشكل منعطفاً مهماً في مستقبل السياسة النفطية العراقية، فإذا أحسنت بغداد استغلالها، يمكن أن تتحول من أزمة عابرة إلى فرصة لبناء منظومة طاقة أكثر تنوعاً واستقلالية وغير أن ذلك يبقى رهاناً بوجود موقف سياسي موحد ورؤية اقتصادية ذكية تدرك أن الجغرافيا وحدها لا تصنع النفوذ، بل تُبنى القوة من حسن إدارة الأزمات وتحويلها إلى مكاسب إستراتيجية".
وفي خطوة اعتبرت تحولاً إستراتيجياً في ملف الطاقة بين بغداد وأنقرة بعد أكثر من خمسة عقود من السريان، جاء إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، رسمياً إنهاء الاتفاق النفطي الموقع مع العراق منذ عام 1973، الخاص بخط أنابيب تصدير النفط الخام من حقول كركوك إلى ميناء جيهان.
وبينما يُعلن عن نهاية اتفاق "تاريخي" بين البلدين تبقى الذاكرة مرتبطة بعقبات وتحديات واجهها هذا الخط، خصوصاً من حيث الخسائر الاقتصادية التي تكبدها العراق بفعل الهجمات وأعمال التخريب، والتي تسببت بفقدان ملايين البراميل من صادراته بين 2004 و2015.
ويُتوقع أن تكون المرحلة المقبلة مفتوحة أمام مفاوضات جديدة، ترسم شكل التعاون بين بغداد وأنقرة في ملفات الطاقة، وسط حديث متزايد عن تحولات كبرى في طرق تصدير النفط ومشاريع الموانئ والممرات الإستراتيجية.