آخر الأخبار

بهجمات ليلية.. خنازير "أوراسية" تغزو مدينة عراقية

شارك

شفق نيوز – كركوك

في مشهد يتكرر كل موسم زراعي، يعيش مزارعو جنوب محافظة كركوك حالة من القلق والانزعاج نتيجة الانتشار المتزايد لقطعان الخنازير البرية التي باتت تُدمّر المحاصيل وتقض مضاجع الفلاحين، وسط غياب المعالجات الرسمية.

هجمات مفاجئة

وفي ناحية الرياض الواقعة جنوب غرب كركوك، وقف المواطن عبدالله خلف العبيدي أمام مزرعته التي بدت عليها آثار الحرث العشوائي والتخريب، يقول العبيدي لمراسل وكالة شفق نيوز: "تعرضت مزرعتي لدمار كامل بعد اجتياحها من قبل قطيع من الخنازير البرية، التي قلبت التربة واقتلعت النباتات وأتلفت كل ما زرعناه بجهد شهور طويلة."

ويضيف ان "هذه الحيوانات لا تميّز بين المواسم، ولا تتأثر بالحواجز أو الكمائن البدائية، فهي تهاجم في الليل، وتفرّ في النهار، وتتحرك بمجاميع يصعب إيقافها."

من جانبه، يقول المواطن علي بيشرلي من منطقة تازة خورماتو (30 كم جنوب كركوك): "هناك تكاثر كبير في أعداد الخنازير البرية في محيط تازة، وخلال عملنا اليومي في الحقول، نتعرض باستمرار لهجمات مفاجئة منها، نقتل أحياناً واحدة أو اثنتين، لكنها تسير في مجموعات كبيرة وتعود من جديد، وخصوصًا ليلاً."

ويذكر ان "الخطر ليس فقط على المزروعات، بل على سلامة الناس أيضاً، خصوصاً في المناطق القريبة من البساتين والمزارع."

تدخل حكومي

وفي تعليق رسمي على تصاعد الشكاوى، قال مدير دائرة زراعة كركوك، عصام سلمان للوكالة، ان "دائرتنا تلقت بالفعل بلاغات ومعلومات من المزارعين في جنوب كركوك عن زيادة كبيرة في أعداد الخنازير، ونعمل حالياً بالتنسيق مع الفلاحين والجهات الحكومية لإيجاد طرق لحمايتهم وضمان سلامة أراضيهم ومزروعاتهم."

وأكد سلمان، أن "الخنازير تشكل خطراً حقيقياً على القطاع الزراعي، وتتسبب بخسائر كبيرة للمزارعين عند اقتحام أراضيهم وتخريب محاصيلهم"، مشيراً إلى أن "الدائرة تسعى لوضع خطة عاجلة للقضاء على هذه الظاهرة".

خسائر كبيرة

والخنازير البرية باتت تمثل تهديداً حقيقياً للأمن الغذائي في المنطقة، حيث يعتمد السكان المحليون على الزراعة كمصدر رئيسي للدخل، ومع تصاعد الأضرار، يُشير فلاحون إلى غياب دور وزارة الزراعة ودوائر البيئة والصحة الحيوانية في احتواء هذه الظاهرة.

ويؤكد المزارع حميد العبيدي من ناحية الرشاد: "خسائرنا تتزايد، والجهات المعنية لا تملك خطة واضحة للتعامل مع الخنازير، لا مبيدات ولا حملات إبادة، ولا حتى تعويضات للمتضررين."

ويرى المزارعون أن الحل الوحيد حالياً هو تدخل أمني منظم، بالتنسيق مع دوائر الزراعة والبيئة، للقيام بعمليات تطويق أو إبادة جماعية مدروسة تحت إشراف مختصين.

ويطالب عدد من أهالي قرى تازة والرياض والرشاد بتشكيل فرق مشتركة من الشرطة والبيطرة والصحة البيئية، تقوم بمسح المناطق المتضررة، ووضع خطة للحد من تكاثر هذه الحيوانات ومخاطرها.

من جهته يقول الخبير البيئي انس عبد الجبار في حديث لوكالة شفق نيوز، ان "الخنازير البرية تتكاثر بسرعة في البيئات غير المستقرة، خصوصاً مع تراجع دور الإنسان في تنظيم الطبيعة بعد الحروب وتهجير السكان، القضاء عليها يتطلب تدخلًا علميًا، يشمل فهم مواسم تكاثرها، وتوفير حلول دائمة مثل بناء سياجات طبيعية أو مصائد ذكية."

وتُعد أزمة انتشار الخنازير البرية في جنوب كركوك مثالاً صارخًا على ضعف الإدارة البيئية في بعض المناطق الزراعية، إذ لا تتعلق المشكلة فقط بخسائر مالية، بل تتجاوز ذلك إلى تهديد منظومة الأمن الزراعي وصحة المجتمع المحلي.

الخنزير الاوراسي هو الاخطر

وفي هذا السياق، قال الباحث والأكاديمي عمار حسن، إن "الخنازير البرية التي تنتشر في مناطق جنوب كركوك تُعد من الأنواع الغازية والخطرة بيئياً، إذ لا تقتصر أضرارها على القطاع الزراعي فقط، بل تمتد إلى تهديد التنوع البيئي ونقل أمراض مشتركة بين الإنسان والحيوان".

وأضاف حسن للوكالة، أن "هذا النوع، المعروف بالخنزير البري الأوراسي (Sus scrofa)، يتكاثر بسرعة كبيرة، ولا يوجد له في العراق اليوم مفترس طبيعي حقيقي، ما جعله يخرج عن السيطرة في بعض المناطق".

وأكد أن "غياب خطة بيئية وطنية لمعالجة تكاثر هذا الحيوان، وترك الفلاحين يواجهونه بوسائل بدائية، قد يقود إلى انهيار الإنتاج الزراعي المحلي في بعض القرى خلال السنوات المقبلة، خاصة مع تفاقم تأثيرات التغير المناخي وانحسار مصادر المياه".

وطالب الخبير البيئي الجهات الحكومية في وزارات البيئة والزراعة والداخلية بـ"وضع آلية تدخل مشتركة ومدروسة علمياً لمواجهة الظاهرة، تتضمن حملات تطويق، ورصد بيئي، واستخدام تقنيات مراقبة حديثة للحد من انتشاره".

مصدر الصورة
شفق نيوز المصدر: شفق نيوز
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا