آخر الأخبار

الأوسع بتاريخها.. رصد 30 مليار دينار لإعادة إحياء "هوية" كركوك

شارك

شفق نيوز – كركوك

أعلنت مفتشية الآثار والتراث في محافظة كركوك، يوم الجمعة، عن إطلاق أكبر وأوسع مشروع في تاريخ المدينة لإعمار اثنين من أبرز معالمها التاريخية، هما قلعة كركوك والقشلة التراثية، بتمويل حكومي يبلغ 30 مليار دينار عراقي، وذلك ضمن جهود حماية الهوية الحضارية للمدينة وإنعاش القطاع السياحي فيها .

يُذكر أن قلعة كركوك تُعد من أقدم المواقع الأثرية في شمال العراق، ويعود تاريخها إلى أكثر من ثلاثة آلاف عام، حيث تعاقبت عليها حضارات الآشوريين، البابليين، الساسانيين، والعثمانيين، فيما شيّدت القشلة في العهد العثماني لتكون مقراً إدارياً وعسكرياً، وما زالت تحافظ على طابعها العمراني رغم عوامل الزمن والإهمال .

وقال مدير دائرة الآثار في كركوك، رائد عكلة العبيدي، لوكالة شفق نيوز، إن المشروع يأتي بعد استحصال كافة الموافقات الأصولية من وزارة الثقافة والسياحة والآثار، التي شددت على ضرورة إحالة أعمال التأهيل إلى شركة متخصصة ذات خبرة رصينة في ترميم المباني التاريخية، لضمان الحفاظ على الطابع المعماري والأثري للقلعة دون المساس بمكوناتها الأصلية من أقواس وزخارف ونقوش عمرانية .

وأوضح العبيدي، أن الشركات التي قدمت عروضها لتنفيذ المشروع تنتمي إلى جنسيات تركية وعراقية ومصرية، مشيراً إلى أن اللجنة الفنية المشرفة على أعمال الإعمار ستدرس العروض المقدمة لاختيار الأنسب منها، بما يضمن تنفيذ المشروع وفق المعايير الدولية المعتمدة في مجال صيانة وحفظ المباني التاريخية .

وأضاف أن مفتشية الآثار والتراث في كركوك أنجزت جميع الكشوفات الفنية والهندسية الخاصة بمبنى القشلة، وتم إرسالها إلى الوزارة في بغداد لغرض تخصيص المبالغ المطلوبة لإعادة تأهيلها واستثمارها سياحيًا، مؤكداً أن تمويل المشروع سيُستقطع من مخصصات الطوارئ، وفق ما أكده وزير الثقافة خلال الاجتماعات الأخيرة مع إدارات الآثار في المحافظات .

وأشار العبيدي، إلى أن جميع المتطلبات الفنية والإدارية المتعلقة بمشروع إعمار القلعة قد أُنجزت، مبيناً أن خطة التأهيل تشمل مجموعة من المعالم المهمة داخل القلعة، منها: الكنيسة، الجوامع، المدارس الدينية، البيوتات التراثية، بوابات القلعة وسورها، إضافة إلى "القبة الخضراء"، لافتاً إلى أن هذه المواقع بحاجة إلى صيانة تتراوح نسبتها بين 40 إلى 70%، بحسب التقديرات الفنية الأخيرة .

من جانبه، ذكر مدير سياحة كركوك، سرمد محمد جميل، للوكالة، أن "قلعة كركوك والقشلة التراثية ليستا مجرد مبانٍ حجرية قديمة، بل تمثلان هوية كركوك الثقافية والتاريخية وموروثها الحضاري الذي يعكس تعاقب الحضارات على هذه المدينة، من السومريين والآشوريين والبابليين، وصولاً إلى الدولة العثمانية ".

وأضاف أن "نجاح هذا المشروع سيُسهم بشكل مباشر في إنعاش القطاع السياحي في كركوك، عبر استقطاب السياح والمهتمين بالتاريخ من داخل العراق وخارجه"، مشيراً إلى أن وزارة الثقافة والسياحة تتطلع لأن تكون هذه المواقع مراكز جذبٍ ثقافي وسياحي، خاصة بعد استكمال تأهيلها وتوفير البنية التحتية اللازمة لاستقبال الزائرين .

وأوضح جميل، أن استثمار هذه المعالم التراثية في المجال السياحي سيعيد لكركوك مكانتها التاريخية، ويفتح المجال أمام إقامة مهرجانات ثقافية ومعارض فنية وأسواق تراثية داخل أسوار القلعة والقشلة، ما ينعكس إيجاباً على الحركة الاقتصادية ويخلق فرص عمل جديدة في المحافظة .

من جهته، أبلغ أستاذ التاريخ والمختص الأكاديمي علي شاكر، وكالة شفق نيوز، بأن "قلعة كركوك والقشلة تعدّان من أبرز معالم الذاكرة الجمعية للمدينة، ومن شأن تأهيلهما وفق المعايير الدولية أن يُعيد للمدينة جزءًا من بريقها الحضاري المفقود"، مبيناً أن "هذه المعالم ليست حجارة صامتة، بل شاهدة على التعايش بين قوميات كركوك وأديانها، وهي جزء من الهوية الثقافية التي لا يمكن التفريط بها ".

وتابع شاكر بالقول إن "القشلة على وجه الخصوص، بما تحمله من طابع معماري عثماني مميز، يمكن استثمارها كمركز ثقافي، متحف، أو مزار سياحي يربط الأجيال الجديدة بتاريخ مدينتهم، وهذا من شأنه أن يسهم في رفع وعي المجتمع بأهمية التراث ".

وفي الوقت الذي يشدد فيه الأكاديميون والخبراء في الآثار على أهمية هذا المشروع، يرى مختصون في القطاع السياحي أن نجاح إعادة إحياء هذه المواقع سيسهم في إنعاش الاقتصاد المحلي، وتحفيز السياحة الثقافية، وخلق فرص عمل جديدة، وتعزيز الهوية الوطنية .

مصدر الصورة
شفق نيوز المصدر: شفق نيوز
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا